للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرَهْنِ الْكُلِّ، وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ أَمْ لِغَيْرِهِ (وَلَوْ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ) مُشْتَرَكَةٍ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الشَّرِيكُ) كَبَيْعِهِ، وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّصْحِيحِ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ خَرَجَ) مَا رَهَنَهُ مِنْ الْبَيْتِ (عَنْ مِلْكِهِ بِالْقِسْمَةِ) لِلدَّارِ بِأَنْ، وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ (غَرِمَ قِيمَتَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ) لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَدَلُهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ

(فَرْعٌ قَبْضُ الْمَشَاعِ بِقَبْضِ كُلِّهِ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ، وَالشَّرِيكِ كَالشَّرِيكَيْنِ) أَيْ كَجَرَيَانِهَا بَيْنَهُمَا، وَلَا بَأْسَ بِتَبْعِيضِ الْيَدِ بِحُكْمِ الشُّيُوعِ كَمَا لَا بَأْسَ بِهِ لِاسْتِيفَاءِ الرَّاهِنِ الْمَنَافِعَ (وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الشَّرِيكِ) فِي الْقَبْضِ (إلَّا فِيمَا يُنْقَلُ) لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ (فَإِنْ امْتَنَعَ، وَتَنَازَعَا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ) يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا (وَيُؤَجِّرُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُؤَجَّرُ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ

(فَصْلٌ) (يَصِحُّ وَيُكْرَهُ رَهْنُ مُصْحَفٍ وَ) رَقِيقٍ (مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ وَسِلَاحٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَجَارِيَةٍ حَسْنَاءَ غَيْرِ صَغِيرَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) إذْ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ لَكِنَّ فِيهِ نَوْعَ تَسْلِيطٍ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ فَكُرِهَ لِذَلِكَ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَتَصْحِيحُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَالْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ، وَكُتُبُ الْفِقْهِ الَّتِي فِيهَا الْأَخْبَارُ، وَآثَارُ السَّلَفِ قَالَهُ الْقَمُولِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَكَالسِّلَاحِ الْخَيْلُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَتُوضَعُ) هَذِهِ الْأَشْيَاءُ (كُلُّهَا عِنْدَ عَدْلٍ) ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ صِحَّةُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَيَيْنِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِوَضْعِهِمَا عِنْدَ عَدْلٍ (لَا الْجَارِيَةُ) الْأُولَى إلَّا الْجَارِيَةَ أَيْ الْمَذْكُورَةَ فَلَا تُوضَعُ عِنْدَهُ كَغَيْرِهِ (بَلْ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ ثِقَةً، وَلَهُ زَوْجَةٌ أَوْ جَارِيَةٌ) أَوْ مَحْرَمٌ (أَوْ نِسْوَةٌ) ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ أَيْ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ (يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ مِنْهُ عَلَيْهَا تُرِكَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ امْرَأَةٍ) ثِقَةٍ، وَلَوْ مُرْتَهِنًا (أَوْ عَدْلٍ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ) فِي الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ، وَغَيْرُهُ فَإِنْ شَرَطَ وَضْعَهَا عُنِدَ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ لِلْمِلْكِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَالصَّغِيرَةُ) غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ (كَالْعَبْدِ لَا) الْكَبِيرَةُ (الْقَبِيحَةُ) الْمَنْظَرِ (وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) ، وَلَوْ حَذَفَ فِيمَا مَرَّ حَسَنًا لَاغْتَنَى عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ (وَالْخُنْثَى) فِيمَا ذَكَرَ (كَالْأُنْثَى لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْجَارِيَةِ، وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَوَاضِحٌ أَوْ كَبِيرًا وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةٍ لَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٍ.

(الشَّرْطُ الثَّانِي جَوَازُ بَيْعِهِ) عِنْدَ الْمَحَلِّ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاسْتِيفَاؤُهُ مَقْصُودُ الرَّهْنِ أَوْ مِنْ مَقَاصِدِهِ (فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ) مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ نَحْوَ (أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَوَقْفٍ كَأَرْضِ السَّوَادِ) ، وَهِيَ أَرْضُ الْعِرَاقِ سُمِّيَتْ سَوَادًا لِسَوَادِهَا بِالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا قَدِمُوا لِفَتْحِ الْكُوفَةِ، وَأَبْصَرُوا سَوَادَ النَّخْلِ قَالُوا مَا هَذَا السَّوَادُ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْخُضْرَةَ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا، وَالسَّوَادُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ لِلشَّجَرِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا ذُكِرَ إلَّا أَنَّهُ صَارَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ الْعِرَاقِ لَا غَيْرُهَا غَالِبًا فَصَارَ مُرَادِفًا لِلْعِرَاقِ، وَهُوَ الْإِقْلِيمُ الْمَعْرُوفُ بِإِقْلِيمِ فَارِسَ (فَإِنْ رَهَنَ غَرْسًا، وَنَحْوَهُ) كَبِنَاءٍ (مَمْلُوكًا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ فَخَرَاجُهُ عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ مَضْرُوبٌ عَلَى الْأَرْضِ، وَمِثْلُهُ لَوْ صَالَحَ الْإِمَامُ كُفَّارًا عَلَى خَرَاجٍ يُؤَدُّونَهُ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ فَهُوَ كَالْجِزْيَةِ، وَالْأَرْضُ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ يَصِحُّ رَهْنُهَا، وَالْخَرَاجُ عَلَى مَالِكِهَا (فَإِنْ أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ بِهِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ (وَإِلَّا فَلَا) رُجُوعَ لَهُ بَلْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ

(فَصْلٌ) (يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا) الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا بَاقٍ فَلَا تَفْرِيقَ (وَهُوَ) لِكَوْنِ قِيمَتِهَا تَنْقُصُ بِتَقْوِيمِهَا حَاضِنَةً كَمَا سَيَأْتِي (عَيْبٌ يَفْسَخُ بِهِ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ) الْمُرْتَهِنُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الشَّرِيكُ الَّذِي رَضِيَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ رَضِيَ جَازَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَهَذَا تَحْرِيرٌ عَزِيزٌ فَاشْدُدْ عَلَيْهِ يَدَيْك (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ) فَإِنْ نَقَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَصَلَ قَبْضُهُ وَصَارَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مَضْمُونَةً عَلَى الرَّاهِنِ وَعَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ النَّقْلُ يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنٍ فَالْمَوْقُوفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْمَنْقُولِ حِلُّ الْقَبْضِ لَا صِحَّتُهُ

[فَصْلٌ رَهْنُ مُصْحَفٍ وَرَقِيقٍ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ وَسِلَاحٍ مِنْ حَرْبِيٍّ]

(قَوْلُهُ وَكَالسِّلَاحِ الْخَيْلُ) وَكَالْمُسْلِمِ الْمُرْتَدُّ (قَوْلُهُ أَوْ امْرَأَةٍ) أَيْ ثِقَةٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ وَغَيْرُهُ) مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَاعِدَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَنْ تُفْسِدَ الْعَقْدَ إلَّا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَإِلَّا فِي الْقَرْضِ إذَا شَرَطَ فِيهِ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ لَغَا الشَّرْطُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ اهـ وَإِلَّا فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ وَضْعًا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ فَسَدَ الشَّرْطُ وَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ الرَّهْنُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُوضَعُ عِنْدَ مَحْرَمٍ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَحْرَمٌ أَصْلًا فَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى يَدِ مَالِكِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً

(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي جَوَازُ بَيْعِهِ) وَكَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حِسًّا وَشَرْعًا كَالْمَبِيعِ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْعَيْنِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ

[فَصْلٌ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا]

(قَوْلُهُ يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا) حُكْمُ الْوَلَدِ مَعَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا كَحُكْمِهِ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ الْأُمِّ فَقَطْ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْبَيْعِ وَكَانَ يَفِي الدَّيْنَ بِبَيْعِ رُبْعِهَا يُبَاعُ رُبْعُهَا وَرُبْعُ وَلَدِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>