فِي الْأُولَى، وَالْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (وَإِنْ تَذَكَّرَ) فِي الشَّكِّ (فِي الْحَالِ) فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ إذْ تَذَكَّرَ حَالًا لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ مَا تَأَدَّى هُنَا مَحْسُوبٌ لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ فَتَأَدَّى جُزْءٌ عَلَى التَّمَامِ فَلَزِمَهُ بِهِ الْإِتْمَامُ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، لَكِنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ (وَإِنْ أَحْرَمَ) قَاصِرًا (خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ) ، أَوْ ظَنَّهُ (قَاصِرًا فَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَشَكَّ فِي قِيَامِهِ) هَلْ هُوَ مُتِمٌّ، أَوْ سَاهٍ (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) .
وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ سَاهٍ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ نَفْسِهِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ إمَامِهِ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا، وَلَا أَمَارَةَ تُشْعِرُ بِالْإِتْمَامِ، وَهُنَا الْقِيَامُ مُشْعِرٌ بِهِ (فَإِنْ عَلِمَهُ سَاهِيًا لِكَوْنِهِ حَنَفِيًّا لَا يَرَى الْإِتْمَامَ) أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَلَهُ) بَعْدَ عِلْمِهِ (انْتِظَارُهُ وَمُفَارَقَتُهُ وَيَسْجُدُ) فِيهِمَا (لِلسَّهْوِ) اللَّاحِقِ لَهُ بِسَهْوِ إمَامِهِ (فَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ لَمْ يَجُزْ) لَهُ (أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ) أَيْ بِالْإِمَامِ فِي سَهْوِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ (كَالْمَسْبُوقِ لَا يَأْتَمُّ بِمَنْ عَلِمَهُ سَاهِيًا بِالْقِيَامِ إلَى خَامِسَةٍ، وَإِنْ قَامَ الْمُسَافِرُ) الْقَاصِرُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا (إلَى ثَالِثَةٍ بِغَيْرِ مُوجِبٍ لِلْإِتْمَامِ) مِنْ نِيَّتِهِ أَوْ نِيَّةِ إقَامَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (عَامِدًا) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) كَمَا لَوْ قَامَ الْمُتِمُّ إلَى رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ (أَوْ) قَامَ إلَيْهَا (سَاهِيًا) أَوْ جَاهِلًا (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) حِينَ ذَكَرَهُ أَوْ عَلِمَهُ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) وَيُسَلِّمُ (فَلَوْ بَدَا لَهُ) حِينَ ذَكَرَهُ، أَوْ عَلِمَهُ (أَنْ يُتِمَّ قَعَدَ، ثُمَّ قَامَ) نَاوِيًا الْإِتْمَامَ؛ لِأَنَّ النُّهُوضَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَنُهُوضُهُ كَانَ لَغْوًا.
(وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) ذَلِكَ (حَتَّى أَتَمَّ أَرْبَعًا، ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَتَيْنِ) وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ قَاصِرٌ وَرَكْعَتَاهُ الزَّائِدَتَانِ لَغْوٌ. الشَّرْطِ (الثَّالِثُ دَوَامُ السَّفَرِ) فِي الصَّلَاةِ (فَإِنْ انْتَهَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى الْبَلَدِ) الَّتِي يُقِيمُ بِهَا (أَوْ سَارَتْ بِهِ مِنْهَا، أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ شَكَّ هَلْ نَوَاهَا) ، أَوْ لَا (أَوْ هَلْ هَذِهِ) الْبَلْدَةُ الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا (بَلَدُهُ) ، أَوْ لَا، وَهُوَ (فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) فِي الْجَمِيعِ (أَتَمَّ) لِلشَّكِّ فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلِزَوَالِهِ فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ وَتَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ فِيهِمَا أَيْضًا وَفِي الثَّانِيَةِ وَاسْتَشْكَلَ تَصْوِيرُ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ إنْ نَوَى الْقَصْرَ لَمْ تَنْعَقِدْ لِتَلَاعُبِهِ أَوَّلًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ لَا لِتَغْلِيبِ الْحَضَرِ بَلْ لِفَوْتِ شَرْطِ الْقَصْرِ، وَهُوَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ جَاهِلًا بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ سَيْرَ السَّفِينَةِ وَبِأَنَّ مُرَادَهُمْ مَا إذَا أَطْلَقَ فِي نِيَّتِهِ فَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ وَلَا الْإِتْمَامَ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِعِلَّتَيْنِ: فَقْدِ نِيَّةِ الْقَصْرِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَتَغْلِيبِ الْحَضَرِ.
وَيُسْتَدَلُّ بِهِ حِينَئِذٍ فِي نَظِيرِهِ مَعَ مَسْحِ الْخُفِّ عَلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ مَسْحَ مُقِيمٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَنَا عَلَى مَا هُنَا. الشَّرْطُ (الرَّابِعُ الْعِلْمُ بِجَوَازِهِ) أَيْ الْقَصْرِ (فَلَوْ قَصَرَ جَاهِلًا بِجَوَازِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) لِتَلَاعُبِهِ، وَكَذَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ الظُّهْرَ مَثَلًا رَكْعَتَانِ فَنَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ
(بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ)
(يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ) لِلْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ (لَا) فِي السَّفَرِ (الْقَصِيرِ) فَلَا يَجُوزُ (وَلَوْ لِلْمَكِّيِّ) ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ، وَالْجَمْعُ يَكُونُ (بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَ) بَيْنَ (الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَتَكُونُ) الْمَجْمُوعَةُ فِي وَقْتِ الْأُخْرَى (أَدَاءً) كَالْأُخْرَى؛ لِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا صَارَا وَاحِدًا وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا، وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا جَمَعَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ، وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَمَدَهُ كَجَمْعِهِمَا بِالْمَطَرِ بَلْ أَوْلَى وَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ لَا تَجْمَعُ تَقْدِيمًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَسْقُطْ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ حَذَفَ بِالتَّيَمُّمِ كَانَ أَوْلَى.
(وَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الْأُولَى (إلَى الثَّانِيَةِ لِلسَّائِرِ) وَقْتَ الْأُولَى (وَلِمَنْ بَاتَ بِمُزْدَلِفَةُ وَ) الْأَفْضَلُ (التَّقْدِيمُ) أَيْ تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ (إلَى الْأُولَى لِلنَّازِلِ) فِي وَقْتِهَا (وَالْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَصَدَّرَ بِأَوَّلِهَا الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقَلِيلِ وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، ثُمَّ حَكَى بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَ الْمُسَافِرُ إلَى ثَالِثَةٍ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ، أَوْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَهَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى الْبَلَدِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِالْحَضَرِ، وَالسَّفَرِ، وَقَدْ اجْتَمَعَا فِيهَا فَقَدَّمَ حُكْمَ الْحَضَرِ كَمَنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَمَا لَوْ قَدِمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ يَرَى الْمَاءَ فِي أَثْنَائِهَا أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَزِمَهُ الدُّخُولُ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَالْقَصْرُ رُخْصَةٌ لَمْ تَجِبْ فَإِذَا زَالَ سَبَبُهَا انْقَطَعَتْ وَأَيْضًا لَوْ وَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لَبَطَلَ مَا فَعَلَهُ وَهُنَا يَبْنِي (قَوْلُهُ أَتَمَّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ إذْ الْإِتْمَامُ مُنْدَرِجٌ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ فَكَأَنَّهُ نَوَاهُ مَا لَمْ يَعْرِضْ مُوجِبُ إتْمَامٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ لَمْ يُسَافِرْ (قَوْلُهُ: لِعِلَّتَيْنِ إلَخْ) وَيَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَصَرَ جَاهِلًا إلَخْ) لَوْ أَتَمَّ جَاهِلًا بِجَوَازِ الْإِتْمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
[بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]
(بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ لَا تَجْمَعُ تَقْدِيمًا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَوَجْهُ امْتِنَاعِهِ أَنَّ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى شَرْطُهُ تَقَدُّمُ الْأُولَى صَحِيحَةً يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا وَهُوَ مُنْتَفٍ بِخِلَافِ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ إلَخْ) سَكَتُوا عَمَّا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ عَكْسُهُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ س وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ نَازِلًا فِيهِمَا وَقَوْلُهُ