للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعْسِرِ وَالْعَبْدِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَهْلٌ لِلتَّحَمُّلِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَوَجَبَتْ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهَا دُونَ فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ.

(وَ) فِطْرَةُ (النَّاشِزَةِ عَلَيْهَا) لَا عَلَى الزَّوْجِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا عَنْهُ (وَتَلْزَمُ مَالِكَ الْمُدَبَّرِ وَأُمَّ الْوَلَدِ) وَالْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ كَالْقِنِّ (وَ) تَلْزَمُ مَالِكَ الْقِنِّ (الْمَرْهُونِ) وَالْجَانِي وَالْمُؤَجِّرَ (وَالْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ وَالْمَغْصُوبَ وَالضَّالَّ وَالْآبِقَ وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ) مَا لَمْ تَنْتَهِ غَيْبَتُهُ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ كَنَفَقَتِهِمْ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا وَتَعْبِيرُهُ بِمَالِكِ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ (وَيُخْرَجُ) وُجُوبًا فِطْرَةُ هَؤُلَاءِ (فِي الْحَالِ) أَيْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ لِمَا مَرَّ وَفَارَقَ زَكَاةَ الْمَالِ الْغَائِبُ وَنَحْوُهُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ شُرِعَ فِيهِ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا (وَكَذَا) تَلْزَمُ مَعَ إخْرَاجِهَا حَالًا (مَنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ) وَقْتَ الْوُجُوبِ فَتَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا.

(وَلَا فِطْرَةَ فِي عَبْدِ بَيْتِ الْمَالِ وَ) عَبْدِ (الْمَسْجِدِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ عَبْدُ الْمَسْجِدِ مِلْكًا لَهُ أَمْ وَقْفًا عَلَيْهِ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى مَسْجِدٍ (وَلَا) فِي عَبْدٍ (مَوْقُوفٍ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ) كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَرَجْلٍ.

[فَصْلٌ فِطْرَة الْكَافِر]

(فَصْلٌ لَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ إلَّا عَنْ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) كَمَا عُلِمَ مَعَ دَلِيلِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّابِقِ

(وَتُجْزِئُ) الْفِطْرَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا عَنْهُ (بِلَا نِيَّةٍ) إذْ لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فَأَجْزَأَتْ بِلَا نِيَّةٍ تَغْلِيبًا لِسَدِّ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ وَالْمُمْتَنِعِ وَهَذَا فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَفِي وُجُوبِ الْفِطْرَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يُمَوِّنُهُ الْأَقْوَالُ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا فِي وُجُوبِ فِطْرَةِ الرَّقِيقِ الْمُرْتَدِّ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ مِنْهَا الْوُجُوبَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ التَّفْصِيلُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَوَّلَ الْبَابِ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَجِبُ مُطْلَقًا وَشَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُسْلِمُ الْقَرِيبِ وَالرَّقِيقُ وَالزَّوْجَةُ بِأَنْ تُسْلِمَ وَتَغْرُبَ الشَّمْسُ وَالزَّوْجُ مُتَخَلِّفٌ فَتَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا.

(وَلَا) فِطْرَةَ (عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا) أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ فَلِعَدَمِ مِلْكِهِ وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ وَلَا نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ (وَلَا) فِطْرَةَ (عَلَى سَيِّدِهِ) عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَمَحَلُّهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتَجِبُ الْفِطْرَةُ فِيهَا عَلَى السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ (وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِهَا (عَنْ ثِيَابِهِ وَقُوتِهِ) وَثِيَابُ (وَقُوتُ مُمَوِّنِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ شَيْءٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَاعْتُبِرَ الْفَضْلُ عَمَّا ذُكِرَ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ زِيَادَةً عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ لِعَدَمِ ضَبْطِ مَا وَرَاءَهُمَا وَتَعْبِيرُهُ بِمُمَوِّنِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ فِي نَفَقَتِهِ لِتَنَاوُلِهِ إلَيْهَا ثُمَّ بِلَا تَغْلِيبٍ بِخِلَافِ مَنْ (وَكَذَا) لَا فِطْرَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْضُلْ (عَنْ) مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ (مَسْكَنٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا (وَعَبْدِ خِدْمَةٍ) يَلِيقَانِ بِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْمُهِمَّةِ كَالثَّوْبِ فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ يُمْكِنُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقَيْنِ بِهِ وَيَخْرُجُ التَّفَاوُتُ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ قَالَ لَكِنْ فِي لُزُومِ بَيْعِهِمَا إذَا كَانَا مَأْلُوفَيْنِ وَجْهَانِ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَجْرِيَانِ هُنَا وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا وَالْحَاجَةُ لِلْعَبْدِ إمَّا لِمَنْصِبِهِ أَوْ ضَعْفِهِ.

وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ (لَا) عَنْ (دَيْنٍ) وَلَوْ لِآدَمِيٍّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ هَلَّ شَوَّالٌ فَالْفِطْرَةُ فِي مَالِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّيُونِ وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إيجَابَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ التَّابِعَةِ لَهَا لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ دَيْنُ الْآدَمِيِّ بِمَنْعِ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى صَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ تَمْنَعُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُجَابُ عَمَّا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ إلَخْ) وَقَالَ الدَّارِمِيُّ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهَا قَوْلًا وَاحِدًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ إلَخْ) فَقَالَ إنَّهَا لَوْ غُصِبَتْ أَوْ حُبِسَتْ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ إيجَابِ الْفِطْرَةِ وَلَا يَسْتَقِيمُ إيجَابُ الْفِطْرَةِ دُونَ النَّفَقَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ فِطْرَتِهَا عَلَيْهِ كَالْمَرِيضَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالِاعْتِذَارُ عَمَّا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا مِنْ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ أَنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ لِعَارِضٍ قَدْ لَا يُسْقِطُ الْفِطْرَةَ كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ لَوْ أَيْسَرَ لَيْلَةَ الْعِيدِ خَاصَّةً تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ إذَا أَيْسَرَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَحَقُّ الزَّوْجَةِ آكَدُ مِنْ حَقِّ الصَّغِيرِ فَلِذَا حَسُنَ إيجَابُ الْفِطْرَةِ عِنْدَ سُقُوطِ النَّفَقَةِ وَكَمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ وَتَسْقُطُ الْفِطْرَةُ فِي زَوْجَةِ الْأَبِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ وَفِي الْعَبْدِ الْكَافِرِ وَالزَّوْجَةِ الْكَافِرَةِ كَذَلِكَ تَجِبُ الْفِطْرَةُ حَيْثُ لَا نَفَقَةَ.

(قَوْلُهُ لَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ مُطَالَبًا بِإِخْرَاجِهَا وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْلِيفِهِ بِالْفُرُوعِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَيْهِ تَصْحِيحُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى رَقِيقٍ إلَخْ) خَرَجَ بِالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ فَعَلَيْهِ فِطْرَةُ رَقِيقِهِ وَقَرِيبِهِ وَزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ضَبْطِ مَا وَرَاءَهُمَا) وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ لَا يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمَالِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ النِّصَابُ كَالْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَسْكَنٍ) لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي التَّعَقُّبَاتِ أَنَّ بِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ مُشْكِلٌ بِتَقْدِيمِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَهَا لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ وَإِنَّمَا بَيْعُ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ فِيهِ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>