للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذْنَا بِذِي الثَّلَاثِ، وَكَذَا فِي السَّبْقِ وَالِانْقِطَاعِ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الْمُسْلِمِ

(وَكَذَا إنْ بَالَ أَوْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ وَحَاضَ بِفَرْجِهِ) أَوْ بَالَ بِأَحَدِهِمَا وَأَمْنَى بِالْآخَرِ فَمُشْكِلٌ وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجْرِ وَلَا أَثَرَ لِتَقَدُّمِ الْبَوْلِ وَتَكَرُّرِهِ الْمُقْتَضَيَيْنِ لِلِاتِّضَاحِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فَإِنْ قُلْت فِيهِ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالْإِشْكَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالِاتِّضَاحِ قُلْنَا لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ لِلْأَحْكَامِ الْمَاضِيَةِ وَإِنَّمَا غَيَّرْنَا الْحُكْمَ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ الْآنَ وَصَارَ كَالْمُجْتَهِدِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دَلِيلٌ أَخَذَ بِهِ ثُمَّ إذَا عَارَضَهُ دَلِيلٌ يَتَوَقَّفُ عَنْ الْأَخْذِ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَنْقُضُ مَا مَضَى نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ

(وَلَا أَثَرَ لِلِحْيَةٍ و) لَا لِنُهُودِ (ثَدْيٍ وَ) لَا لِتَفَاوُتِ (أَضْلَاعٍ) وَإِنْ غَلَبَتْ اللِّحْيَةُ وَنُقْصَانُ ضِلْعٍ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِلذَّكَرِ وَالنُّهُودِ وَتَسَاوِي الْأَضْلَاعِ لِلْأُنْثَى وَعَدَّ الْأَصْلُ خُرُوجَ الْوَلَدِ عَلَامَةً مُفِيدَةً لِلْقَطْعِ بِالْأُنُوثَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِالْمَنِيِّ أَوْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْآتِي إلَّا إنْ حَبِلَ (وَإِنْ عُدِمَ الدَّالُّ) السَّابِقُ (اُخْتُبِرَ) وَفِي نُسْخَةٍ أُخْبِرَ وَفِي أُخْرَى سُئِلَ (بَعْدَ بُلُوغٍ وَعَقْلٍ فَإِنْ مَالَ) بِإِخْبَارِهِ (إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ فَامْرَأَةٌ) فَلَا يَكْفِي إخْبَارُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ كَسَائِرِ الْأَخْبَارِ وَلَا بَعْدَهُمَا مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ الْعَلَامَاتِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهَا مَحْسُوسَةٌ مَعْلُومَةُ الْوُجُودِ وَقِيَامُ الْمَيْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَكْذِبُ فِي إخْبَارِهِ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا (أَنْ يَكْتُمَ مَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ) بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ حَالًا فَإِنْ أَخَّرَهُ أَثِمَ وَفَسَقَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْإِخْبَارِ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَإِخْبَارِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي بُلُوغِهِ وأصلامه وَغَيْرِهِمَا (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (أَنْ يُخْبِرَ بِلَا مَيْلٍ) فَلَا يُخْبِرُ بِالتَّشَهِّي (فَإِنْ قَالَ لَا أَمِيلُ) إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ أَمِيلُ إلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (فَمُشْكِلٌ وَلَوْ حَكَمَ بِذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَنْقُضْ بِرُجُوعِهِ) عَنْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحِلُّهُ فِيمَا عَلَيْهِ أَمَّا فِيمَا لَهُ فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ قَطْعًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (وَلَا بِظُهُورِ عَلَامَةٍ إلَّا إنْ حَبِلَ) فَيُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ السَّابِقُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا خِلَافَ مَا ظَنَنَّاهُ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ وَتَزَوَّجَ وَأَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ حَبِلَ حُكِمَ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ وَبِأَنَّ حَبَلَ امْرَأَتِهِ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا نِكَاحَ وَعَلِمَ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ حَبَلَهُ فَقَطْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى الرِّجَالِ ثُمَّ جَامَعَ فَأَتَتْ مَوْطُوءَتُهُ بِوَلَدٍ لَا يُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِسَّ لَا يُكَذِّبُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ احْتِيَاطًا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ جَدِّهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ انْتَهَى.

لَكِنَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ قَوْلُهُ بِظُهُورِ عَلَامَةٍ غَيْرِ الْحَبَلِ إنَّمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلرَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِيهَا كَالْمَجْمُوعِ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَعَقَّبَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَظْفَرَا فِيهَا بِنَقْلٍ وَهُوَ غَرِيبٌ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِالْعَمَلِ بِالْعَلَامَةِ وَفِي الرَّافِعِيِّ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ (وَيُحْكَمُ بِمِيلِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ) وَلَا يُرَدُّ قَوْلُهُ لِتُهْمَةٍ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ بِبُلُوغِهِ لِلْإِمْكَانِ

(فَصْلٌ يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ) صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ وَطَوَافٌ وَهُوَ هُنَا الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (صَلَاةٌ) وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ إجْمَاعًا، وَلِآيَةِ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] أَيْ قُمْتُمْ مُحْدِثِينَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَالْقَبُولُ يُقَالُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ وَلِوُقُوعِ الْفِعْلِ صَحِيحًا وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي بِقَرِينَةِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيَ الصِّحَّةِ فَالْمَعْنَى لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ إلَّا بِوُضُوءٍ وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ (وَطَوَافٌ) وَلَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ لَهُ وَقَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ: «الطَّوَافِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَسُجُودٌ) لِتِلَاوَةِ أَوْ شُكْرٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ.

أَمَّا سُجُودُ عَوَامِّ الْفُقَرَاءِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بِالطُّهْرِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا وقَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: ١٠٠] مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ (وَمَسُّ مُصْحَفٍ) بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ لَكِنَّ الْفَتْحَ غَرِيبٌ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِينَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ لَزِمَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِّرِ يَمَسُّهُ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ خَبَرَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَثَرُ تَصْمِيمِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الْمُسْلِمِ) وَتَعَقَّبَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْمَرَّاتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَدِلَّةِ بَلْ يَسْتَمِرُّ الْإِشْكَالُ مَعَهَا. اهـ

(قَوْلُهُ: وَعَدَّ الْأَصْلُ خُرُوجَ الْوَلَدِ. إلَخْ) وَيَكْفِي بَعْضُ وَلَدٍ وَمُضْغَةٍ قَالَ الْقَوَابِلُ هِيَ مَبْدَأُ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَالَ إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ فَامْرَأَةٌ. إلَخْ) لَا مَنْ لَهُ ثُقْبَةٌ تُشْبِهُ الْفَرْجَ يَبُولُ بِهَا إنَّمَا يَتَّضِحُ بِمَيْلِهِ أَوْ بِحَيْضِهِ أَوْ مَنِيِّهِ الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ مَنِيِّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ بِبُلُوغِهِ) لِلْإِمْكَانِ إلَّا فِي ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ سَابِقٍ بِجِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا فِي الْأَصَحِّ

[فَصْلٌ مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ]

(فَصْلٌ) يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ (قَوْلُهُ: صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الذِّكْرُ أَوْ الْقِرَاءَةُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ خُطْبَتَا الْجُمُعَةِ لِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) تَحِيَّةً وَتَكْرِمَةً فَإِنَّ السُّجُودَ عِنْدَهُمْ كَانَ يَجْرِي مَجْرَاهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ خَرُّوا لِأَجْلِهِ سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا، وَقِيلَ الضَّمِيرُ لِلَّهِ وَالْوَاوُ لِأَبَوَيْهِ وَإِخْوَتِهِ وَالرَّفْعُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْخُرُورِ وَإِنْ قُدِّمَ لَفْظًا لِلِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهِ لَهُمَا ب (قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَامُ لِلْمُصْحَفِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ وَالتِّبْيَانِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلْفُضَلَاءِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأَخْيَارِ فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>