للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَا) لطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ مُعَلَّقَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَى) فَلَا تَقَعُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ تُشْعِرُ بِذَلِكَ وَالْفَاءُ كَثُمَّ كَمَا قَدَّمْته فِي نَظِيرِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَكُلَّمَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى طَلْقَةً وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ.

(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدُ) لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتُعْمِلَ الْبَاقِي فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا (فَإِنْ قَالَ) إنْ وَلَدْتُمَا (وَلَدًا وَاحِدًا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقَانِ بِوِلَادَتِهِمَا وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَلِكَ بِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَيْضَةِ وَتَعَذُّرِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا لَزِمَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَوْ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَامُ حَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْوُقُوعِ عَلَى تَمَامِهِمَا فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ مُشْكِلٌ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلَدِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ وَاحِدٌ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ يَجْرِي تَعْيِينُهُ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا لِلْمَرْأَةِ لِوَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي الْوَحْدَةِ فَأَلْغَى الْكَلَامَ كُلَّهُ وَحَيْضَةٌ ظَاهِرٌ فِيهَا فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا وَبِإِلْغَائِهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ تَمَامِ الْحَيْضَةِ.

(فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ) حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) فَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَتَتَعَذَّرُ أَيْ تَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا) لَوْ عَلَّقَ بِمَا (لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا) غَالِبًا (كَالنِّيَّةِ وَالْبُغْضِ وَالْحُبِّ وَلَوْ عَلَّقَ بِطَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا) حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا وَطَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ اتَّصَلَتْ الْهَاءُ بِالطَّاءِ (فَادَّعَتْهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ كَحَيْضِهَا (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَطَلُقَتْ وَحْدَهَا) فَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا فَإِنَّ التَّحْلِيفَ لِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِحَلِفِ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَعْلِيقِ الْخُصُومَةِ بِهِ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا) فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا (لَمْ تُصَدَّقْ) بَلْ تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَإِنْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِزِنَاهَا لَمْ يَحْلِفْ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَ) لَكِنْ (تُحَلِّفُهُ إنْ ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ) أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ طَلَاقَ زَوْجَتَيْهِ (بِحَيْضَتِهِمَا فَادَّعَتَاهُ) وَكَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتَا بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا (وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (فَحَلَفَتْ الْمُكَذَّبَةُ) أَنَّهَا حَاضَتْ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ (وَتَطْلُقُ الْمُكَذَّبَةُ) فَقَطْ (بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ) لِزَوْجَتَيْهِ (مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ) وَادَّعَتَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ.

(فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَادَّعَيْنَهُ فَصَدَّقَهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا) أَيْ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِحَلِفِ الْمُكَذَّبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ كَذَّبَ ثِنْتَيْنِ) وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (كَتَكْذِيبِ الْجَمِيعِ) إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَإِنْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ طُلِّقْنَ.

(وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ) فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَكَذَّبَهَا]

(قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى ذَلِكَ) قَالَ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] فَحَرَّمَ الْكَتْمَ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] .

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَانَ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهَا وَقَوْلُ الْأَمِينِ إذَا عَرِيَ عَنْ التُّهْمَةِ مَقْبُولٌ وَلَا تُهْمَةَ؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ حُقُوقَهَا عَنْ الزَّوْجِ وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ وَكَذَّبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَلَوْ قَالَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي صِدْقُهَا وَلَكِنْ أُجَوِّزُ كَذِبَهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي تَصْدِيقِهَا إلَّا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِهِ النَّاشِئِ عَنْ إخْبَارِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ إذَا صَرَّحَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، قِيلَ التَّصْرِيحُ بِالْمُسْتَنَدِ قَدْ يَمْنَعُ الْقَبُولَ كَالشَّاهِدِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَإِذَا أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ تُسْمَعْ.

(قَوْلُهُ وَالْبُغْضُ وَالْحُبُّ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَحْبَبْت دُخُولَ النَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَحْبَبْت دُخُولَهَا فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ.

(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ) أَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ شِئْت فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. اهـ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا لَمْ تُصَدَّقْ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ إنْ قُلْت كَذَا أَوْ سَبَيْت فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ ادَّعَتْ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ إنَّهَا لَمْ تَقَعْ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْلِفُ.

(قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ كُنْت أَبْحَثُ فِيهِ كَثِيرًا ثُمَّ وَقَفْت بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بِحَلِفِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>