للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَذَانُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَإِنَّمَا سُنَّ الْأَذَانُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ انْتَهَى حُكْمُهُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى وَالتَّقْيِيدُ بِانْصِرَافِهِمْ يَقْتَضِي سَنَّ الرَّفْعِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ خَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ لِهَذَا لِنَظَرٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِوُقُوعِ جَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْأَذَانُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْتَهِ حُكْمُهُ وَذِكْرُ الْمَسْجِدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ

(وَتُقِيمُ الْمَرْأَةُ) لَهَا وَلِلنِّسَاءِ نَدْبًا (وَلَا تُؤَذِّنُ) أَيْ لَا يُنْدَبُ أَذَانُهَا لَهَا وَلَا لَهُنَّ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ رَفْعِهَا الصَّوْتَ بِهِ الْفِتْنَةُ (فَإِنْ أَذَّنَتْ) لَهَا أَوْ لَهُنَّ (سِرًّا لَمْ يُكْرَهْ) وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ جَهْرًا) بِأَنْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ (حَرُمَ) كَمَا يَحْرُمُ تَكَشُّفُهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ يُفْتَتَنُ بِصَوْتِهَا كَمَا يُفْتَتَنُ بِوَجْهِهَا أَوْ اسْتَشْكَلَ بِجَوَازِ غِنَائِهَا عِنْدَ اسْتِمَاعٍ لِرَجُلٍ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَالْأَذَانُ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ فَلَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ بِاسْتِمَاعِ مَا يَخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَمَّا أَذَانُهَا لِلرِّجَالِ أَوْ لِلْخَنَاثَى فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

(وَيُنَادَى لِجَمَاعَةِ) صَلَاةِ (الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ) وَالْوِتْرِ حَيْثُ يُسَنُّ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) لِوُرُودِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَالْجُزْءَانِ مَنْصُوبَانِ الْأَوَّلُ بِالْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي بِالْحَالِيَّةِ أَيْ اُحْضُرُوا الصَّلَاةَ أَوْ الْزَمُوهَا حَالَةَ كَوْنِهَا جَامِعَةً وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَرَفْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَنَصْبُ الْآخِرِ عَلَى الْإِغْرَاءِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَالِيَّةِ فِي الثَّانِي وَكَالصَّلَاةَ جَامِعَةً الصَّلَاةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (لَا لِجِنَازَةٍ) وَمَنْذُورَةٍ وَنَافِلَةٍ لَا تُسَنُّ جَمَاعَةً كَالضُّحَى أَوْ صُلِّيَتْ فُرَادَى فَلَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُ الْجِنَازَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْجِنَازَةُ فَلِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ لَهَا حَاضِرُونَ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَامِ (وَإِنْ وَالَى بَيْنَ فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى) فَقَطْ (وَأَقَامَ لِلْكُلِّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا جَاءَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا مُعْتَضِدٌ بِخَبَرٍ فِي مُسْلِمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهَا أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلٍّ (وَلَوْ أَتْبَعَهَا) أَيْ الْفَائِتَةَ (بِحَاضِرَةٍ بِلَا فَصْلٍ) طَوِيلٍ (لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ الْأَذَانَ لِلْحَاضِرَةِ (إلَّا إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا) فَيُعِيدُهُ لِلْإِعْلَامِ بِوَقْتِهَا (وَيُؤَذَّنُ لِلْأُولَى فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ (فِي جَمْعِ تَقْدِيمٍ أَوْ) جَمْعِ (تَأْخِيرٍ) وَالَى فِيهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَرَوَيَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ» وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَفِظَ الْإِقَامَةَ وَقَدْ حَفِظَ جَابِرٌ الْأَذَانَ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَبِأَنَّ جَابِرًا اسْتَوْفَى أُمُورَ حَجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتْقَنَهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ

(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. (وَكَلِمَاتُهُ) مَعَ كَلِمَاتِهَا (مَشْهُورَةٌ) وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهِ بِالتَّرْجِيعِ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهَا إحْدَى عَشْرَةَ (فَإِنْ زَادَ) الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ شَيْئًا (مِنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا (أَوْ مِنْ ذِكْرٍ آخَرَ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ) بِغَيْرِ الْأَذَانِ (أَوْ قَالَ اللَّهُ الْأَكْبَرُ أَوْ لُقِّنَ الْأَذَانَ لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَقَوْلُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَيَفْتَحُ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ (الرَّاءَ فِي الْأُولَى) مِنْ لَفَظَّتَيْ التَّكْبِيرِ (وَيُسَكِّنُ) هَا (فِي الثَّانِيَةِ) لِلْوَقْفِ وَفَتْحُهَا فِي الْأُولَى هُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ قَالَ لِأَنَّ الْأَذَانَ سُمِعَ مَوْقُوفًا فَكَانَ الْأَصْلُ إسْكَانَهَا لَكِنْ لَمَّا وَقَعَتْ قَبْلَ فَتْحَةِ هَمْزَةِ اللَّهِ الثَّانِيَةِ فُتِحَتْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الم - اللَّهُ} [آل عمران: ١ - ٢] وَقَالَ الْهَرَوِيُّ عَوَامُّ النَّاسِ عَلَى رَفْعِهَا وَمَا قَالَهُ هُوَ الْقِيَاسُ وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُبَرِّدُ مَمْنُوعٌ إذْ الْوَقْفُ لَيْسَ عَلَى أَكْبَرِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ مِيمٍ مِنْ الم كَمَا لَا يَخْفَى (قَارِنًا) فِي الْأَذَانِ (بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ) بِصَوْتٍ لِخِفَّتِهِمَا (وَيُفْرِدُ بَاقِيَ الْكَلِمَاتِ) أَيْ كُلًّا مِنْهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَوْ يُوهِمَ الْجِيرَانَ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِوُقُوعِ جَمَاعَةٍ إلَخْ) هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ

(قَوْلُهُ وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ حَرُمَ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ وَأَنْ لَا يَكُونَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُفْتَتَنُ بِصَوْتِهَا إلَخْ) وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بِخِلَافِ الْغِنَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ النِّسَاءِ وَفَارَقَ الرَّفْعُ هُنَا الرَّفْعَ فِي التَّلْبِيَةِ بِأَنَّ الْإِصْغَاءَ إلَيْهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ ز (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْغِنَاءَ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَالْأَذَانَ عِبَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا تَعَاطِيهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَعَاطِي الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ وَبِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ حَالَةَ الْأَذَانِ فَلَوْ اسْتَحْبَبْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأُمِرَ السَّامِعُ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ وَلِأَنَّ الْغِنَاءَ مِنْهَا إنَّمَا يُبَاحُ لِلْأَجَانِبِ الَّذِينَ يُؤْمَنُ افْتِنَانُهُمْ بِصَوْتِهَا وَالْأَذَانُ مَشْرُوعٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْأَمْنِ مِنْ الِافْتِتَانِ فَمُنِعَتْ مِنْهُ وَبِأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ يُنَاسِبُ الْغِنَاءَ دُونَ الْعِبَادَاتِ كَمَا أَنَّ الدُّفَّ يُنَاسِبُ الْغِنَاءَ دُونَ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ

(قَوْلُهُ الصَّلَاةَ جَامِعَةً) يَنُوبُ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَالصَّلَاةَ وَهَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَوْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ شَيْخُنَا فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ تَبَعًا لِلدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يُعِدْهُ إلَّا أَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا) لَا سَبِيلَ إلَى تَوَالِي أَذَانَيْنِ إلَّا فِي هَذِهِ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ الْمُؤَدَّاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَأَذَّنَ لَهَا وَصَلَّاهَا ثُمَّ دَخَلَتْ فَرِيضَةٌ أُخْرَى

[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً) رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْأَذَانُ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْأَذَانِ) كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ أَوْ لُقِّنَ الْأَذَانَ لَمْ يَضُرَّ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْأَذَانِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ قُلْنَا تُشْتَرَطُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ وَجْهًا فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ قَصْدُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ فَقَالَ وَإِذَا عَلَّمَ رَجُلٌ رَجُلًا الْأَذَانَ فَفَعَلَ وَهُوَ لَا يَقْصِدُ الْأَذَانَ الْمَسْنُونَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ ز (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ز (قَوْلُهُ وَيُسَكِّنُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْوَقْفِ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مُعْرَبٍ إذَا وُصِلَ بِمَا بَعْدَهُ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهُ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إلَى الرَّاءِ فَفُتِحَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>