للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَقْصِهِ (وَإِنْ هَلَكَ أَرْبَعٌ مِنْ التِّسْعِ) بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ (لَزِمَهُ شَاةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ عَفْوٌ.

(فَرْعٌ الْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ) مِنْ الْأَدَاءِ (حُضُورُ الْمَالِ عِنْدَ الْمَالِكِ) فَلَوْ غَابَ عَنْهُ لَمْ يَجِبْ الْأَدَاءُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَإِنْ جَوَّزْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ (وَ) حُضُورَ (مَنْ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِ كَالْإِمَامِ) وَلَوْ (فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا الْفَقِيرِ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَالْمُسْتَحِقِّ لَا الْمُسْتَحَقِّ (حَيْثُ يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ) بِأَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا مَرَّ (مَعَ الْفَرَاغِ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا) كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَمَعَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ وَالْمَعَادِنِ مِمَّا خَالَطَهَا وَالْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ بِمَعْنَى أَوْ (وَلَوْ أُخِّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ مِنْ تَفْرِيقِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ) تَفْرِيقُهُ (أَفْضَلَ أَوْ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ وَجَارٍ) أَوْ أَحْوَجَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (جَازَ) لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ حِيَازَةُ الْفَضِيلَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا أَصْلُهُ وَلَوْ عَطَفَ انْتِظَارَ الْقَرِيبِ عَلَى مَجْرُورِ مِنْ لَأَفَادَ أَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَخَّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ كَالدَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الصَّرْفِ إلَى الْقَرِيبِ أَوْ الْجَارِ أَوْ الْأَحْوَجِ لَمْ يَعْصِ (وَضَمِنَ إنْ تَلِفَ) فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَلَوْ تَضَرَّرَ الْحَاضِرُ بِالْجُوعِ حَرُمَ التَّأْخِيرُ) مُطْلَقًا لِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِهِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِفَضِيلَةٍ.

(فَصْلٌ إذَا حَالَ الْحَوْلُ) عَلَى غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ بِقَرِينَةٍ مَا يَأْتِي فِي زَكَاتِهَا (تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَصَارَ الْفُقَرَاءُ شُرَكَاءَ حَتَّى فِي الْإِبِلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَتْبَعُ الْمَالَ فِي الصِّفَةِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ وَمِنْ الصِّحَاحِ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْعَيْنِ كَمَا يُقَسِّمُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَقَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْقِسْمَةِ إنَّمَا جَازَ الْأَدَاءُ مِنْ مَالٍ آخَرَ لِبِنَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الرِّفْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِلْكِ جَمِيعِهِ وَلَا الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَلَا لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ بَلْ طَرِيقُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّفْرِقَةِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي مَلَكَهُ الْفُقَرَاءُ قَالَ غَيْرُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ أَوْ أَحْوَالٍ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتُبْرِئْهُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَحْصُلْ لِأَنَّ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ لَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُعْطِيَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تُبْرِئَهُ (فَإِذَا بَاعَ النِّصَابَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ رَهَنَهُ) بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (صَحَّ لَا فِي قَدْرِهَا) مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَرْهُونِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرُهَا فِي صُورَةِ الْبَعْضِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْقَدْرِ الْبَاقِي بِلَا بَيْعٍ وَرَهْنٍ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْهُ بَاقٍ بِحَالِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ.

وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ وَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الزَّكَاةَ شَائِعَةٌ فِي الْجَمِيعِ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى غَيْرِ مَالِ التِّجَارَة]

قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: ٢٤] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا نِصْفُ مِثْقَالٍ» وَلِأَنَّهَا حَقٌّ يَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَكَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِهِ كَحَقِّ الْمُقَارِضِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَهَا) سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَى الزَّكَاةِ أَمْ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَنُسِبَ لِلْبَحْرِ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ اسْتَثْنَى فَقَالَ بِعْتُك ثَمَرَةَ هَذَا الْحَائِطِ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ أَهُوَ عَشْرٌ أَمْ نِصْفُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَقَيَّدَ بَحْثًا بِمَنْ يَجْهَلُهُ أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ كَقَوْلِهِ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ صَحَّ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَحْرِ مُشْكِلٌ يُجَابُ بِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ الشَّاةَ الَّتِي هِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَيَّنَهَا لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مَا عَدَاهَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ يَظْهَرُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَذِهِ الشَّاةُ الْمُبْقَاةُ قَبْلَ أَخْذِ الْفُقَرَاءِ لَهَا أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِالْمَبِيعِ.

وَقَوْلُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بَحْثًا وَقَوْلُهُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهَا (قَوْلُهُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَخْرِيجُ الْوَجْهَيْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّهُمَا جَارِيَانِ فِي غَيْرِ هَذَا كَالْحُبُوبِ وَالنُّقُودِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَغَيْرُهُمْ وَالشَّرِكَةُ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ بِالشُّيُوعِ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِتَابِ انْتَهَى وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْعَادَ فِي أَنْ يَجِبَ الْعُشْرُ فِي الْحُبُوبِ وَرُبْعُ الْعُشْرِ فِي النُّقُودِ وَيُنَزَّلُ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذَا الْخِلَافَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ هَلْ يُنَزَّلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ أَوْ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ الصُّبْرَةُ وَبَقِيَ صَاعٌ وَاحِدٌ إنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِهِ بِالْقِسْطِ وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ بَقِيَ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الصَّاعِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ كَلَامٌ سَاقِطٌ فَإِنَّهُ مُصَادِمٌ لِلْمَنْقُولِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ مَعَ جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحُبُوبِ وَالنُّقُودِ وَنَحْوِهِمَا مَعَ كَوْنِ الشَّرِكَةِ فِيهَا بِالشُّيُوعِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشُّيُوعِ هُنَا أَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ كُلِّ شَاةٍ جُزْءًا حَقِيقَةً بَلْ الْمُرَادُ مِنْ كُلِّ شَاةٍ جُزْءٌ وَتَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ بِالْإِخْرَاجِ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الشَّرِكَةِ بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ فِي عَكْسِهِ فَقَالَ الْمَعْنَى بِالشَّاةِ الْمُبْهَمَةِ أَنَّ الْفُقَرَاءَ مَلَكُوا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ الْكُلِّ جُزْءًا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْجُزْءُ بِالْإِخْرَاجِ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ بِالْقِسْمَةِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>