للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣] (وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ) ، وَإِنْ تَوَحَّشَتْ لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ.

(وَتَحِلُّ) الْحُمُرُ (الْوَحْشِيَّةِ) وَإِنْ اسْتَأْنَسَتْ لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْأَمْرِ بِهِ كَمَا رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَفَارَقَتْ الْأَهْلِيَّةَ بِأَنَّهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ فَانْصَرَفَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَى لَحْمِهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ الْأَهْلِيَّةِ (وَالْخَيْلُ) بِأَنْوَاعِهَا مِنْ عَتِيقٍ، وَهُوَ الَّذِي أَبَوَاهُ عَرَبِيَّانِ وَبِرْذَوْنٍ، وَهُوَ الَّذِي أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ، وَهَجِينٍ، وَهُوَ الَّذِي أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ عَجَمِيَّةٌ وَمُقْرَفٍ، وَهُوَ عَكْسُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ» ، وَأَمَّا خَبَرُ خَالِدٍ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْخَيْلِ فَقَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: مُنْكَرٌ وَقَالَ أَبُو دَاوُد مَنْسُوخٌ، وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى رُكُوبِهَا وَالتَّزَيُّنِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣] فَذَكَرَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَقْصُودِهِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ وَدَمِهِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ (وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ وَالْخَيْلِ تَبَعًا لَهُمَا (وَالْحَامِلُ مِنْ الْخَيْلِ بِبَغْلٍ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ لَهَا (وَيَعْصِي بِذَبْحِهَا) مَا دَامَتْ حَامِلًا بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ تَعَدِّيًا، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْحَامِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.

(وَيَحْرُمُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ سَوَاءٌ أَكَانَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (كَالْبَغْلِ) لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلِلنَّهْيِ عَنْ أَكْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَالسِّمْعِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ

(وَ) يَحْرُمُ (مَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ) مِنْ السِّبَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] ، وَهَذَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَلَا تَسْتَطِيبُهُ الْعَرَبُ وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (كَالْكَلْبِ وَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا (وَالدُّبِّ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ (وَالْفَهْدِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِهَا (وَالْقِرْدِ وَالْفِيلِ وَالْبَبْرِ) بِمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ، وَهُوَ حَيَوَانٌ مِنْ السِّبَاعِ يُعَادِي الْأَسَدَ وَيُقَالُ لَهُ الْفُرَانِقُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ (وَسَائِرِ) أَيْ بَاقِي (السِّبَاعِ) كَالْوَشَقِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ.

(وَ) يَحْرُمُ (مَا يَتَقَوَّى بِمِخْلَبِهِ مِنْ الطَّيْرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (كَالْبَازِي) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَيُقَالُ لَهُ الْبَازُ بِحَذْفِهَا (وَالشَّاهِينِ وَالنَّسْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَيُقَالُ بِتَثْلِيثِهَا (وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِ الطَّيْرِ) .

[فَرْعٌ يَحِلُّ الضَّبُعُ]

ُ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا؛ لِأَنَّ جَابِرًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهُ أَصَيْدٌ يُؤْكَلُ؟ قَالَ نَعَمْ قِيلَ: سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَعَمْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ، وَلَا يَعِيشُ بِهِ (وَالثَّعْلَبُ) بِالْمُثَلَّثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَيُسَمَّى أَبَا الْحَصِينِ (وَالْأَرْنَبُ) ؛ لِأَنَّهُ بُعِثَ بِوَرِكِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبِلَهُ وَأَكَلَ مِنْهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْعَنَاقَ قَصِيرَةُ الْيَدَيْنِ طَوِيلَةُ الرِّجْلَيْنِ (وَالضَّبُّ) ؛ لِأَنَّهُ أُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَضْرَتِهِ وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ لَا، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْهُ إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ (وَالْيَرْبُوعُ) ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ تُشْبِهُ الْفَأْرَ لَكِنَّهُ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَغْبَرُ الظَّهْرِ بِطَرَفِ ذَنَبِهِ شَعَرَاتٌ وَوَقَعَ لِلدَّمِيرِيِّ فِي شَرْحِهِ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا وَابْنُ عُرْسٍ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ رَقِيقَةٌ تُعَادِي الْفَأْرَ تَدْخُلُ جُحْرَهُ وَتُخْرِجُهُ (وَكَذَا الْوَبْرُ) بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنْ الْهِرِّ كَحْلَاءُ الْعَيْنَيْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا (وَالدُّلْدُلُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ بَيْنَ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَضْمُومَتَيْنِ دَابَّةٌ قَدْرَ السَّخْلَةِ ذَاتُ شَوْكٍ طِوَالٍ تُشْبِهُ السِّهَامَ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَظِيمُ الْقَنَافِذِ (وَالسَّمُّورُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ (وَالسِّنْجَابُ) ، وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ ثَعَالِبِ التُّرْكِ (وَالْفَنَكُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ (وَالْقَاقِمِ) بِضَمِّ الْقَافِ الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا دُوَيْبَّةٌ يُتَّخَذُ جِلْدُهَا فَرْوًا (وَالْحَوَاصِلِ) جَمْعُ حَوْصَلَةٍ وَيُقَالُ لَهُ حَوْصَلٌ، وَهُوَ طَائِرٌ أَبْيَضُ أَكْبَرُ مِنْ الْكُرْكِيِّ ذُو حَوْصَلَةٍ عَظِيمَةٍ يُتَّخَذُ مِنْهَا فَرْوٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَقَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤] .

(وَيَحْرُمُ الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ) وَالْأَهْلِيُّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ أَكْلِهِ وَأَكْلِ ثَمَنِهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ يَعْدُو بِنَابِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ الزَّرَافَةَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ عَدَّهَا مِنْ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ كَجٍّ بِأَنَّهَا مِنْ الْمَأْكُولِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ شَاذٌّ وَأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْرِيمِ وَجَزَمَ فِي التَّنْبِيهِ بِتَحْرِيمِهَا وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت فِي الْحَوَاشِي لِبَعْضِ طَلَبَةِ الْيَمَانِيِّينَ عَلَى التَّنْبِيهِ قَالَ شَيْخِي أَبُو الْعَبَّاسِ فِي تَحْرِيمِ الزَّرَافَةِ نَظَرٌ قَالَ: وَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَاهِيرِ بِتَحْرِيمٍ، وَلَا تَحْلِيلٍ قُلْت وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْيَمَنِ أَنَّ الزَّرَافَةَ جِنْسَانِ جِنْسٌ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ فَيَحِلُّ وَجِنْسٌ يَتَقَوَّى بِنَابِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ قَالَ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِهِ بِلَفْظِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا الْحِلُّ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ جَابِرًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهُ إلَخْ) وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَحْمَهُ كَانَ يُبَاعُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ دُونَ نَكِيرٍ (قَوْلُهُ وَالْيَرْبُوعُ) لِحُكْمِ الصَّحَابَةِ فِيهِ بِجَفْرَةٍ

(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ) وَالنِّمْسُ حَرَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>