للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَتَلَتْهُ) (اُشْتُرِطَ) فِي ثُبُوتِ الزِّنَا (أَرْبَعَةٌ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُهُودٌ أَرْبَعَةٌ (حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ) أَيْ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِمَا قَالَهُ الْقَائِلُ (وَاقْتَصُّوا) مِنْهُ (وَإِنْ أَقَرُّوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (بِاسْتِمْتَاعٍ غَيْرِ الْجِمَاعِ) كَأَنْ أَقَرُّوا أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ كَانَ مَعَهَا تَحْتَ ثَوْبٍ يَتَحَرَّكُ تَحَرُّكَ الْمُجَامِعِ وَأَنْزَلَ وَلَمْ يُقِرُّوا بِجِمَاعٍ (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) عَنْ الدَّافِعِ (فَإِنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ) مَعَ إقْرَارِهِمْ بِجِمَاعِهِ (بَكَارَتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ) وَعَلَى الْقَاتِلِ الْبَيِّنَةُ بِالْإِحْصَانِ

(وَمَنْ قَطَعَ يَمِينَ السَّارِقِ أَوْ مُحَارِبٍ) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (اُحْتُسِبَ بِهِ) عَنْ الْحَدِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِقَطْعِهَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ (وَعُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (وَلَوْ جَلَدَ) شَخْصٌ (زَانِيًا أَوْ قَاذِفًا) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ) عَنْ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ يَخْتَلِفُ وَقْتًا وَمَحَلًّا بِخِلَافِ الْقَطْعِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ (فَلَوْ مَاتَ) مِنْ جَلْدِهِ بِجَلْدِهِ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَإِنْ عَاشَ أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَدُّ

[فَصْلٌ لِلشَّخْصِ رَمْيُ عَيْنِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى أَوْ مُرَاهِقٍ حَالَ نَظَرِهِ إلَى امْرَأَتِهِ فِي دَارِهِ]

(فَصْلٌ) (لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (رَمْيُ عَيْنِ رَجُلٍ وَكَذَا امْرَأَةٌ) أَوْ خُنْثَى (أَوْ مُرَاهِقٍ حَالَ نَظَرِهِ) وَلَوْ مَنْ مَلَكَهُ (إلَى امْرَأَتِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ إلَى حُرْمَتِهِ (فِي دَارِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِك وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَحَذَفْته بِحَصَاةٍ فَفَقَأْت عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ جُنَاحٍ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ «فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ النَّظَرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مَسْتُورَةً أَمْ لَا وَلَوْ فِي مُنْعَطَفٍ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ سَتْرَهَا عَنْ الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً بِثِيَابٍ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى تَسْتَتِرُ وَتَنْكَشِفُ فَيَحْسِمُ بَابَ النَّظَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ لِلْمَنْظُورَةِ وَإِنَّ الْأَمْرَدَ، وَالْأَمَةَ كَالْمَرْأَةِ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا وَجَازَ رَمْيُ الْمُرَاهِقِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ كَالْبَالِغِ، وَالرَّمْيُ تَعْزِيرٌ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُكَاتَبِ وَلِهَذَا يَجُوزُ دَفْعُ الصَّائِلِ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ بَهِيمَةً وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْأَجْنَبِيُّ فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ النَّاظِرِ (لَا) حَالَ نَظَرِهِ (فِي مَسْجِدٍ وَشَارِعٍ) فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَلِأَنَّهُ الْهَاتِكُ حُرْمَتَهُ.

(وَكَذَا) رَمْيُهُ حَالَ نَظَرِهِ (إلَيْهِ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَسْتُورِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ جَوَازَ الرَّمْيِ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الْأَقْوَى لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَرْمِيهِ إذَا كَانَ نَظَرُهُ (مِنْ كُوَّةٍ) ضَيِّقَةٍ (وَشِقِّ بَابٍ) مَرْدُودٍ (وَكَذَا مِنْ سَطْحِهِ) أَيْ النَّاظِرِ (وَمَنَارَةٍ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ وَيَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُ (وَلَوْ قَبْلَ إنْذَارِهِ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يُفِدْ الصِّيَاحُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ، فَإِنْ كَانَ يُفِيدُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ) قَبْلَ رَمْيِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُلْ مَا لَا يُوثَقُ بِكَوْنِهِ دَافِعًا وَيَخَافُ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِهِ مُبَادَرَةَ الصَّائِلِ لَا يَجِبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ قَطْعًا (وَإِذَا جَازَ) لَهُ (الرَّمْيُ رَمَاهُ بِشَيْءٍ خَفِيفٍ) تُقْصَدُ الْعَيْنُ بِمِثْلِهِ (كَحَصَاةٍ وَإِنْ أَعْمَاهَا) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَصَابَ قَرِيبًا مِنْهَا) بِلَا قَصْدٍ فَجَرَحَهُ (فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ) لِقُرْبِ الْخَطَأِ مِنْهَا إلَيْهِ (إلَّا إنْ بَانَ) الْمَرْمِيُّ (أَعْمَى) فَيَضْمَنُهُ الرَّامِي وَإِنْ جَهِلَ عَمَاهُ قَالَ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِنَظَرِهِ (وَلَوْ أَصَابَ مَا لَا يُخْطِئُ إلَيْهِ رَامِي الْعَيْنِ) بِأَنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا (ضَمِنَ) لِبُعْدِ الْخَطَأِ مِنْهَا إلَيْهِ (وَإِنْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ يَقْتُلُ أَوْ نُشَّابٍ أَوْ قَصَدَ عُضْوًا آخَرَ) وَلَوْ قَرِيبًا (وَجَبَ الضَّمَانُ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَجَرِ، وَالنُّشَّابِ جَازَ كَنَظِيرِهِ فِي الصِّيَالِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ بِالْعَصَا وَلَمْ يَجِدْ إلَّا السَّيْفَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْأَخِيرَةِ إذَا أَمْكَنَهُ رَمْيُ عَيْنِهِ.

(فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَمْيُ عَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ) بِرَمْيِهِ بِالْخَفِيفِ (اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ غَوْثٍ أَحْبَبْت أَنْ يُنْشِدَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (ثُمَّ لَهُ) إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ) إنَّمَا يَظْهَرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحَلِفِ الْوَلِيِّ إذَا قُلْنَا بِهِ فِي مَسْأَلَةٍ قَدِّ الْمَلْفُوفِ وَنَحْوِهَا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ فِيهَا وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا امْرَأَةٍ) قَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ مَسْأَلَةَ الْمَرْأَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ النَّاظِرَةُ كَافِرَةً وَالْمَنْظُورُ إلَيْهَا مُسْلِمَةً وَفَرَّعْنَا عَلَى مَنْعِ نَظْرَةِ الْكَافِرَةِ لِلْمُسْلِمَةِ أَوْ نَظَرَتْ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ لِمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تَرْمِي وَاسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ النَّظَرُ بِقَصْدِ الْخِطْبَةِ أَوْ شِرَاءِ الْأَمَةِ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ وَالْقِيَاسُ جَوَازُ الرَّمْيِ أَيْضًا لِلْمَرْأَةِ الْمَنْظُورِ إلَيْهَا وَلِمَحْرَمِهَا وَتَرَدَّدَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ خُنْثَى مُشْكِلًا أَيْ إلَى غَيْرِ عَوْرَتِهِ وَقَالَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَرْمِيهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لِلْمَنْظُورَةِ) أَيْ وَلِجَمِيعِ مَحَارِمِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْأَمْرَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ كَالْبَالِغِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ النَّظَرُ بِقَصْدِ الْخِطْبَةِ أَوْ شِرَاءِ الْأَمَةِ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ رَمْيُهُ حَالَ نَظَرِهِ إلَيْهِ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَظَرَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُمْ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ حَدٍّ وَيَضْمَنُ ع قَالَ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ مِنْ مَحَارِمِهِ الَّذِينَ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ كَالْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ وَالْخَالَاتِ فَوَجْهَانِ اهـ وَأَرْجَحُهُمَا جَوَازُ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْتُورِهَا) أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ امْرَأَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يُفِدْ الصِّيَاحُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهَذَا أَحْسَنُ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ هُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرُوهُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ تَعَيُّنِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَجَرِ وَالنُّشَّابِ جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>