للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرَاهَةُ بَيْعِهِ) لِأَنَّهُ ابْتِذَالٌ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِيهِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَيْعُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكُتُبِ الْحَدِيثِ (وَيُكْرَهُ غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ) بِسِينَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ وَبِلَامٍ فِي آخِرٍ وَهُوَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْقِيمَةَ (وَالشِّرَاءُ مِنْ مُضْطَرٍّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكْرَهُ فَيَصِحُّ إنْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ وَإِلَّا فَلَا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ يُبَاعُ مَالُهُ فِيهَا بِالْوَكْسِ أَيْ النَّقْصِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُبَاعَ مِنْهُ (وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَانَ) بِهِبَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ اسْتِمْهَالِ رَبِّ الدَّيْنِ (وَلَا يَصِحُّ إفْرَادُ مَاءِ بِئْرٍ وَنَهْرٍ) وَعَيْنٍ بِالْبَيْعِ (دُونَ مَكَانِهِ) لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ مَكَانِهِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شُرْبِهَا مِنْ مَاءٍ فِي نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ التَّخْلِيصِ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَاءِ وَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَخَالَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ ثَمَّ فَجَزَمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مُجْتَمِعًا صَحَّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا وَتَابَعَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمِنْ الْمَنَاهِي النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَعَنْ بَيْعِ مَا فِيهِ عَيْبٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ

(بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْ الدَّوَامِ أَوْ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَسَتَعْرِفُهَا كُلَّهَا مِنْ كَلَامِهِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ عَيْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) بِاخْتِلَاطٍ أَوْ بِدُونِهِ (صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ فِي الْمِثْلِيِّ و) فِي (الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (عَلَى الْإِجْزَاءِ وَفِي غَيْرِهِمَا) مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ (بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَإِذَا بَطَلَ) الْعَقْدُ (فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْتِدَاءً) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَلَالًا أَيْ قَابِلًا لِلْعَقْدِ وَالْآخَرُ حَرَامًا أَيْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ (وَلَهُ قِيمَةٌ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ صَحَّ فِي عَبْدِهِ بِالْقِسْطِ) مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وَزَّعَ عَلَى قِيمَتِهِمَا وَبَطَلَ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ كَالثَّوْبِ وَالشِّقْصِ وَمِنْ الْعَقَارِ فِي الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ فَالْعَدْلُ التَّصْحِيحُ فِي الصَّحِيحِ وَقَصْرُ الْفَسَادِ عَلَى الْفَاسِدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ وَفَاسِقٌ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ كَالْحُرِّ وَالْخِنْزِيرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِالْقِسْطِ وَبِقَدْرِ الْحُرِّ رَقِيقًا وَالْخِنْزِيرِ شَاةً كَمَا سَيَأْتِي وَمَثَّلَ بِهِمَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ تَقْوِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ كَالْحُرِّ وَمَا لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيرِ تَغَيُّرِهَا كَالْخِنْزِيرِ.

وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مَجْهُولًا لِيَتَأَتَّى التَّقْسِيطُ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي وَعَبْدًا آخَرَ بَطَلَ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَمَحَلُّ التَّقْسِيطِ إذَا كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا كَالدَّمِ فَيُظْهِرَانِ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ (وَجَوَازُ تَفْرِيقِهَا) أَيْ الصَّفْقَةِ (فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ أَوْلَى) مِنْهُ فِي الْبَيْعِ إذْ لَا عِوَضَ فِي الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالْجَهْلِ وَالثَّالِثُ لَا يَتَأَثَّرُ بِجَهْلِ الْعِوَضِ (فَإِذَا زَوَّجَ أُخْتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً أَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً لَزِمَ) فِيهِمَا (مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْأُخْتِ وَالْمُسْلِمَةِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ الشَّرْعِيُّ وَالْمُسَمَّى لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ خَمْسَ نِسْوَةٍ) لَيْسَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا (بَطَلَ الْعَقْدُ) فِي الْجَمِيعِ (لِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْخَمْسِ فَالْإِبْطَالُ فِي وَاحِدٍ وَالتَّصْحِيحُ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ فَيَسْتَثْنِي ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ وَمَا إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِيهِ كَرَاهَةَ شِرَائِهِ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ إلَى بَيْعِهِ كُرِهَ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ النَّصُّ لِأَنَّهُ كَالْكَرَاهَةِ فِيهِ وَإِنْ بَاعَهُ لِحَاجَةٍ لِدَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْأَصَحُّ كَرَاهَةُ الْبَيْعِ دُونَ الشِّرَاءِ

[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

(بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) (قَوْلُهُ وَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ فِي الْمِثْلِيِّ إلَخْ) أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِالْقِسْطِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الْخَلَّيْنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَيْنِ كَهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدَ وَالْحُرَّ أَوْ هَذَا الْخَمْرَ وَالْخَلَّ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْبُطْلَانُ جَزْمًا وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ رَقِيقًا إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّا لَا نَرْجِعُ إلَى تَقْوِيمِ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى إخْبَارِ الْكُفَّارِ فِي الْقِيَمِ كَمَا لَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمْ فِي التَّأْجِيلِ بَعِيدٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمْ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِيهِ تَقْدِيرَ الْخَمْرِ بِالْخَلِّ دُونَ الْعَصِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ عَصِيرًا وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ خَلًّا فَكَانَ التَّقْدِيرُ بِهِ أَوْلَى.

وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الْوَصِيَّةِ النَّظَرَ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّقْوِيمِ لِصِحَّتِهَا بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ فَاكْتُفِيَ بِهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الصَّدَاقِ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا عِنْدَ أَهْلِهِمَا لِمَعْرِفَةِ الزَّوْجَيْنِ الْقِيمَةَ عِنْدَ أَهْلِهَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا فَالرُّجُوعُ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى قَوْلِهِمَا لَا إلَى قَوْلِ الْكَفَرَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْجَارِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي تَقْدِيرِ الْخِنْزِيرِ فَيَنْزِلُ عَلَى الْحَالَيْنِ فَحَيْثُ كَانَ فِي حَدِّ الشَّاةِ قُوِّمَ بِشَاةٍ وَحَيْثُ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ الشَّاةِ اُعْتُبِرَ بِبَقَرَةٍ تُقَارِبُهُ فَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرَةٌ وَفِي الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْخَمْرَ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا لَا خَلًّا لِأَنَّ مَجِيءَ الْعَصِيرِ مِنْ الْخَمْرِ مُسْتَحِيلٌ أَوْ التَّقْدِيرُ لِيَرْهَنَهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَحِيلِ دُونَ الْمُمْكِنِ. اهـ. وَهُوَ تَمَحُّلٌ فس (قَوْلُهُ فَيُظْهِرَانِ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ إلَخْ) وَمَا إذَا وَكَّلَ فِي إجَارَةِ دَارٍ مُدَّةً فَزَادَ الْوَكِيلُ عَلَيْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ أَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (قَوْلُهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحِلِّ الدَّيْنِ) قَالَ شَيْخُنَا سَوَاءُ كَانَ عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا وَمِثْلُ ذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>