للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْبَصِيرِ وَلَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ) وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ) اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا (كَغَيْرِهَا) وَإِنْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ (وَلَوْ وَضَعَ الرَّجُلُ فَمَه عَلَى أُذُنِهِ) أَيْ الْأَعْمَى فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ (وَيَدُ الْأَعْمَى عَلَى رَأْسِهِ) مَثَلًا (فَضَبَطَهُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ إلَى أَنْ أَحْضَرَهُ (إلَى الْحَاكِمِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ) عِنْدَهُ (بِمَا سَمِعَ) مِنْهُ (قُبِلَ) لِلْعِلْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ حِينَئِذٍ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ يَشْهَدُ بِالْفِعْلِ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجٍ آخَرَ فَتَعَلَّقَ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَبِأَنْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ لِغَيْرِهِ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَبِالْبِسَاطِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْحَصْرَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا عَلِمَ بِبَاقِي الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَهِيَ الذَّوْقُ وَاللَّمْسُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي مَرَارَةِ الْمَبِيعِ أَوْ حُمُوضَتِهِ أَوْ تَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ أَوْ حَرَارَتِهِ أَوْ بُرُودَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ فِيمَا اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا يُدْرَكُ بِالْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ اعْتِمَادَ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ قَلِيلٌ وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا مَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ انْتَهَى قِيلَ وَالشَّهَادَةُ بِالْحَمْلِ وَالْقِيمَةِ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ هُمَا دَاخِلَانِ فِي الْإِبْصَارِ إذْ الْمُرَادُ الْإِبْصَارُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا شَهِدَ بِهِ بِحَسْبِهِ (وَتُقْبَلُ رِوَايَةُ الْأَعْمَى) بِمَا سَمِعَهُ وَلَوْ حَالَ الْعَمَى (إذَا حَصَلَ لَنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ بِضَبْطِهِ) لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ (وَيَشْهَدُ) الْأَعْمَى (لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ عَلَى مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ بِمَا تَحَمَّلَ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ (قَبْلَ الْعَمَى) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَجْهُولِيهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَعْيِينُهُمَا أَوْ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا نَعَمْ لَوْ عَمِيَ وَيَدُهُمَا أَوْ يَدُ الْمُقِرِّ فِي يَدِهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ تَرْجَمَ الْأَعْمَى) كَلَامَ الْخَصْمِ أَوْ الشُّهُودِ (لِلْقَاضِي) أَوْ بِالْعَكْسِ (جَازَ) لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ (وَلَوْ عَمِيَ قَاضٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا) فِي وَاقِعَةٍ (حَكَمَ) فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَإِنْ صَارَ مَعْزُولًا فِي غَيْرِهَا (إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ) كَمَا لَوْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَهُوَ بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ

(فَصْلٌ) لَوْ (رَأْي فِعْلَ إنْسَانٍ أَوْ سَمِعَهُ) يَقُولُ شَيْئًا (شَهِدَ عَلَيْهِ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (إنْ عَرَفَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ غَائِبًا) وَلَوْ بِدَفْنِهِ مَيِّتًا (وَبِالْإِشَارَةِ) إلَيْهِ (إنْ حَضَرَ) لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ) أَيْ دُونَ اسْمِ جَدِّهِ (شَهِدَ بِذَلِكَ وَلَمْ تُفِدْ) شَهَادَتُهُ بِهِ (إلَّا إنْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَمَارَاتٍ يَتَحَقَّقُ بِهَا نَسَبُهُ) أَيْ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِ حِينَئِذٍ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُفِيدُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا حَصَلَتْ الْمَعْرِفَةُ بِذَلِكَ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ بِهِ (وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا بِالْبَيْعِ) لِكَذَا (وَأَقَرَّ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ إلَخْ) وَبِأَنْ وَضَعَتْ الْعَمْيَاءُ يَدَهَا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَخَرَجَ مِنْهَا الْوَلَدُ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ إلَى أَنْ تُكْمِلَ خُرُوجَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا (قَوْلُهُ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ) أَوْ أَتْلَفَهُ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ الْأَعْمَى لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأُمِّ لَوْ امْتَنَعَ لَزِمَ أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ الْبَصِيرِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَرَاهُمَا وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ يَجْرِي عَلَى الْغَالِبِ وَالْغَرَضُ حُصُولُ الْإِعْلَامِ فَلَوْ حَصَلَ بِالِاسْمِ الْمُنْحَصِرِ كَفَى وَالْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَكَانَتْ يَدُ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً مِنْ حِينِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ بَعْدَ الْعَمَى جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَا غَيْرَ مَعْرُوفَيْنِ وَيَدُهُمَا بِيَدِهِ وَضَبَطَ الْمَشْهُودَ لَهُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَلْتَحِقُ بِالْأَعْمَى فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْبَصَرِ مَنْ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ وَيُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّوَرِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهَا بَعْدَ الْمُقَارَبَةِ وَشِدَّةِ التَّأَمُّلِ قُبِلَتْ مِنْهُ كَالْبَصِيرِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْوَرِ وَالْأَحْوَلِ وَالْأَعْمَشِ فَإِنْ كَانَ الْأَحْوَلُ يَرَى الْوَاحِدَ اثْنَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِي الْعَدَدِ وَقُبِلَتْ فِيمَا سِوَاهُ

[فَصْلٌ لَوْ رَأْي فِعْلَ إنْسَانٍ أَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ شَيْئًا شَهِدَ عَلَيْهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ]

(قَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ) لَوْ غَابَ عَنْهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَعَادَ الْأَدَاءَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ فِيهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا تَحَمَّلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُفَارِقْهُ مِنْ وَقْتِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ هُوَ كَذَا ظَنَنْته وَلَمْ أَنْقُلْهُ غ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ذِكْرِ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَلَوْ بِذِكْرِ الِاسْمِ خَاصَّةً قَوْلُهُ وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ إنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا إلَخْ لَوْ شَهِدَ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَذَا فَهَلْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ بِالْوَكَالَةِ مُوجِبَةً لِلشَّهَادَةِ بِنَسَبِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَصَرَهَا مَالِكٌ عَلَى الْوَكَالَةِ دُونَ النَّسَبِ اعْتِبَارًا بِالْمَقْصُودِ مِنْهَا وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَكُونُ شَهَادَةً بِالْوَكَالَةِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُوجِبُ إثْبَاتَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَقْصُودٍ وَغَيْرِهِ كَمَنْ شَهِدَ بِثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ صَدَاقٍ فِي نِكَاحٍ كَانَ شَاهِدًا بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الثَّمَنَ وَالصَّدَاقَ وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَثْبُتُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ الْوَكَالَةُ وَالنَّسَبُ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِيمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّاهِدَ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ نَسَبَهُ وَإِلَّا فَغَالِبُ مَنْ يَتَحَمَّلُ الشُّهُودَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهُ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ وَعَرَفَاهُ فَذَكَرَ نَسَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>