للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَهُ إلَى الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَائِرُ الْعَصَبَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ (وَهُوَ) أَيْ الْقَاضِي (وَلِيُّهُ دُونَ الْأَبِ وَالْجَدِّ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُعِيدُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ غَيْرِهِ قَدْ زَالَتْ فَيَنْظُرُ مَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ (وَلَا يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ إلَّا بِهِ) أَيْ بِالْقَاضِي كَمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ (وَلَا حَجْرَ بِعَوْدِ الْفِسْقِ) بِلَا تَبْذِيرٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ وَيُفَارِقُ اسْتِدَامَتَهُ بِالْفِسْقِ الْمُقْتَرِنِ بِالْبُلُوغِ بِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ بَقَاؤُهُ، وَهُنَا ثَبَتَ الْإِطْلَاقُ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَيُفَارِقُ الْحَجْرُ بِعَوْدٍ التَّبْذِيرَ بِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ إتْلَافُ الْمَالِ وَلَا عَدَمُ إتْلَافِهِ بِخِلَافِ التَّبْذِيرِ (وَلَا) حَجْرَ (بِالْغَبْنِ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ تَصَرُّفٍ) لِبُعْدِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ تَرْجِيحُ جَوَازِ الْحَجْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْبَعْضُ الَّذِي يُغْبَنُ فِيهِ أَكْثَرَ حُجِرَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، أَوْ أَقَلَّ فَلَا مُطْلَقًا وَإِنْ اسْتَوَيَا فَتَرَدُّدٌ (وَلَا) حَجْرَ (بِالشُّحَّةِ عَلَى النَّفْسِ) مَعَ الْيَسَارِ لِيُنْفِقَ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقِيلَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْقَائِلُ بِهِ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَكِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ إخْفَاءَ مَالِهِ لِشِدَّةِ شُحِّهِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَشَدُّ مِنْ التَّبْذِيرِ

(فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) شَرْعًا أَوْ حِسًّا (عَقْدٌ مَالِيٌّ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ (وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ الْمُوَكِّلِ وَتَقْدِيرِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بِتَقْدِيرِ (الْعِوَضِ) وَفِي أُخْرَى، وَلَوْ قَدَّرَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ وَلِأَنَّهَا إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ وَلِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ بِخِلَافِ الِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَيَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ بَلْ تَحْصِيلٍ (لَا) قَبُولُهُ (الْوَصِيَّةَ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ الصِّحَّةُ أَيْضًا، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ وَالْمُوصَى بِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ سَلَّمَهُمَا إلَيْهِ ضَمِنَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُوصَى بِهِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَبَحَثَ فِي الْمَطْلَبِ جَوَازَ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ إلَيْهِ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ عَقِبَ تَسَلُّمِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ.

وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَقَبْضُهُ دَيْنَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ، وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ، وَصُلْحُهُ مِنْ قَوَدٍ لَزِمَهُ عَلَى شَيْءٍ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ، وَتَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ دُونَ إيجَابِهِ وَنِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَبَعٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَحَالِّهَا قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ وَعَسِرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فِي الْمَطَاعِمِ وَنَحْوِهَا وَانْتَهَى إلَى الضَّرُورَةِ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ بِحَسَبِهَا (وَيَضْمَنُ الْقَابِضُ مِنْ السَّفِيهِ) مَا قَبَضَهُ مِنْهُ فِي مُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَتَلِفَ عِنْدَهُ (وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِحَالِهِ كَمَا فِي الْقَابِضِ مِنْ الصَّبِيِّ (لَا هُوَ) أَيْ السَّفِيهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِهِ (إنْ أَقْبَضَهُ) لَهُ (رَشِيدٌ وَتَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ) لَهُ (بِرَدِّهِ وَلَوْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ) أَوْ كَانَ الْمُقْبِضُ لَهُ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ضُرِبَ لِمَصْلَحَتِهِ فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّبِيِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَقْبَضَهُ لَهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَتَلِفَ مُطْلَقًا أَوْ رَشِيدٌ وَتَلِفَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِرَدِّهِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ (ضَمِنَ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ، وَالتَّقْيِيدُ بِ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ لَبَعُدَ اجْتِمَاعُ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ) حَدِيثُ ابْنِ مُنْقِذٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُخْدَعُ فِي بَعْضِ الْبِيَاعَاتِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ حِسًّا عَقْدٌ مَالِيٌّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

(فَصْلٌ) وَلَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَقْدٌ مَالِيٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ) إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِتَمَلُّكِهِ بِعَقْدٍ، وَقَبُولُهَا مُمَلَّكٌ، وَلَيْسَ فَوْرِيًّا فَأُنِيطَ بِالْوَلِيِّ، وَصَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ قَبُولِهَا بِإِيجَابِهَا مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ بِمُمَلَّكٍ، وَقَدْ يُوجَدُ إيجَابُهَا مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمَ كَوْنُهُ عَلَى هَذَا بَلْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ قَبُولِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُفَادَاتَهُ نَفْسَهُ بِالْمَالِ كَذَلِكَ قَوِيٌّ وَعَقْدُ الْهُدْنَةِ كَالْجِزْيَةِ وَيَصِحُّ عَفْوُهُ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ، وَلَوْ مَجَّانًا، وَإِجَارَتُهُ نَفْسَهُ بِمَالِهِ الْمُتَبَرِّعِ بِهِ مِنْ مَنَافِعِهِ، وَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ اسْتَحَقَّ الْجَعْلَ، وَلَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا لِلسُّفَهَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَنَا وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا جَازَ كَالْجِزْيَةِ، وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةٍ فَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ فَدَلَّهُ سَفِيهٌ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ بِحَبْسِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ع وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَجْرِهِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ) حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجْهًا وَضَعَّفَاهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بَاطِنًا لَمْ تَمْتَنِعْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ ظَاهِرًا أَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ: إنَّمَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَقَالَ آخُذُهُ: بَلْ قَبْلَهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرُشْدِهِ حَالَ إتْلَافِهِ غَرِمَهُ، وَإِلَّا فَالْمُتَبَادَرُ تَصْدِيقُ آخِذِهِ بِيَمِينِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ تَفَقُّهٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّبِيِّ) قَدْ مَرَّ هُنَاكَ أَنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>