للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ الْوَقْفُ) أَصْلًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا (صَحَّ) الْوَقْفُ (وَلَزِمَ الشَّرْطُ) كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْمَصْلَحَةِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَوَازُ الْإِعَارَةِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَا يُورَدَ عَقْدٌ عَلَى عَقْدٍ فَخَرِبَ وَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهُ إلَّا بِإِيجَارِهِ سِنِينَ يَصِحُّ إيجَارُهُ سِنِينَ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي اعْتِبَارِ التَّقْيِيدِ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَرَدَّاهُ عَلَيْهِ وَقَالَا يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ قُلْت بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا (وَلَوْ وَقَفَ مَسْجِدًا، أَوْ مَقْبَرَةً عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ الْحَنَفِيَّةِ) مَثَلًا (صَحَّ وَتَخَصَّصَ) بِهِمْ (كَالْمَدَارِسِ) وَالرُّبُطِ رِعَايَةً لِلشَّرْطِ وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ فِي إقَامَةِ الشَّعَائِرِ.

(الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ الْمَصْرِفِ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ) كَأَنْ قَالَ وَقَفْت هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (بَطَلَ) الْوَقْفُ كَقَوْلِهِ بِعْت دَارِي بِعَشَرَةٍ أَوْ وَهَبْتُهَا وَلَمْ يَقُلْ لِمَنْ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى جَمَاعَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْمَصْرِفِ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمَصْرِفَ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي حَيْثُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْمَسَاكِينِ بِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لَهُمْ فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ حَيْثُ تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجِسِ وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الْوَقْفِ فِيهِمَا وَكَالْوَصِيَّةِ مَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا أَوْ صَدَقَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَصْرِفَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ إذَا لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ هِيَ صَدَقَةٌ لِلَّهِ ثُمَّ يُعَيِّنُ الْمَصْرِفَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.

(فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ (لَوْ وَقَفَ عَلَى اثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، ثُمَّ) عَلَى (الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ) لَا الْفُقَرَاءُ (الْجَمِيعَ) إذْ شَرْطُ الِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ انْقِرَاضُهَا جَمِيعًا وَلَمْ يُوجَدْ وَالصَّرْفُ إلَى مَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ أَوْلَى وَذَكَرَ الْأَصْلُ احْتِمَالًا فَقَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْوَقْفَ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ صَارَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ مَصْرِفَهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَفْصِلْ فَإِنْ فَصَلَ فَقَالَ وَقَفْت عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ هَذَا فَهُوَ وَقْفَانِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَيْ فَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ يَحْتَمِلُ انْتِقَالَهُ لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنْ قَالَ: ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ قَالَ: ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا وَسَكَتَ) عَمَّنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَهُمَا (ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ أَمْ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ؟ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو، ثُمَّ بَكْرٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا شَيْءَ لِبَكْرٍ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ مِنْ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ بَعْدَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ الْوَقْفُ أَصْلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ]

قَوْلُهُ: لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَصْلًا) أَوْ أَنْ لَا يُؤَجِّرَهُ مِنْ مُتَّجِرِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ وَلَزِمَ الشَّرْطُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَإِلَّا كَأَنْ يَكُونَ سُوقًا، أَوْ مَزْرَعَةً وَمَنَعْنَا الْمُزَارَعَةَ فَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الشَّرْطِ وَهَلْ يَلْغُو فَقَطْ، أَوْ يَفْسُدُ الْوَقْفُ احْتِمَالَانِ أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي اهـ وَقَوْلُهُ: إنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُعِيرُهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْإِعَارَةَ حَيْثُ مَنَعَ الْإِجَارَةَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْوَاقِفُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً مَلَكَ إعَارَتَهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَزْرَعَ فِي الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا يَنْبُتُ فِيهَا مِنْ الْكَلَأِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فس قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّظَرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا لَا يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِالْإِجَارَةِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ سِتَّ سِنِينَ فِي عَقْدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ مُدْرِكَ الصِّحَّةِ فِي صِحَّتِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ جَعَلَ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ كَالْمُدَّةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ عَنَّا وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَجَزَمَ بِهَذَا فِي الْأَنْوَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ لَوْ شَرَطَ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الْمُعِيدُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُعِيدٌ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِمْرَارُهُ وَأَخْذُهُ الْمَعْلُومَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ هَذَا مُدَّةً وَغَيْرُهُ أُخْرَى قَالَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرْطٍ يَشْهَدُ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ إيجَارُهُ سِنِينَ) تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا شَرَطَهُ إلَى حَدٍّ يُمْكِنُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَمِمَّنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَا يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ.

[الشَّرْط الرَّابِع بَيَان المصرف]

(قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ الْمَصْرِفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت لَفْظًا وَنَوَى بِقَلْبِهِ تَعْيِينَ شَخْصٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ أَوْ جِهَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ. اهـ. الرَّاجِحُ عَدَمُهَا؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا؛ إذْ لَا تُغْنِي نِيَّتُهُ عَنْ ذِكْرِهِ.

[فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الْأَوَّل فِي الْوَقْف]

(قَوْلُهُ: وَقَفَ عَلَى اثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ) كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى هَذَيْنِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو (قَوْلُهُ: فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يُعِيدَ حَرْفَ الْجَرِّ فَيَقُولَ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى عَمْرٍو فَيَكُونَ وَقْفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَرْجِعُ لِلْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ يَكُونُ جِهَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ فِي مَرَرْت بِزَيْدٍ وَبِعَمْرٍو إنَّهُمَا مروران بِخِلَافِ مَرَرْت بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ التَّصْوِيرَ بِمَا إذَا لَاقَاهُمَا الْوَقْفُ ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ يُلَاقِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِثُلُثِ مَالِهِ عَقَارٌ وَيُوقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْوَقْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ فِي النِّصْفِ الْمُخْتَصِّ بِهِ بَلْ يُصْرَفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>