وَكَذَا الْمُسْتَأْجَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ أَمَّا غَيْرُ الْحُرَّيْنِ الْكَامِلَيْنِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (تَجَاذَبَا حَبْلًا) لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا، وَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَهُدِرَ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ الْآخَرِ سَوَاءٌ أَسَقَطَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَقِلَّيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا كَذَا وَالْآخَرُ كَذَاك (فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لَهُمَا (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِإِرْخَاءِ الْآخَرِ) الْحَبْلَ (فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ) ، وَهُدِرَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ لِأَحَدِهِمَا) وَالْآخَرُ ظَالِمٌ (فَالظَّالِمُ هَدَرٌ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَالِكِ وَالْمَجْنُونَانِ وَالصَّبِيَّانِ) وَالْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ فِي اصْطِدَامِهِمَا (كَالْكَامِلَيْنِ) فِيهِ (إنْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَكَذَا لَوْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ لِمَصْلَحَتِهِمَا) ، وَكَانَا مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ إذْ لَا تَقْصِيرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَيُشْبِهُ أَنَّ الْوَلِيَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ خَاصٍّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمْ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ وَلِيُّ الْحَضَانَةِ الذَّكَرُ، وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ (فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتَاهُمَا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ دَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ (أَوْ) أَرْكَبَهُمَا (أَجْنَبِيَّانِ كُلٌّ وَاحِدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَتِهِمَا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الدَّابَّتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ النِّصْفَيْنِ مُتَعَدِّيًا (وَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ضَمَانُ (مَا أَتْلَفَتْهُ دَابَّةُ مَنْ أَرْكَبَهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّبِيُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَقُلْنَا عَمْدُهُ عَمْدٌ احْتَمَلَ أَنْ يُحَالَ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ، وَهَذَا احْتِمَالٌ حَسَنٌ وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ تَكَلُّفٌ. انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُرْكِبُ بِذَلِكَ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيَّانِ مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ، وَقَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا كَذَلِكَ فَهُمَا كَمَا لَوْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ (وَإِنْ وَقَعَ) الصَّبِيُّ (فَمَاتَ ضَمِنَهُ الْمُرْكِبُ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَرْكَبَهُ لِغَرَضٍ مِنْ فَرُوسِيَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ أَرْكَبَهُ لِذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْأَجْنَبِيِّ حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا إذَا أَرْكَبَهُ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ (وَإِنْ أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ جَمُوحًا ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ.
(وَلَوْ اصْطَدَمَ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا مَعَ الْجَنِينَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) فِي تَرِكَتِهَا (أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةِ الْأُخْرَى) كَغَيْرِهِمَا (وَنِصْفُ الْغُرَّتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ فَلَا يُهْدَرُ مِنْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا بِخِلَافِ أَنْفُسِهِمَا.
(وَإِنْ اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَا فَهَدَرٌ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَا قِيمَةً لِفَوَاتِ مَحَلِّ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَأَنْ كَانَا ابْنَيْ مُسْتَوْلَدَتَيْنِ لَمْ يُهْدَرَا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْتَوْلَدَتَيْنِ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا فَنِصْفُ قِيمَتِهِ فِي رَقَبَةِ الْحَيِّ) ، وَإِنْ أَثَّرَ فِعْلُ الْمَيِّتِ فِي الْحَيِّ نَقَصَا تَعَلَّقَ غُرْمُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَةِ الْحَيِّ، وَجَاءَ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ (أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدٌ، وَحُرٌّ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) ، وَهُدِرَ الْبَاقِي (أَوْ مَاتَ الْحُرُّ فَنِصْفُ دِيَتِهِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) وَ (يَتَعَلَّقُ بِهَا) الْأَوْلَى بِهِ (نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ) ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ فَاتَتْ فَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِبَدَلِهَا فَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ تَجَاذَبَا حَبْلًا فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا وَمَاتَا]
قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ إذْ لَا تَقْصِيرَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِقَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُنْسَبَ الْوَلِيُّ إلَى تَقْصِيرٍ فِي تَرْكِ مَنْ يَكُونُ مَعَهُمَا مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْسَالِهِ مَعَ الصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّهُ لَوْ بَعَثَ صَبِيًّا بِقَمْقَمَةٍ إلَى الْحَوْضِ لِيَسْتَقِيَ مِنْهُ الْمَاءَ فَسَقَطَ فِي الْحَوْضِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا يَعْقِلُ وَيُمَيِّزُ وَيُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاعِثُ قَيِّمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) كَمَا لَوْ دَفَعَ لِصَبِيٍّ سِكِّينًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا كَانَ كَإِرْكَابِ وَلِيِّهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ تَكَلُّفٌ) يَعْنِي قَوْلَهُ فِي الْبَسِيطِ فِي جَوَابِهِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُبَاشَرَتُهُ عُدْوَانًا لِصِبَاهُ أَمْكَنَ أَنْ تُجْعَلَ كَالتَّرَدِّي مَعَ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُرْكِبِ بِذَلِكَ ثَابِتٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ زَارَ بِزَوْجَتِهِ أَصْهَارَهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَأَرْكَبَهَا فَرَسًا، وَعَمَّرَهَا نَحْوَ خَمْسَ عَشَرَ سَنَةً، وَلَا عَادَةَ لَهَا بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَأَعْطَاهَا اللِّجَامَ فَجَفَلَتْ الْفَرَسُ، وَلَهَا عَادَةٌ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهَا جُفَالَةٌ، وَهُوَ رَاكِبٌ الْحِمَارَ مَعَهَا فَسَقَطَتْ عَنْ ظَهْرِهَا وَاشْتَبَكَتْ رِجْلُهَا فِي الرِّكَابِ وَغَارَتْ الْفَرَسُ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي أَثْنَاءِ عَدْوِ الْفَرَسِ فَهَلْ يَلْزَمُ الَّذِي أَرْكَبَهَا الضَّمَانُ أَمْ لَا وَالْفَرَسُ الْمَذْكُورَةُ نَفَرَتْ بِصَبِيٍّ آخَرَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَلَكِنَّهُ أُخِذَ عَنْ ظَهْرِهَا فَسَلِمَ، وَإِذَا خَلَّفَتْ مَصَاغًا وَصَدَاقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ هَلْ يَرِثُ الزَّوْجُ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِذَا تُوُفِّيَ الزَّوْجُ، وَلَهُ تَرِكَةٌ هَلْ يُؤْخَذُ جَمِيعُ دِيَتِهَا مِنْ تَرِكَتِهِ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ نَعَمْ ضَمَانُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الزَّوْجِ الَّذِي قَصَّرَ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْ الْمَذْكُورَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ الَّذِي كَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَقَوْلُهُ هَلْ يُؤْخَذُ جَمِيعُ دِيَتِهَا إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ جَمُوحًا) أَوْ شَرِسَةً
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَأَنْ كَانَا مُسْتَوْلَدَتَيْنِ) أَيْ أَوْ مَوْقُوفَيْنِ أَوْ مَنْذُورَ إعْتَاقِهِمَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَا مَغْصُوبَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ فِدَاؤُهُمَا بِالْأَقَلِّ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مَا إذَا أَوْصَى أَوْ وَقَفَ لِأَرْشِ مَا يُجَنَّبُهُ الْعَبْدُ إنْ قَالَ فَيُصْرَفُ لِسَيِّدِ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُ قِيمَةِ عَبْدِهِ، قَالَ: وَهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِقْهُهُ وَاضِحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute