للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَإِذَا أَسْلَمَ) الْمَالَ (الْمُعَيَّنَ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ وَلَوْ مِثْلِيًّا (جُزَافًا أَوْ كَانَ) رَأْسُ الْمَالِ (جَوْهَرَةً) مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ (صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي الْجَوْهَرَةِ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ صِفَتِهِ وَلَا قَدْرِهِ سَوَاءٌ السَّلَمُ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ الْقَدْرَ وَالْقِيمَةَ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا أَمْ لَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ أَحَبَّ الْقَوْلَيْنِ إلَيْهِ الِاشْتِرَاطُ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا إذَا اتَّفَقَ فُسِخَ وَتَنَازَعَا (فِي قَدْرِهِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ

(الشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا) لِأَنَّهُ الَّذِي وُضِعَ لَهُ لَفْظُ السَّلَمِ (فَإِنْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك أَلْفًا فِي هَذَا) الْعَبْدِ مَثَلًا (أَوْ) أَسْلَمْت إلَيْك (هَذَا) الْعَبْدَ (فِي هَذَا) الثَّوْبِ (فَلَيْسَ بِسَلَمٍ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ (وَلَا بَيْعًا) لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَرْجِيحٍ اعْتِبَارًا لِلَّفْظِ وَقَدْ يُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى إذَا قَوِيَ كَتَرْجِيحِهِمْ فِي الْهِبَةِ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ انْعِقَادُهَا بَيْعًا وَالصُّورَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ) أَوْ وَلَا ثَمَنَ لِي عَلَيْك (فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ بِرَفْعِ آخِرِهَا أَوَّلَهَا (وَهَلْ يَضْمَنُهُ) الْقَابِلُ (بِالْقَبْضِ وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ ضَمِنَ أَوْ الْمَعْنَى فَلَا (أَوْ) قَالَ (بِعْتُك وَسَكَتَ) عَنْ الثَّمَنِ فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَإِذَا قَبَضَ الْقَابِلُ الْمَبِيعَ (ضَمِنَهُ) فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَالسَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) الْخَالِي عَنْ لَفْظِ السَّلَمِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِي فَقَالَ بِعْتُك (بِيعَ) نَظَرًا لِلَّفْظِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ سَلَمٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْهُ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالْمُخْتَارُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَاللَّفْظُ لَا يُعَارِضُهُ إذْ كُلُّ سَلَمٍ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ كُلَّ صَرْفٍ بَيْعٌ فَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَى السَّلَمِ إطْلَاقٌ عَلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ (لَكِنْ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ) فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ) فَلَا يَجِبُ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ ذَلِكَ

(فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا) كَالْمُؤَجَّلِ وَأَوْلَى لِبُعْدِهِ عَنْ الْغَرَرِ وَلَا مَانِعَ وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» أَيْ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْمَعْنَى فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَكِيلًا وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَوْزُونًا بِدَلِيلِ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ (وَمُؤَجَّلًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَوْ أُطْلِقَ) عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (فَهُوَ حَالٌّ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَعْدُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَلَوْ أَلْحَقَا بِهِ أَجَلًا فِي الْمَجْلِسِ لِحَقٍّ أَوْ ذَكَرَا أَجَلًا ثُمَّ أَسْقَطَاهُ فِي الْمَجْلِسِ سَقَطَ أَوْ حَذَفَا فِيهِ الْمُفْسِدَ لَمْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ]

قَوْلُهُ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ) وَقِيلَ لَا تَكْفِي رُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فَإِنْ عِلْمَاهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ حَصَلَ الْعِلْمُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْعِلْمَ هُنَاكَ لِدَفْعِ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ وَهُنَا لِأَجْلِ مَا يَرُدُّ عِنْدَ الْفَسْخِ فَكَانَ أَخَفَّ

(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ جُزْءَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا) قَالَ شَيْخُنَا لَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ الدَّيْنِيَّةُ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالرَّسْمِ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالضَّابِطُ الْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّفْظَ إنْ كَانَ مُتَهَافِتًا بِحَيْثُ يُنَاقِضُ آخِرُهُ أَوَّلَهُ كَبِعْتُ بِلَا ثَمَنٍ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعًا قَطْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَهَافِتًا وَلَكِنْ كَانَ اللَّفْظُ قَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى خَاصٍّ فَإِذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلَا نَنْظُرُ إلَى الْمَعْنَى عَلَى الْأَصَحِّ كَأَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ سَلَمًا لِفَقْدِ شَرْطِ الدَّيْنِيَّةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلَا بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ لِاشْتِهَارِ لَفْظِ السَّلَمِ فِي بُيُوعِ الذِّمَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ كَوَهَبْتُكَ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى أَرْجَحَ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الصِّيغَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَعْنَى تَابِعٌ كَاشْتَرَيْتُ مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِيمَانِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ يَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ تَأْجِيلِهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَمَّا إنَّهُ مُثَمَّنٌ وَلَيْسَ بِثَمَنٍ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ هُوَ النَّقْدُ فَهُوَ الدَّرَاهِمُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ فَكَذَلِكَ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفِ لَهُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّوْبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كَلَامُهُمَا فِي الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَقَدْ عُلِمَ مَا ذَكَرْته مِنْ تَصْوِيرِهِ بِإِيرَادِهِ الشِّرَاءَ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَإِدْخَالِهِ الْبَاءَ فِي الدَّرَاهِمِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مَبِيعٌ وَأَنَّ الدَّرَاهِمَ ثَمَنٌ

[فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا]

(قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ) خَرَّجَ بِهِ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِ الرَّقِيقِ فِي الْحَالِ عَنْ الْحَالِّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا اشْتَرَطَ فِيهِ التَّأْجِيلَ كَالْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ غَيْرُهُمَا وَفَائِدَةُ الْعُدُولِ مِنْ الْبَيْعِ إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ أَنَّ الْمَالَ رُبَّمَا لَا يَكُونُ حَاضِرًا مَرْئِيًّا فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْإِحْضَارِ وَالرُّؤْيَةِ يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَخَّرَ فَيَفُوتُهُ الْمُشْتَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>