للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّعْزِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَأُهْدِرَ بَاقِي الْكَفِّ) فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ، وَلَا طَلَبُ حُكُومَتِهِ لِمَا مَرَّ (وَلَهُ حُكُومَةُ بَعْضِ السَّاعِدِ) لِمَا مَرَّ وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَعْضِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ (أَوْ) قَطَعَهَا (مِنْ نِصْفِ) الْأَوْلَى مِنْ بَعْضِ (الْكَفِّ الْتَقَطَ الْأَصَابِعَ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْجِرَاحَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إهْمَالِ الْتِقَاطِهَا، وَلَيْسَ بَعْدَ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ إلَّا مَفَاصِلَ مُتَعَدِّدَةً (وَلَهُ) مَعَ الِالْتِقَاطِ (حُكُومَةُ الْبَاقِي) مِنْ الْكَفِّ لِمَا مَرَّ.

(فَرْعٌ) لَوْ (شَقَّ الْكَفَّ) مِنْ إنْسَانٍ حَتَّى انْتَهَى (إلَى مَفْصِلٍ يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ) فِي الِاسْتِيفَاءِ بِشَقِّهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ (إلَيْهِ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (اقْتَصَّ) مِنْهُ.

(النَّوْعُ الثَّالِثُ: إبْطَالُ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْمُبَاشَرَةِ) لَهَا (بَلْ تَبَعًا) لِمَحَلِّهَا، أَوْ لِمُجَاوِرِهَا (فَإِنْ أَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا (بِهَاشِمَةٍ) ، أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ (أَذْهَبَهُ) مِنْ الْجَانِي (بِكَافُورٍ، أَوْ بِتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ حَامِيَةٍ) مِنْ حَدَقَتِهِ، أَوْ بِنَحْوِهِمَا وَفِي الْهَاشِمَةِ أَرْشُهَا؛ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهَا (وَإِنْ أَذْهَبَهُ بِمُوضِحَةٍ، وَكَذَا بِلَطْمَةٍ) تُذْهِبُ الضَّوْءَ غَالِبًا (اقْتَصَّ) بِمِثْلِ فِعْلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَذْهَبَهُ) بِكَافُورٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُهُ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَتَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ بِضَوْءِ الْعَيْنَيْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ ضَوْءُ إحْدَاهُمَا كَذَلِكَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اللَّطْمَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَطَمَهُ فَأَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ مَعًا بَلْ يُذْهِبُهُ بِالْمُعَالَجَةِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ (وَالسَّمْعُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَالْكَلَامُ وَالْبَطْشُ لَا الْعَقْلُ كَالْبَصَرِ) فِي أَنَّ إبْطَالَهَا (يُوجِبُ الْقِصَاصَ بِالسِّرَايَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهَا مَحَالًّا مَضْبُوطَةً وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِتَعَذُّرِ إزَالَتِهِ بِالسِّرَايَةِ إذْ لَا يَوْثُقُ بِالْمُعَالَجَةِ مِمَّا يُزِيلُهُ وَلِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦] ؛ وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي السَّمْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَنَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ: وَالْمَذْهَبُ فِيهِ الْمَنْعُ إذْ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. انْتَهَى، وَفِي اللَّمْسِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(فَرْعٌ: مَتَى قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَتَآكَلَ الْكَفُّ، أَوْ أَوْضَحَهُ فَتَصَلَّعَ) بِأَنْ ذَهَبَ شَعْرُ مُقَدِّمِ رَأْسِهِ (اُقْتُصَّ) مِنْهُ (كَفِعْلِهِ، وَلَزِمَهُ دِيَةٌ لِلْمُتَآكِلِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَحُكُومَةٌ لِلشَّعْرِ، وَإِنْ ذَهَبَا بِالْقِصَاصِ) فَلَا يَقَعُ ذَهَابُهُمَا قِصَاصًا إذْ لَا قِصَاصَ فِيهِمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ، وَكَالتَّآكُلِ الشَّلَلُ (وَلَوْ عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (عَنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ) بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَيْهَا (لَزِمَهُ) أَيْ الْجَانِيَ (مِنْ دِيَةِ الْكَفِّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ) أَيْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَتِهَا لِلْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ (وَلَا حُكُومَةَ لِلْمَنَابِتِ) أَيْ مَنَابِتِ الْأَصَابِعِ بَلْ تَدْخُلُ فِي دِيَتِهَا، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ عَفَا إلَى آخَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ وَتَرَكَ قَوْلَ الْأَصْلِ، وَلَوْ عَفَا عَنْ قِصَاصِ الْأُصْبُعِ لَهُ دِيَةُ الْيَدِ، وَإِنْ اقْتَصَّ فَلَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ إلَى غَيْرِ الْأُصْبُعِ، أَوْ سَرَى، وَقُلْنَا لَا يَقَعُ قِصَاصًا فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْكَفِّ، وَلَا حُكُومَةَ لِلْمَنَابِتِ (وَهِيَ) أَيْ دِيَةُ الْمُتَآكَلِ (مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي) ؛ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ لِتَقَدُّمِهِ آنِفًا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْهُ (يُطَالِبُ بِهَا) أَيْ بِدِيَةِ الْمُتَآكَلِ (عَقِيبَ قَطْعِ الْأُصْبُعِ) أَيْ أُصْبُعِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ إلَى الْكَفِّ لَمْ يَسْقُطْ بَاقِي الدِّيَةِ فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ السِّرَايَةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَتْ) أَيْ الْجِنَايَةُ (إلَى النَّفْسِ فَاقْتَصَّ بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ (لَمْ يُطَالَبْ فِي الْحَالِ فَلَعَلَّهَا) أَيْ جِرَاحَةَ الْقِصَاصِ (تَسْرِي) فَيَحْصُلُ الْقِصَاصُ (وَكَذَا فِي ابْيِضَاضِ) حَدَقَةِ (الْعَيْنِ وَشُخُوصِهَا) بِالْجِنَايَةِ يَقْتَصُّ بِهَا بِمَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) ، وَلَا يُطَالَبُ بِدِيَةِ الضَّوْءِ فِي الْحَالِ فَلَعَلَّ الْجُرْحَ يَسْرِي (وَإِنْ اقْتَصَّ) بِمَا ذُكِرَ (فَلَمْ يَذْهَبْ الضَّوْءُ) فِي الْحَالِ (صَبَرَ) فَلَا يُطَالِبُ بِالدِّيَةِ (فَرُبَّمَا يَسْرِي) لِلضَّوْءِ.

(فَرْعٌ:) لَوْ (اقْتَصَّ) مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ (خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَفِي كَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا خِلَافٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ كَمَا جَزَمْت بِهِ بَعْدُ تَبَعًا لِجَزْمِ الْأَصْلِ بِهِ ثُمَّ، وَإِنْ جَرَى صَاحِبُ الْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى عَكْسِهِ (أَوْ) اقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِ مُوَرِّثِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ الْكَفِّ الْتَقَطَ الْأَصَابِعَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَلْقُطَ الْأَنَامِلَ الْعُلْيَا أَوْ الَّتِي قَبْلَهَا فَهَلْ يَجِيءُ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْعُدُولِ مِنْ الْمَرْفِقِ إلَى الْكُوعِ أَمْ يُقْطَعُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّدَتْ الْمَفَاصِلُ، وَلَنَا مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُقْطَعَ مِنْ أُصُولِ الْأَصَابِعِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ

(النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي إبْطَالِ الْمَنَافِعِ) قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُهُ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ إذْ قَدْ تَكُونُ عَيْنُ الْجَانِي ضَعِيفَةً أَوْ مَرِيضَةً، وَيَقُولُ أَهْلُ الْبَصَرِ مَتَى فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ انْغَلَقَتْ الْحَدَقَةُ (قَوْلُهُ: وَالْبَطْشُ) ي، وَالْمَشْيُ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦] نَظْمُ الْآيَةِ فِي الْأَعْرَافِ {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩] ، وَفِي الْحَجِّ {لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦] (قَوْلُهُ: وَفِي اللَّمْسِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْمَسِّ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْبَارِزِيُّ أَنَّهُ كَالْبَقِيَّةِ، وَقَوْلُ الطَّاوُسِيُّ: الْمَعْنِيُّ بِالْحَوَاسِّ غَيْرُ اللَّمْسِ؛ لِأَنَّ زَوَالَهُ إنْ كَانَ بِزَوَالِ الْبَطْشِ فَفِيهِ دِيَةُ الْبَطْشِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ فَإِنْ فُرِضَ تَخْدِيرٌ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ مَمْنُوعٌ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ زَوَالُهُ، وَقَوْلُهُ: فَفِيهِ دِيَةُ الْبَطْشِ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا بَلْ فِي الْقَوَدِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا ش، وَأَيْضًا فَاللَّمْسُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْحَوَاسِّ لَا يَخُصُّ الْيَدَيْنِ بَلْ هُوَ قُوَّةٌ تَعُمُّ أَعْضَاءَ الْبَدَنِ أَنْ.

[فَرْعٌ قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَتَآكَلَ الْكَفُّ أَوْ أَوْضَحَهُ فَتَصَلَّعَ]

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ) فَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ لَا تُعَدُّ قَصْدًا إلَى تَفْوِيتِهِ وَاللَّطَائِفُ لَا تُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ بَلْ يُتَوَصَّلُ إلَى تَفْوِيتِهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَالِّهَا أَوْ مَا يُجَاوِرُهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُكَرَّرٌ لِتَقَدُّمِهِ آنِفًا) مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اقْتَصَّ، وَهَذَا فِيمَا إذَا عَفَا.

[فَرْعٌ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ]

(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ كَمَا جَزَمْت بِهِ بَعْدُ تَبَعًا لِجَزْمِ الْأَصْلِ بِهِ ثَمَّ) وَصَحَّحَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>