فَجَاءَ بِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجِهَا فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ جَاءَ بِأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ فَوَجْهَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ إنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ انْتَهَى وَفِيهِ وَقْفَةٌ (لَا أَرْدَأَ) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِهِ بِهِ (بَلْ يَجُوزُ) قَبُولُهُ (إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ) لِأَنَّهُ مُسَامَحَةٌ بِصِفَةٍ كَمَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأُجُورِ لِذَلِكَ (لَا إنْ اخْتَلَفَ) النَّوْعُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَجُوزُ قَبُولُ جِنْسٍ أَوْ نَوْعِ بَدَلٍ آخَرَ كَبُرٍّ بَدَلَ شَعِيرٍ وَمَعْقِلِيٍّ بَدَلَ بَرْنِيِّ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَأِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَمَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْأَرْضِ وَالْعَبْدُ التُّرْكِيُّ) وَالْعَبْدُ (الْهِنْدِيُّ) التَّفَاوُتُ بَيْنَ كُلِّ مُتَقَابِلَيْنِ مِنْهَا (تَفَاوُتُ نَوْعٍ لَا) تَفَاوُتَ (وَصْفٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ الْآخَرِ وَلَا يَجُوزُ
(فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا وَلَا عَكْسُهُ) فَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا وَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ اكْتَالَهُ بِغَيْرِ الْكَيْلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَأَنْ بَاعَ صَاعًا فَاكْتَالَهُ بِالْمُدِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا يُزَلْزِلُ الْمِكْيَالَ وَلَا يَضَعُ الْكَفَّ عَلَى جَوَانِبِهِ) بَلْ يَمْلَؤُهُ وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ (وَيُسَلِّمُ الْحِنْطَةَ) وَنَحْوَهَا (نَقِيَّةً مِنْ الزُّؤَانِ) وَغَيْرِهِ كَالتِّبْنِ وَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالشَّعِيرِ وَالْقَصِيلِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَعَ شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَقَعُ مَوْقِعَهُ (وَ) لَكِنْ (قَلِيلُ التُّرَابِ وَدُقَاقُ التِّبْنِ) وَغَيْرُهُمَا مِمَّا ذَكَرَ (يُحْتَمَلُ فِي الْمَكِيلِ) لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ (لَا الْوَزْنُ) لِظُهُورِهِ فِيهِ وَمَعَ احْتِمَالِهِ فِي الْكَيْلِ إنْ كَانَ لِإِخْرَاجِ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَقَرَّهُ (وَيُسَلِّمُ التَّمْرَ جَافًّا) وَلَوْ فِي أَوَّلِ جَفَافِهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يُسَمَّى تَمْرًا وَلَا يُجْزِئُ مَا تَنَاهَى جَفَافُهُ حَتَّى لَمْ تَبْقَ فِيهِ نَدَاوَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
(وَ) يُسَلِّمُ (الرُّطَبَ غَيْرَ مُشَدَّخٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْبُسْرُ يُعَالِجُ بِالْغَمِّ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَتَشَدَّخَ أَيْ يَتَرَطَّبَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَعْمُولِ فِي بِلَادِ مِصْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَلَا قَبُولُ بُسْرٍ وَلَا مُذَنِّبٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ بُسْرٌ بَدَا التَّرْطِيبُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ (فَإِنْ عَجَّلَ) الْمَدِينُ (مُؤَجَّلًا فَامْتَنَعَ) الدَّائِنُ وَفِي نُسْخَةٍ فَامْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ (مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ كَحَيَوَانٍ يُعْلَفُ) أَيْ يَحْتَاجُ عَلَفًا (أَوْ عَرَضٍ يَحْتَاجُ مَكَانًا) لِحِفْظِهِ (بِمُؤْنَةٍ) كَثِيرَةٍ (أَوْ مَا يُطْلَبُ أَكْلُهُ طَرِيًّا) عِنْدَ مَحَلِّهِ كَثَمَرَةٍ وَلَحْمٍ أَوْ كَانَ مِمَّا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ كَحِنْطَةٍ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي زَمَنِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) قَبُولُهُ لِتَضَرُّرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ (لَزِمَهُ) قَبُولُهُ كَالْمُكَاتَبِ يُعَجِّلُ النُّجُومَ لِيُعْتَقَ يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى قَبُولِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ غَيْرُ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ إبْرَاءِ ضَامِنٍ أَوْ خَوْفِ انْقِطَاعِهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدِينِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ فِي بَابِ الْمَنَاهِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَا يَسْقُطُ حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْقَاطَ وَسِيلَةٌ إلَى الطَّلَبِ الْمُؤَدِّي لِلْبَرَاءَةِ وَالدَّفْعُ مُحَصِّلٌ لَهَا نَفْسِهَا فَكَانَ أَقْوَى مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا تَقَابَلَ غَرَضَاهُمَا يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى غَرَضِ الْمُؤَدِّي إلَّا عِنْدَ عَدَمِ غَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ (وَيُجْبَرُ) الدَّائِنُ (عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ) إنْ كَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ.
وَعَلَيْهِ (أَوْ) عَلَى (الْإِبْرَاءِ عَنْهُ) إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إنْ أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ حَيٍّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ وَجَبَ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدُ جَوَابٍ لِلْقَاضِي وَمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَمَا سَلَكَهُ هُوَ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْأَنْوَارِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الِامْتِنَاعِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَجَاءَ بِفَرْعِهِ أَوْ أَصْلِهِ) أَوْ بِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا فَرَدَّ أَوْ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ قَبَضَهُ جَاهِلًا فَهَلْ يَفْسُدُ قَبْضُهُ وَيَصِحُّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَهُ بِأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ) مِنْ النَّسَبِ (قَوْلُهُ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ) وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ» وَالْحِيلَةُ فِي الِاعْتِيَاضِ أَنْ يَفْسَخَ السَّلَمَ ثُمَّ يَعْتَاضَ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ إلَخْ) صُورَتُهُ عَلَى الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ فِي النَّوْعِ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الرُّطَبِ وَزْنًا وَأَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ تَمْرًا فَيَكُونُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا أَوْ أَسْلَمَ فِي التَّمْرِ وَزْنًا وَأَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ رُطَبًا وَإِلَّا فَالرُّطَبُ مَوْزُونٌ وَالتَّمْرُ مَكِيلٌ وَإِعْطَاءُ الْمَكِيلِ عَنْ الْمَوْزُونِ أَوْ بِالْعَكْسِ اعْتِيَاضٌ
[فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا وَلَا عَكْسُهُ]
(قَوْلُهُ فَرْعٌ لَا يَقْبِضُ كَيْلًا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا إلَخْ) لَوْ قَبَضَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَقَدْ تَلِفَ فَهَلْ لَهُ الْأَرْشُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ يَغْرَمُ التَّالِفَ وَيُطَالِبُ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا قَبَضَهُ جَاهِلًا بِعَيْبِهِ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا بِعَيْبِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ مُؤَجَّلًا إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ عَجَّلَ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ الْأَصِيلَ بَعْدَ مَوْتِ ضَامِنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ مُحْرِمًا وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ صَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ لِتَضَرُّرِهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَشْرُوطًا ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً ثُمَّ أَجَّلَهُ بِنَذْرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا عَلَى ذَلِكَ وَالتَّأْخِيرُ قَدْ يَضُرُّهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ إلَخْ) بِخِلَافِ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَبُولُهُ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي النَّفَقَاتِ وَالْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ) وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَحَقَّ التَّسْلِيمَ فِيهَا لِوُجُودِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَامْتِنَاعُهُ مِنْهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute