للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ السُّكْرُ بِمَا ذُكِرَ كَزَوَالِ عَقْلِهِ بِوَثْبَةٍ (وَلَوْ كَانَ) السُّكْرُ (طَافِحًا) عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فِي الطَّافِحِ (وَكَذَا تَنْفُذُ سَائِرُ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ) مَعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ كَالْإِسْلَامِ وَالطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَالرُّجُوعُ فِي مَعْرِفَةِ السُّكْرِ إلَى الْعُرْفِ قُلْت وَلَا حَاجَةَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ) الْقَائِلِ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ (إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ لِأَنَّهُ إمَّا صَاحٍ وَإِمَّا سَكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدَّى) بِهِ (وَفِيمَا إذَا قَالَ إنْ سَكِرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُقَالُ أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى السُّكْرِ الْمُقَابِلِ لِأَنْهَاهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ طَافِحًا (أَنْ يَخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَيَنْكَشِفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ أَدْنَى وَقَدْ جَعَلَهُ الْأَصْلُ حَدًّا لِلسَّكْرَانِ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ وَجَعَلَ أَقْرَبَهَا مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ إنَّمَا شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَيْ وَثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَذَاكَ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ إكْرَاهًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ.

(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ جِسْمُك أَوْ جَسَدُك أَوْ شَخْصُك أَوْ جُثَّتُك أَوْ ذَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ (وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) مَعْلُومًا كَالنِّصْفِ أَوْ مُبْهَمًا كَالْبَعْضِ شَائِعًا كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ مُعَيَّنًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ (وَلَوْ) كَانَ الْجُزْءُ (مِمَّا يَنْفَصِلُ) مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ (كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ طَلُقَتْ) كَمَا فِي الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْغَى وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ (لَا الْفَضَلَاتِ) كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَوْلٍ (وَلَوْ لَبَنًا وَمَنِيًّا) فَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِطَلَاقِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ وَكَالْفَضَلَاتِ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ وَالْمَرْتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّحْمُ وَالسَّمْنُ وَالدَّمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَبِهَا قِوَامُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ شَيْئًا مِنْهَا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّمْنِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ كَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ السَّقِيمَةُ هَذِهِ وَالسَّمْنُ لَيْسَ مَعْنِيٌّ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِالدَّمِ رُطُوبَةَ الْبَدَنِ (لَا الْجَنِينَ) لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ (وَلَا الْعُضْوَ الْمُلْتَحِمَ) بِالْمَرْأَةِ (بَعْدَ الْفَصْلِ) مِنْهَا لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَطْعِهِ وَعَدَمِ تَعْلِيقِ الْقِصَاصِ بِهِ (وَلَا الْمَعَانِي الْقَائِمَةَ بِالذَّاتِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَرَكَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ) الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً مِنْ بَدَنِهَا (فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (الذَّاتَ) فَإِنْ أَرَادَهَا بِهِ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (رُوحُك أَوْ نَفْسُك) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ (طَالِقٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ مَعًا) خَرَجَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ بِهَا (قَوْلُهُ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ إلَخْ) عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَامْرَأَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ الَّذِي يُفْصِحُ بِمَا كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْهُ وَقِيلَ الَّذِي يَتَمَايَلُ فِي مَشْيِهِ وَيَهْذِي فِي كَلَامِهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ]

(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ) (قَوْلُهُ كَالشَّعْرِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَشَارَ إلَى شَعْرَةٍ فَقَالَ هَذِهِ الشَّعْرَةُ مِنْك طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا فَرْجَك طَلُقَتْ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَسْرِي وَلَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ أَنْت طَالِقٌ وَرَأْسُ عَمْرَةَ بِرَفْعِ رَأْسِ طَلُقَتَا وَقِيلَ إذَا لَمْ يَنْوِ فَفِي طَلَاقِ عَمْرَةَ وَجْهَانِ وَلَوْ قَالَ رَأْسِ عَمْرَةَ بِجَرِّ الرَّأْسِ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِرَأْسِهَا عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) كَفَرْجِك أَوْ دُبُرِك (قَوْلُهُ ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ) أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ لَوْ قَالَ أُنْثَيَاك أَوْ إحْدَى أُنْثَيَيْك طَالِقٌ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَالَ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْج وَقَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَأَظُنُّهُ قَالَ إحْدَاهُمَا لِنَبْتِ الشَّعْرِ وَالثَّانِيَةُ لِنُزُولِ الْمَنِيِّ. اهـ. وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. اهـ. نَاشِرِيّ وَقَوْلُهُ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُونَوِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ) يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا ضَمَانَهُ فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ فَأَوْجَبُوا ضَمَانَ كُلِّ سِمَنٍ تَكَرَّرَ بِخِلَافِ الصَّنْعَةِ إذَا زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ (قَوْلُهُ وَلَا الْمَعَانِي إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ وَلَا أَصْلُهُ لِمَا إذَا قَالَ عَقْلُك طَالِقٌ وَقَدْ اسْتَفْتَيْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَبْت فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْعَقْلَ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ. اهـ. قَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمَعَانِي وَقَوْلُهُ وَأَجَبْت فِيهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) إنْ لَمْ يُرِدْ الذَّاتَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت اسْمَهَا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ قَبُولِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>