للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ.

وَتَقْسِيمُ الْإِجَارَةِ إلَى وَارِدَةٍ عَلَى الْعَيْنِ وَوَارِدَةٍ عَلَى الذِّمَّةِ لَا يُنَافِي تَصْحِيحَهُمْ الْآتِيَ آخِرَ الْبَابِ أَنَّ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ ثَمَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ وَهُنَا مَا يُقَابِلُ الذِّمَّةَ.

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْأُجْرَةُ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي الْمَجْلِسِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ)

كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ - أَعْنِي الْأُجْرَةَ - فَلَهَا حُكْمُ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ (فِي) جَوَازِ (الِاسْتِبْدَالِ وَ) وُجُوبِ مَعْرِفَةِ (الْجِنْسِ وَ) نَفْيِ (الْجَهَالَةِ وَ) فِي (الضَّبْطِ بِالْوَصْفِ وَ) فِي (التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ وَالتَّنْجِيمِ) وَالتَّصْرِيحِ بِمَعْرِفَةِ الْجِنْسِ وَنَفْيِ الْجَهَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مِمَّا بَعْدَهُمَا (وَإِنْ أَطْلَقَ) ذِكْرَ الْأُجْرَةِ عَنْ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ (فَمُعَجَّلَةٌ) كَالثَّمَنِ الْمُطْلَقِ (وَيَمْلِكُهَا الْمُكْرِي) مِلْكًا مُرَاعًى لَا مُسْتَقِرًّا كَمَا سَيَأْتِي (بِنَفْسِ الْعَقْدِ) كَمَا يَمْلِكُ الْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةَ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةٍ يَتَعَجَّلُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَيَتَعَجَّلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالثَّمَنِ (وَاسْتَحَقَّ اسْتِيفَاءَهَا إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ) الْمُسْتَأْجَرَةَ (إلَى الْمُسْتَأْجِرِ) كَالثَّمَنِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ دَفْعُ جَمِيعِهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُعْطَى بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَإِنْ دَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَمَاتَ الْآخِذُ ضَمِنَ النَّاظِرُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَتَصَرَّفُ فِي جَمِيعِ الْأُجْرَةِ لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ كَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِمَوْتِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ قَالَ وَكَانَ بَعْضُ الْقُضَاةِ الْفُضَلَاءِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا فَإِنْ طَالَتْ بِحَيْثُ يَبْعُدُ احْتِمَالُ بَقَاءِ الْمَوْجُودِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ قَصُرَتْ فَيَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ انْتَهَى أَمَّا صَرْفُهَا فِي الْعِمَارَةِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ.

(وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ) الْأُجْرَةُ (طَعَامًا إنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَوُصِفَ بِصِفَتِهِ) فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً كَمَا عُلِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ " وَالْجَهَالَةِ وَالضَّبْطِ بِالْوَصْفِ " فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ كَذَا لِأُرْضِيَك أَوْ أُعْطِيَك شَيْئًا أَوْ بِمِلْءِ كَفِّي دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ بِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ جَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَمَّا إيجَارُ عُمَرَ أَرْضَ السَّوَادِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ

فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ

الْمُؤَبَّدَةِ (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُعَمِّرَ الدَّارَ) وَلَوْ (بِأُجْرَتِهَا) بِأَنْ أَجَّرَهَا بِعِمَارَتِهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهَا وَلَا يَحْسُبُ مَا يُنْفِقُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ فِي عِمَارَتِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْأُجْرَةِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الدَّرَاهِمُ مَعَ الْعِمَارَةِ أَوْ الصَّرْفِ إلَيْهَا وَذَلِكَ عَمَلٌ مَجْهُولٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا صَحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشُرِطَ عَمَلٌ فِيهِ يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي الْأَمْلَاكِ (فَإِنْ فَعَلَ) الْمَشْرُوطَ (رَجَعَ) بِأُجْرَتِهِ وَبِمَا صَرَفَهُ لِأَنَّهُ أَنْفَقَهُ بِالْإِذْنِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ ذِكْرِ شَرْطِ صَرْفِ الْأُجْرَةِ (ثُمَّ أَذِنَ) لَهُ الْمُؤَجِّرُ (بِصَرْفِهَا فِي الْعِمَارَةِ وَتَبَرَّعَ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِهِ) أَيْ بِالصَّرْفِ (جَازَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فَمَنْ يُصَدَّقُ) مِنْهُمَا؟ (قَوْلَانِ) أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا وَبِهِ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الْوَالِدِ بِخِلَافِهِ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ كَالْعَقَارِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي السُّفُنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا إلَخْ) فَتَتَعَيَّنُ رُؤْيَتُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ مَقْصُودٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ فَلَوْ ذُكِرَ لَانْحَصَرَ فِيهِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ وَضْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ ثَمَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا، أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ارْتِبَاطُ الْعَقْدِ بِهَا، وَالْمُرَادَ هُنَاكَ مَوْرِدُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّنْجِيمِ فِي التَّأْجِيلِ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ) وَكَذَا بِآخِرِهِ خِلَافٌ فَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي السَّلَمِ عَنْ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ وَفِي الصَّغِيرِ الْأَقْوَى الصِّحَّةُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ النَّصِّ وَرَجَّحُوهُ وَقَوْلُهُ: وَفِي الصَّغِيرِ الْأَقْوَى الصِّحَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ]

(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا فِي الْمَقْبُوضِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا إذَا أَكْرَى دَارًا سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَمَا حَكَمُوا بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ جَمِيعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَإِذَا مَاتَ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ بِالْحِصَّةِ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّ الشَّخْصَ يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ بَلْ بِأَمْرٍ مَوْهُومٍ ثُمَّ إنَّ الْأُجْرَةَ الْمَقْبُوضَةَ إذَا تُرِكَتْ فِي يَدِ النَّاظِرِ فَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَزِمَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ وَإِنْ لَمْ تُضْمَنْ حَصَلَ الضَّرَرُ لِلْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فس (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمَ بَقَائِهِ لِمُدَّةِ إجَارَتِهَا.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ) لَعَلَّهُ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، أَوْ أَنَّ الْعَامِلَ يَتَبَرَّعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحَجِّ، وَصَاحِبَهُ يَتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا) كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْقَابِضَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى صِحَّةُ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ بَعْضَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ بِمَعْلُومِهِ عَلَى بَعْضِ سُكَّانِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِأَنَّ السَّاكِنَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ وَكِيلِ النَّاظِرِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِ الْأُجْرَةِ فِي الْعِمَارَةِ وَيَصِحُّ قَبْضُ الْمُسْتَحِقِّ لِنَفْسِهِ أَيْضًا وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَاهُ فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجَمَّالِ إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِنْفَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>