للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا فِيهَا حَقًّا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ تَبَعًا لِصَرِيحِ كَلَامِ أَصْلِهِ خِلَافَهُ.

نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهِ لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَإِنَّمَا حَلَفَ فِي الْأُولَى) الَّتِي قَالَ فِيهَا فَلَهَا تَحْلِيفُهُ (لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ) ، وَهُوَ الْوَطْءُ (وَإِنْ أَتَتْ الْأَمَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) أَيْ سَيِّدَهَا (ثُمَّ) أَتَتْ (بِآخَرَ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَحِقَهُ إنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ يَبْطُلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى (أَوْ) أَتَتْ بِالْآخَرِ (لِأَقَلَّ مِنْ) سِتَّةِ أَشْهُرٍ (لَحِقَهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ حَمْلٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ أَقَرَّ) السَّيِّدُ (بِوَطْءِ الْأَمَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ فِي الدُّبُرِ) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (لَمْ يَلْحَقْهُ) ؛ لِأَنَّ سَبْقَ الْمَاءِ إلَى الْفَرْجِ بِالْوَطْءِ فِيمَا عَدَاهُ بَعِيدٌ، وَكَمَا فِي التَّحْصِينِ وَالتَّحْلِيلِ وَنَحْوِهِمَا (وَلَوْ قَالَ كُنْت) حَالَةَ الْوَطْءِ (أَعْزِلُ) عَنْهَا (لَحِقَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ، وَهُوَ لَا يُحِسُّ بِهِ؛ وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِنْزَالُ.

(فَصْلٌ: وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (لِزَمَنٍ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا لَحِقَ السَّيِّدَ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ) كَوْنُهُ (مِنْ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الشِّرَاءِ (لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) لِانْتِفَاءِ لُحُوقِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (إلَّا إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمِلْكِ) بِغَيْرِ دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ يُمْكِنُ حُدُوثُ الْوَلَدِ بَعْدَهُ بِأَنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَوْ ادَّعَاهُ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ النِّكَاحِ إذْ الظَّاهِرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ بَاقِيَ الِاثْنَتَيْنِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَلْ نَقُولُ يَلْحَقُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ لَا وَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ لُحُوقَ الْوَلَدِ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْحَقُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِالْيَمِينِ. قُلْت: بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ لِانْتِفَاءِ فِرَاشِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا.

(كِتَابُ الرَّضَاعِ)

بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَقَائِلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ الْمُوَافِقِ لِلُّغَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَجُعِلَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ جُزْءَ الْمُرْضِعَةِ، وَهُوَ اللَّبَنُ صَارَ جُزْءًا لِلرَّضِيعِ بِاغْتِذَائِهِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا وَحَيْضَهَا فِي النَّسَبِ (وَتَأْثِيرُهُ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا (وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ) وَعَدَمُ نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِاللَّمْسِ، وَإِيجَابُ الْغُرْمِ وَسُقُوطُ الْمَهْرِ كَمَا سَيَأْتِي (فَقَطْ) أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْمُرْضِعُ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ) وَلَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُزَوَّجَةً أَمْ بِكْرًا أَمْ غَيْرَهُمَا (فَلَا تَحْرِيمَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ) صَوَّبَ السُّبْكِيُّ حَمْلَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَإِنْ كَانَتْ لِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِيَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِهَا وَيُعْتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَحْلِفُ قَالَ، وَقَدْ قَطَعُوا بِتَحْلِيفِ السَّيِّدِ إذَا أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ، وَكَذَا إذَا أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ، وَقُلْنَا لَيْسَ إنْكَارُهُ رُجُوعًا قَالَ، وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ مَا يُزِيلُ الْإِبْهَامَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ إلَخْ) ، وَالْمُرَادُ الْفِرَاشُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لَأَوْلَى لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ: فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْوِلَادَةِ عَلَى فَرَاغِ الرَّحِمِ قَطْعِيَّةٌ، وَدَلَالَةَ الْحَيْضِ عَلَى ذَلِكَ ظَنِّيَّةٌ إذْ الْحَامِلُ قَدْ تَحِيضُ.

[فَصْلٌ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ]

(قَوْلُهُ: قُلْت بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِدُخُولِ مَنِيِّهِ فِي فَرْجِهَا، وَكَلَامُ شَيْخِنَا عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْته قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ بَاقِيَ الْأُنْثَيَيْنِ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَتَأَتَّى مِنْهُ، وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ فَهَلْ يَلْحَقُهُ كَالزَّوْجَةِ أَمْ نَقُولُ لَا يَلْحَقُهُ فَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ فِي إلْحَاقِ وَلَدِهِ بِالزَّوْجَةِ؟ . لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ يَلْحَقَهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِالْيَمِينِ.

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

[الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الرَّضَاعَة]

(كِتَابُ الرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ إلَخْ) وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمَالِ وَوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَسُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ وَسُقُوطِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا مَالَ الْآخَرِ، وَمَنْعِ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً) يَشْمَلُ الْجِنِّيَّةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَرِّمَ لَبَنُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ قَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ نِكَاحِهَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَنْ يُنْكَحُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَطْلَقُوا فِي الْوَصَايَا أَنَّ مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ بَلَغَ الْغَرْغَرَةَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَوْتَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ، وَلَا لِفِعْلِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالطِّفْلَ إذَا بَلَغَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْحَالَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالِارْتِضَاعِ، وَالْإِرْضَاعُ حُكْمٌ وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجِنَايَاتِ وَبَيَانَ مَا فِيهَا. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِلَبَنِ الْجِنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالطِّفْلَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الرَّضَاعَ تَقْرِيبٌ أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ عَنْ التِّسْعِ زَمَانٌ لَا يَسَعُ أَقَلَّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَرَأَتْ الدَّمَ حُكِمَ بِالْحَيْضِ كَمَا إذَا بَقِيَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَلَا يَثْبُتُ، وَإِنْ بَقِيَ يَوْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>