للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثَّالِثُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، كُلٌّ) مِنْهُمْ يَرْجِعُ (بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَالثَّانِي بِالنِّصْفِ وَالثَّالِثُ بِالثُّلُثِ كَمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ جَرَى بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ (وَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَقَطْ.

(وَلَوْ بَنَى الْأَوَّلُ، أَوْ غَرَسَ فِيمَا أَفْرَزَهُ لَهُ الْحَاكِمُ) بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ (ثُمَّ حَضَرَا لَمْ يَقْلَعَا عَلَيْهِ) الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ مَجَّانًا كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَقْلَعُ بِنَاءَ الْمُشْتَرِي وَغِرَاسَهُ مَجَّانًا وَلَوْ حَضَرَ اثْنَانِ فَأَخَذَا الشِّقْصَ وَاقْتَسَمَا مَعَ الْحَاكِمِ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ، وَإِبْطَالُ الْقِسْمَةِ فَإِنْ عَفَا اسْتَمَرَّتْ الْقِسْمَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ حَدَثَتْ مَعَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (فَوَائِدُ) مِنْ أُجْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَغَيْرِهِمَا (فَكَالْمُشْتَرِي) فِي أَنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ فَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ كَمَا لَا يُزَاحِمُ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ وَالثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي كَالثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ الْأَوَّلِ (وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي أَخْذَ الثُّلُثِ مِنْ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْحَقُّ عَلَيْهِ؛ إذْ الْحَقُّ ثَبَتَ لَهُمْ أَثْلَاثًا (فَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ، أَوْ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ كُلٍّ) مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (وَكَانَ الثَّانِي) فِي الثَّانِيَةِ (قَدْ أَخَذَ) مِنْ الْأَوَّلِ (النِّصْفَ اسْتَوَوْا) فِي الْمَأْخُوذِ (أَوْ) أَخَذَ الثَّالِثُ (ثُلُثَ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي فَلَهُ ضَمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَسِمَانِهِ بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الثُّلُثِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ عَلَى اثْنَيْنِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ فَلِلثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ رُبُعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلثَّالِثِ أَخْذُ ثُلُثِ الثُّلُثِ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ.

(وَإِنْ شَفَعَ الْحَاضِرَانِ، ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا فَحَضَرَ الثَّالِثُ وَلَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ فَهَلْ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ) لِأَنَّهُ إذَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّ الْحَاضِرَيْنِ هُمَا الشَّفِيعَانِ فَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا (أَوْ) يَأْخُذُ (ثُلُثَهُ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُ (وَجْهَانِ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ.

(فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَغَابَ الْحَاضِرُ وَقَدْ أَخَذَ) أَيْ الثَّالِثُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَاضِرِ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ (أَخَذَ مِنْ هَذَا) الَّذِي حَضَرَ (السُّدُسَ) وَيَتِمُّ بِذَلِكَ نَصِيبُهُ (أَوْ) أَخَذَ مِنْهُ (الثُّلُثَ فَالثُّلُثَ) يَأْخُذُ مِنْ الْحَاضِرِ وَالشِّقْصُ فِي الْمَسْأَلَةِ يُقْسَمُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ نِصْفٌ وَسُدُسٌ، وَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ اثْنَيْ عَشَرَ فَالْكُلُّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ ثُلُثٌ، وَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ سِتَّةً فَالْكُلُّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَمَّا إذَا قُضِيَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ.

(وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا اثْنَانِ) حَاضِرٌ وَغَائِبٌ (فَعَفَا الْحَاضِرُ وَمَاتَ الْغَائِبُ فَلِوَرَثَةِ الْحَاضِرِ أَخْذُ الْكُلِّ) بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ عَفَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ.

[فَصْلٌ التَّبْعِيضُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ]

(فَصْلٌ: إنَّمَا مُنِعَ التَّبْعِيضُ) فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (فَإِنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ اثْنَانِ) مِنْ وَاحِدٍ (جَازَ) لِلشَّفِيعِ (أَخْذِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ؛ إذْ لَا تَفْرِيقَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ شِقْصًا لِوَاحِدٍ جَازَ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ مِنْ اثْنَيْنِ جَازَ) لِلشَّفِيعِ (أَخْذُ رُبُعِهِ فَمَا فَوْقَهُ أَرْبَاعًا) أَيْ نِصْفَهُ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، أَوْ الْجَمِيعَ (وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ شَرِيكَهُ) أَيْ أَحَدَ شَرِيكَيْهِ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ (فَبَاعَ نَصِيبَهُمَا صَفْقَةً بِالْإِذْنِ) فِي بَيْعِهِ كَذَلِكَ بَلْ، أَوْ بِدُونِهِ (لَمْ يُفَرِّقْهَا الثَّالِثُ) بَلْ يَأْخُذْ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكْهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ.

(وَلَوْ كَانَتْ) دَارٌ (بَيْنَ اثْنَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ) مُطْلَقًا، أَوْ (مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِ صَفْقَةٍ) فَبَاعَ كَذَلِكَ (فَلِلْمُوَكِّلِ إفْرَادُ نَصِيبِ الْوَكِيلِ بِالْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ بِحَقِّ النِّصْفِ الْبَاقِي لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَا لَا شُفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِيهِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَعَلَى مَا فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ مِلْكُ الْوَكِيلِ فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ شِقْصًا وَثَوْبًا بِمِائَةٍ.

(وَإِنْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً جَازَ أَخْذُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ اتَّحَدَ) فِيهِمَا (الشَّفِيعُ) لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى تَبْعِيضِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِ الشُّفْعَةِ] .

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ) بِأَنْ نَصَبَ الْحَاكِمُ قَيِّمًا فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَدَثَتْ مَعَهُ فَوَائِدُ فَكَالْمُشْتَرِي) سَبَقَ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يُقَالُ: الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالْفَوَائِدُ لِلشَّفِيعِ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ تَابِعَةٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ حَاصِلٌ لِلشَّفِيعِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ) أَيْ وَتَرْكُكَ حَقَّك - وَهُوَ مُشَاطَرَةُ الْأَوَّلِ - لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ أَتْرُكَ أَنَا حَقِّي.

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) الْعِبْرَةُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَاتِّحَادِهَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ لَا بِالْعَاقِدِ فَالْعِبْرَةُ فِي تَعَدُّدِهَا وَاتِّحَادِهِ بِالْمُوَكِّلِ لَا بِالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدْ عَكَسُوا هُنَا فَقَطَعُوا بِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِلَافُ فِي تَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَدَّ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا بَاعَهُ جُمْلَةً وَالْأَخْذَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالشُّفْعَةِ يُبَعِّضُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ جُمْلَةً.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّفْعَةِ بِالْوَكِيلِ وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ حِينَئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>