للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَارِنَا (سَنَةً) فَأَكْثَرَ (بِعَقْدٍ فَاسِدٍ سَقَطَ الْمُسَمَّى) لِفَسَادِ الْعَقْدِ (وَوَجَبَ لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجِزْيَةِ (وَبَلَغَ الْمَأْمَنَ أَوْ) أَقَامَ كَافِرٌ سَنَةً فَأَكْثَرَ (بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا مَالَ) عَلَيْهِ لِمَا مَضَى بِخِلَافِ مَنْ سَكَنَ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ لِلْأَحْكَامِ دَارًا غَصْبًا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ، وَهَذَا الْحَرْبِيُّ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ (وَجَازَ) لَنَا (اغْتِيَالُهُ) أَيْ قَتْلُهُ غِيلَةً (وَاسْتِرْقَاقُهُ وَأَخْذُ مَالِهِ) وَيَكُونُ فَيْئًا (وَالْمَنُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ) بِخِلَافِ سَبَايَا الْحَرْبِ وَأَمْوَالِهَا؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ مَلَكُوهَا فَاشْتُرِطَ اسْتِرْضَاؤُهُمْ (وَيَلْزَمُ الْمَالُ) أَيْ الْأُجْرَةُ (مَنْ سَكَنَ) دَارًا (غَصْبًا) كَمَا تَقَرَّرَ (وَمَتَى مَنَّ عَلَيْهِ وَبَذَلَ الْجِزْيَةَ قُبِلَتْ) مِنْهُ وُجُوبًا

(وَإِذَا بَذَلَهَا الْأَسِيرُ حَرُمَ قَتْلُهُ) ؛ لِأَنَّ بَذْلَهَا يَقْتَضِي حَقْنَ الدَّمِ كَمَا لَوْ بَذَلَهَا قَبْلَ الْأَسْرِ (لَا اسْتِرْقَاقُهُ) فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ مِنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الْأَسْرِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِرْقَاقَ فَقَبُولُ الْجِزْيَةِ أَوْلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ وَمَالُهُ مَغْنُومٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) مَنْ رَأَيْنَاهُ فِي دَارِنَا (دَخَلْت لِسَمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ أَوْ لِأَدَاءِ رِسَالَةٍ وَلَوْ وَعِيدًا) أَيْ وَلَوْ فِي وَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ (صُدِّقَ) فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَقَوْلُهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ عِنْدَنَا أَسِيرًا وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ) احْتِيَاطًا وَذِكْرُ تَحْلِيفِ مَنْ دَخَلَ لِسَمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِأَمَانٍ مُسَلَّمٌ مِنْ زِيَادَتِهِ

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَقْلٌ وَبُلُوغٌ وَحُرِّيَّةٌ وَذُكُورَةٌ وَكَوْنُهُ كِتَابِيًّا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ يَأْتِي

(فَلَا جِزْيَةَ عَلَى مَجْنُونٍ) مُطْبَقٌ جُنُونُهُ؛ لِأَنَّهَا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَهُوَ مَحْقُونُهُ (وَطَرَيَانُهُ) أَيْ الْجُنُونِ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ عَلَى الْمَعْقُودِ لَهُ (كَمَوْتِهِ) فِيهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (فَلَوْ تَقَطَّعَ) جُنُونُهُ (لَفَّقَ) زَمَنَهُ (إنْ أَمْكَنَ) كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ أَوْ وَيَوْمَيْنِ فَإِذَا تَمَّ زَمَنُ إفَاقَتِهِ عَامًا فَأَكْثَرَ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ اعْتِبَارًا لِلْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِالْأَزْمِنَةِ الْمُجْتَمِعَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّلْفِيقَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ (وَلَا أَثَرَ لِيَسِيرِهِ) أَيْ زَمَنِ جُنُونِهِ (كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ) فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَكَذَا لَا أَثَرَ لِيَسِيرِ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ

(وَلَوْ أُسِرَ) مَنْ لَمْ يَجُزْ مَعَهُ عَقْدٌ وَلَا أَمَانٌ (حَالَةَ جُنُونِهِ رُقَّ) فَلَا يُقْتَلُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْجُنُونِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُسِرَ حَالَ إفَاقَتِهِ

(وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُبَعَّضًا) أَوْ مُكَاتَبًا لِمَا مَرَّ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَأْخُذُوا الْجِزْيَةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَجَّهَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» وَرَوَى «لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ» ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ وَالْمَالُ لَا جِزْيَةَ فِيهِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى سَيِّدِهِ بِسَبَبِهِ وَيُفَارِقُ الْمُبَعَّضُ مَنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ بِأَنَّ الْجُنُونَ وَالْإِفَاقَةَ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ هُنَا

(فَإِنْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (أَوْ عَتَقَ) الْعَبْدُ وَطَلَبْنَا مِنْهُ الْجِزْيَةَ فَامْتَنَعَ (وَلَمْ يَبْذُلْهَا بَلَغَ الْمَأْمَنَ) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (وَإِنْ بَذَلَهَا لَمْ يَكْفِ عَقْدُ أَبٍ وَسَيِّدٍ وَلَوْ كَانَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْ أَدْخَلَهُ فِي عَقْدٍ إذَا بَلَغَ) أَوْ عَتَقَ كَأَنْ: قَالَ قَدْ الْتَزَمْت هَذَا عَنِّي وَعَنْ ابْنِي إذَا بَلَغَ أَوْ عَبْدِي إذَا عَتَقَ وَإِذَا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ (فَيُعْقَدُ لَهُ) عَقْدٌ مُسْتَأْنَفٌ (وَيُسَاوَمُ كَغَيْرِهِ) لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْكَمَالِ وَلِوُجُوبِ جِزْيَةٍ أُخْرَى وَتَقَدَّمَ أَنَّ إعْطَاءَهَا فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْتِزَامِهَا (وَيَجْعَلُ) الْإِمَامُ (حَوْلَهُمَا) أَيْ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ (وَاحِدًا) لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْجِزْيَةِ (وَيَسْتَوْفِي) الْمَالَ (الْمُنْكَسِرَ) ، وَهُوَ مَا لَزِمَ التَّابِعَ فِي بَقِيَّةِ الْعَامِ الَّذِي اتَّفَقَ الْكَمَالُ فِي أَثْنَائِهِ إنْ رَضِيَ التَّابِعُ بِذَلِكَ (أَوْ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي) فَيَأْخُذُهُ مَعَ جِزْيَةِ الْمَتْبُوعِ فِي آخِرِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ أَوَاخِرُ الْأَحْوَالِ (وَإِنْ شَاءَ أَفْرَدَهُمَا بِحَوْلٍ) فَيَأْخُذُ مَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ

(وَلَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (سَفِيهًا فَعَقَدَ) لِنَفْسِهِ (هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ الْحَقْنَ مُمْكِنٌ بِدِينَارٍ (أَوْ بِدِينَارٍ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ حَقْنِ الدَّمِ (وَإِنْ اخْتَارَ) السَّفِيهُ (إلْحَاقَهُ) أَيْ الْتِحَاقَهُ (بِالْمَأْمَنِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مَالِهِ لَا عَلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ أَقَامَ مَنْ عُقِدَ لَهُ الْجِزْيَةَ بِدَارِنَا سَنَةً فَأَكْثَرَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ]

قَوْلُهُ سَقَطَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ الْعَقْدِ) كُلُّ عَقْدٍ فَسَدَ سَقَطَ فِيهِ الْمُسَمَّى إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا عَقَدَ الذِّمَّةَ مَعَهُمْ عَلَى السُّكْنَى فِي أَرْضِ الْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ إذَا سَكَنُوهُ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَجَبَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْعِوَضَ وَلَيْسَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَيَرْجِعُ إلَى الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ أَوْ أَقَامَ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا مَالَ) مِثْلُهُ عَقْدُ الْآحَادِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ فَاسِدِ الْعُقُودِ حُكْمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَعَقْدَ الْآحَادِ لَهَا لَاغٍ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ

(قَوْلُهُ وَإِذَا بَذَلَهَا الْأَسِيرُ حَرُمَ قَتْلُهُ لَا اسْتِرْقَاقُهُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْرِيرُهُ بِالْجِزْيَةِ وَتَرَدَّدَ الْبُلْقِينِيُّ فِي جَوَازِ إجَابَتِهِ لِذَلِكَ ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يُجَابُ عَنْهُ كَمَلِكٍ لَهُ جَيْشٌ أَوْ مُطَاعٍ صَاحِبِ عَشَرَةٍ جَازَ تَقْرِيرُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قُوَّةً فِي الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ قَالَ مَنْ رَأَيْنَاهُ فِي دَارِنَا دَخَلْت لِسَمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لِأَدَاءِ رِسَالَةٍ]

(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) أَيْ لَا وُجُوبًا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَبَيْنَ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَحْلِيفُهُ

[الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ لَهُ]

(قَوْلُهُ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ لَهُ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) لَا يُقْبَلُ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ قَالَ شَيْخُنَا إذْ شَرِيعَتُنَا بِالنِّسْبَةِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ مُغَيَّاةٌ بِنُزُولِهِ

(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا أَثَرَ لِيَسِيرِ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ) أَيْ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَعَقَدَ إلَخْ) لَوْ قَبِلَ رَشِيدٌ بِدِينَارَيْنِ ثُمَّ سَفِهَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَارَ إلْحَاقَهُ بِالْمَأْمَنِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَلِيُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَأْخَذَهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مِنْ أَنَّ الْعَهْدَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ إذْ لَوْ دَخَلَ لَتَوَقَّفَ عَقْدُهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ أَوْ إذْنِهِ ع

<<  <  ج: ص:  >  >>