للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلَ أُخَرَ مِنْهَا مَا لَوْ وَكَّلَهُ شَرِيكُهُ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ عَتَقَ جَمِيعُ الْعَبْدِ شَائِعًا عَنْهُ وَعَنْ مُوَكِّلِهِ أَوْ بِالثَّانِي لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُ الْوَكِيلِ وَهَذِهِ سَتَأْتِي بَعْدُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَا عِتْقَ نَصِيبَيْهِمَا بِقُدُومِ زَيْدٍ) كَأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ (فَقَدِمَ أَوْ وَكَّلَا مَنْ يُعْتِقُهُ) فَأَعْتَقْته (دَفْعَةً عَتَقَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نَصِيبُهُ (وَلَا تَقْوِيمَ) لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ دَفْعَةً سَوَاءٌ أَكَانَا مُوسِرَيْنِ أَمْ مُعْسِرَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا (وَلَوْ سَبَقَ تَعْلِيقُ أَحَدِهِمَا أَوْ تَوْكِيلُهُ) عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ (لِأَنَّ الْعِبْرَةَ) بِالْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبَ (بِوَقْتِ الْقُدُومِ وَالْعِتْقِ) لَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ وَالتَّوْكِيلِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً، ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا.

(وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، ثُمَّ نَجَّزَ الْآخَرُ عِتْقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ) مَثَلًا (فَإِنْ مَاتَ) الْمُعَلِّقُ (قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيقِ (وَلَوْ) كَانَ النَّاقِصُ مِنْ الشَّهْرِ (بِقَدْرِ صِيغَةِ التَّعْلِيقِ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ فَقَطْ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّعْلِيقِ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ عَتَقَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (عَلَى الْمُنَجِّزِ) إنْ كَانَ مُوسِرًا. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْتِقَ بِالتَّعْلِيقِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّعْلِيقِ إنَّمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْتِ بِشَهْرٍ وَإِعْتَاقُ الْمُنَجِّزِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الشَّهْرِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ وَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِأَيَّامٍ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ أَكْثَرَ مِنْ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ تَمَامِ) صِيغَةِ (التَّعْلِيقِ عَتَقَ عَلَى الْمُعَلِّقِ) لِتَقَدُّمِ تَرَتُّبِ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى التَّنْجِيزِ (أَوْ) مَاتَ (لِتَمَامِ شَهْرٍ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمُنَجِّزِ عَتَقَ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نَصِيبُهُ وَلَا تَقْوِيمَ) لِوُقُوعِ الْعِتْقَيْنِ مَعًا.

[فَرْعٌ تَقَعُ السِّرَايَةُ إذَا حَكَمْنَا بِهَا بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الشَّرِيكِ]

(فَرْعٌ تَقَعُ السِّرَايَةُ) إذَا حَكَمْنَا بِهَا (بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) مِنْ الشَّرِيكِ وَحِينَئِذٍ (يَصِيرُ حُرًّا قَبْلَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ يَسَارَهُ بِقِيمَةِ الْبَاقِي جُعِلَ كَمِلْكِهِ لِلْبَاقِي فِي اقْتِضَاءِ السِّرَايَةِ فَتَحْصُلُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ وَلِأَنَّ الْبَاقِيَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَالتَّقْوِيمُ عَلَيْهِ يُشْعِرُ بِالْإِتْلَافِ، وَهَلْ تَحْصُلُ الْحُرِّيَّةُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ، ثُمَّ يَعْتِقُ، وَقِيلَ يَحْصُلَانِ مَعًا.

(وَيُقَوَّمُ) نَصِيبُ الشَّرِيكِ (عَلَى شَرِيكٍ مُوسِرٍ اسْتَوْلَدَ) الْأَمَةَ (الْمُشْتَرَكَةَ) بَيْنَهُمَا تَنْزِيلًا لِلِاسْتِيلَادِ مَنْزِلَةَ الْإِعْتَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِتْلَافِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ بِاللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ مِنْ غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا سِرَايَةَ بِاسْتِيلَادِهِ كَالْعِتْقِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْيَسَارِ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ يَسَارُهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي كُلُّهَا لِفَرْعِهِ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ) مَعَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ (نِصْفُ الْمَهْرِ) لِتَمَتُّعِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ (وَيَسْرِي) أَيْ الِاسْتِيلَادُ (بِنَفْسِ الْعُلُوقِ) كَالْإِعْتَاقِ (وَلَا تَجِبُ قِيمَةُ نِصْفِ الْوَلَدِ) لِأَنَّا جَعَلْنَا أَمَةَ أُمِّ وَلَدٍ فِي الْحَالِ فَيَكُونُ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ فَلَا تَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَقِيلَ تَجِبُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الْوُجُوبَ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ التَّدْبِيرِ (ثُمَّ لَوْ) (وَطِئَهَا الثَّانِي) قَبْلَ أَخْذِهِ الْقِيمَةَ (لَزِمَهُ لِلْأَوَّلِ الْمَهْرُ) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ (وَلَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (نِصْفُهُ) أَيْ الْمَهْرِ (فَيَتَقَصَّانِ فِيهِ) وَفِي قَوْلِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَتَقَاصَّانِ فِي الْمَهْرِ تَجَوُّزٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

النِّصْفَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ يَشِيعُ وَذَكَرَ لَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فَائِدَةً أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ أَعْتِقْ نِصْفَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَأَطْلَقَ إعْتَاقَ النِّصْفِ فَإِنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى نِصْفِهِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ قُلْنَا يَكُونُ شَائِعًا حَتَّى لَا يَعْتِقَ أَوَّلًا إلَّا نِصْفَ نَصِيبِهِ، ثُمَّ يَسْرِي فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا نِصْفَ الْأَلْفِ كَمَا صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِيمَا لَوْ سَأَلَتْ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَنِصْفًا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى مَالٍ كَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ.

[فَرْعٌ عَلَّقَا عِتْقَ نَصِيبَيْهِمَا بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ أَوْ وَكَّلَا مَنْ يُعْتِقُهُ فَأَعْتَقْته دَفْعَةً]

(قَوْلُهُ تَنْزِيلًا لِلِاسْتِيلَادِ مَنْزِلَةَ الْإِعْتَاقِ) وَهَلْ هُوَ أَوْلَى بِالنُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَالْأَفْعَالُ أَقْوَى وَلِهَذَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ دُونَ إعْتَاقِهِمَا وَإِيلَادُ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِعْتَاقُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْعِتْقُ أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حَقِيقَةَ الْعِتْقِ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ؟ أَوْجُهٌ حَكَاهَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَعَزَا الْأَوَّلَ لِلْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَا فَرْقَ فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) هُوَ الظَّاهِرُ غ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْيَسَارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ أَيْضًا يُزَادُ اسْتِيلَادُ أَصْلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَاسْتِيلَادُ رَاهِنِ النِّصْفَ يَسْرِي إلَى الْمَرْهُونِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِيلَادُ فِي الْجَمِيعِ بِلَا سِرَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كُلَّهَا قَالَ وَيَجِيءُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ فِي التَّرِكَةِ وَفِي الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ إذَا كَانَتْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَفَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الَّذِي لَمْ يَفْدِ وَاسْتَوْلَدَهَا فَإِنَّهُ يَسْرِي الِاسْتِيلَادُ بِشَرْطِ الْيَسَارِ إلَى النِّصْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَلَوْ سَبْقِ الْإِنْزَالِ فَقَدْ سَبَقَ مَا يَقْتَضِي الِاسْتِيلَادَ الْمُقْتَضِي لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لِلْمُسْتَوْلَدِ عَلَى مَا يُوجِبُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَتَكُونُ كَحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَهِيَ لَا تَجِبُ عَلَى قَوْلِ التَّعْجِيلِ وَلَا عَلَى قَوْلِ التَّبْيِينِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ نَحْوَ ذَلِكَ فِي اسْتِيلَادِ الْأَصْلِ جَارِيَةَ فَرْعِهِ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرَاهُ هُنَا، وَقَوْلُهُ فَلَوْ سَبَقَ الْإِنْزَالُ أَيْ أَوْ قَارَنَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يَجِيءُ هُنَا مَا سَبَقَ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا هَلْ تُفْرَدُ الْبَكَارَةُ بِأَرْشٍ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْإِفْرَادِ هَلْ يَجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ أَوْ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ؟ خِلَافٌ بَيَّنَّاهُ بِمَا فِيهِ فِيمَا تَقَدَّمَ غ (قَوْلُهُ وَيَسْرِي بِنَفْسِ الْعُلُوقِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقْتُ الْعُلُوقِ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ فَيُقَالُ يَتَبَيَّنُ بِالْوَضْعِ حُصُولُ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ إنْ ظَهَرَ بِإِنْزَالٍ عُرِفَ وَقْتُهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ قِيمَةُ نِصْفِ الْوَلَدِ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ النِّصْفِ تَبِعَ فِيهِ الْمُهِمَّاتِ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ إنَّ تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالصَّوَابُ قِيمَةُ النِّصْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>