للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْلِيقَ بِصِفَةٍ وَهُوَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَلِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ) أَيْ فَسْخُ الْكِتَابَةِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ وَعَلَى هَذَا جَرَى جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخَ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ (فَإِنْ أَمْهَلَ) السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ وَلَمْ يَفْسَخْ (فَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) كَمَا أَنْ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ الرَّهْنِ.

(فَصْلٌ وَلَوْ جُنَّ) الْمُكَاتَبُ (فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ وَيُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةِ (بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ) فِيمَا (إذَا أَرَادَ الْفَسْخَ عَلَى الْغَائِبِ) مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْحُلُولِ وَتَعَذُّرِ التَّحْصِيلِ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) وَيُطَالِبُ بِحَقِّهِ وَيَحْلِفُ عَلَى بَقَائِهِ (فَإِنْ وَجَدَ الْقَاضِي لَهُ مَالًا أَدَّاهُ) عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (لِيَعْتِقَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فَيَنُوبُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ أَدَّاهُ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُؤَدِّي إنْ رَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ بِهَا لَمْ يُؤَدِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا أَحْسَنُ لَكِنَّهُ قَلِيلُ النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا أَنَّ لِلسَّيِّدِ إذَا وَجَدَ مَالَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) لَهُ الْقَاضِي مَالًا (فَسَخَ السَّيِّدُ) بِإِذْنِ الْقَاضِي (وَعَادَ) بِالْفَسْخِ (قُلْنَا) لَهُ (فَإِنْ أَفَاقَ) مِنْ جُنُونِهِ (وَ) ظَهَرَ (لَهُ مَالٌ) كَانَ حَصَّلَهُ (مِنْ قَبْلِ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ وَنَقَضَ التَّعْجِيزَ وَعَتَقَ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إذْ خَصَّ نَقْضَ التَّعْجِيزِ بِمَا إذَا ظَهَرَ الْمَالُ بِيَدِ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَهُوَ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ حِينَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ حَقُّهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَحَضَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ (وَطَالَبَهُ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ) قَبْلَ نَقْضِ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ عَلَيْهِ بِهِ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ (إلَّا إنْ عَلِمَ بِالْمَالِ) فَلَا يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَا أَفَاقَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى النُّجُومَ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ وَأَنْفَقَ عَلَى عِلْمٍ بِحُرِّيَّتِهِ فَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا، فَلَوْ قَالَ نَسِيت الْأَدَاءَ فَهَلْ يُقْبَلُ لِيَرْجِعَ فِيهِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا.

(وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ) مِنْ النُّجُومِ (وَلَوْ قَبِلَ الْإِيتَاءَ مَاتَ رَقِيقًا) وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُورَثُ وَتَكُونُ أَكْسَابُهُ لِسَيِّدِهِ وَتَجْهِيزُهُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ وَفَاءً بِالنُّجُومِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الرَّقَبَةُ وَالْمَقْصُودُ مُرْتَقَبٌ فِيهَا فَإِذَا فَاتَتْ كَانَ فَوَاتُهَا كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ الْبَاقِي قَبْلَ الْإِيتَاءِ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ مَعْلُومٌ (بَلْ لَوْ أَرْسَلَ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ إلَى سَيِّدِهِ (فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ السَّيِّدُ مَاتَ رَقِيقًا) -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ امْتَنَعَ الْمُكَاتَبُ مِنْ الْأَدَاءِ لِلنُّجُومِ بَعْدَ الْمَحِلِّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ]

قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ) فَالْخِيَارُ فِي هَذَا الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَوْ صَرَّحَ بِالْإِمْهَالِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْفَسْخُ عِنْدَ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ جَازَ (قَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخُ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ. اهـ. قَالَ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ حِيلَةً يَعْتِقُ بِهَا بِمَا عَجَّلَ وَيَكُونُ لِجِهَةِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ طَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ إذَا عَجَّزَتْ نَفْسَك وَأَدَّيْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَاتُ عَتَقَ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ، وَإِنَّمَا تَرْتَفِعُ إذَا فَسَخَهَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ، وَإِذَا عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ كَانَتْ الْأَكْسَابُ لَهُ. اهـ. وَقَدْ مَرَّ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَكَذَا أَطْلَقَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ كَافِرٌ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَادَةِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) جَزَمَ فِي الْعَزِيزِ فِي مَوَاضِعَ بِمَنْعِ الْمُكَاتَبِ مِنْ فَسْخِ الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا بَلْ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ ثُمَّ السَّيِّدُ يَفْسَخُ إنْ شَاءَ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازَ وَنُسِبَ لِنَصِّ الْأُمِّ.

[فَصْلٌ جُنَّ الْمُكَاتَبُ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَلَوْ جُنَّ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ) عَدَمُ الِانْفِسَاخِ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَائِزَ يَنْفَسِخُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَكَانَ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى بَقَائِهِ) وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْغَائِبِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْيَمِينُ وَاجِبَةً قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَدَّاهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ) وَحُلُولِ النَّجْمِ وَحَلَّفَهُ عَلَى بَقَاءِ اسْتِحْقَاقِهِ وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُؤَدِّي إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ مَا يَقْتَضِيه (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ إلَخْ) فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ إذَا جُنَّ الْعَبْدُ وَقُلْنَا لَا تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ فَالْقَاضِي إنْ عَلِمَ لَهُ مَالًا وَرَأَى مَصْلَحَتَهُ فِي الْعِتْقِ أَدَّى عَنْهُ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ إنْ عَتَقَ فَلَهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ إذْ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَبْضَ مِنْ الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ يُوجِبُ الْعِتْقَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ وَالْأَدَاءِ إذَا أَفَاقَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَقْدِرُ عَلَى إعْتَاقِهِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كَسْبُهُ عَنْ جِهَةِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ الرِّقِّ هَذَا كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا دَفَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ تَصَرُّفَاتِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِبْدَادُ بِالْأَخْذِ إذْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ وَيُعْتِقَهُ إذَا امْتَنَعَ فَلَا فَائِدَةَ فِي مَنْعِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ لَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ فَأَفَاقَ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي يَدِ السَّيِّدِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكِتَابَةَ مُسْتَمِرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْرِفُهُ فَالْفَسْخُ نَاجِزٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا مَعَ مُصَادَمَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ مُصَادِمٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِ ثُمَّ حُضُورِهِ بِخِلَافِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>