للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يَتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةَ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَوْ تَخَلَّلَهَا قُدْرَةٌ) عَلَى النَّفَقَةِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ، وَوَجَدَ نَفَقَةَ الثَّانِي، وَعَجَزَ فِي الثَّالِثِ، وَقَدَرَ فِي الرَّابِعِ، وَعَجَزَ فِي الْخَامِسِ (لُفِّقَتْ الثَّلَاثُ) ، وَلَا يَسْتَأْنِفُهَا لِئَلَّا تَتَضَرَّرَ بِطُولِ الْمُدَّةِ لِلِاسْتِئْنَافِ. (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَةَ يَوْمٍ) قَدَرَ فِيهِ عَلَى نَفَقَتِهِ (عَنْ يَوْمٍ قَبْلَهُ) عَجَزَ فِيهِ عَنْ نَفَقَتِهِ لِتَنْفَسِخَ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدَّى (وَإِنْ تَرَاضَيَا) عَلَى ذَلِكَ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ، وَثَانِيهِمَا لَا وَيَجْعَلُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ فَسْخِهَا بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ مَحَلَّهُ فِي الْمَاضِيَةِ قَبْلَ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ لَا فِي أَيَّامِهَا (ثُمَّ) إذَا تَخَلَّلَتْ الْمُدَّةُ قُدْرَةٌ (تَفْسَخُ لِتَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ لَا إنْ سَلَّمَ) لَهَا (نَفَقَةَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ) فَلَا تَفْسَخُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ الْعَارِضِ الَّذِي كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ (فَلَوْ سَلَّمَهَا) لَهَا (وَعَجَزَ عَنْ) نَفَقَةِ (الْخَامِسِ) أَوْ السَّادِسِ (فَسَخَتْ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْمُهْلَةَ) أَيْ مُدَّتَهَا لِمَا مَرَّ.

(فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ فَلَهَا الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَالضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيت بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى يَوْمُ الرِّضَا فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ (وَيُجَدِّدُ الْإِمْهَالَ) إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ بَعْدَ الرِّضَا، وَلَا يُعْتَدُّ بِالْمَاضِي لِتَعَلُّقِ الْإِمْهَالِ بِطَلَبِهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهُ بِرِضَاهَا، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِيلَاءِ حَيْثُ لَا يُجَدِّدُ الْإِمْهَالَ بِطُولِ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَبِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى طَلَبِهَا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا ثُمَّ بِخِلَافِهَا هُنَا (وَلَهَا فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ) مُدَّةُ (الرِّضَا بِإِعْسَارِهِ الْخُرُوجُ) مِنْ الْمَنْزِلِ (لِلِاكْتِسَابِ) لِلنَّفَقَةِ (نَهَارًا) بِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِمَالِهَا أَوْ الْكَسْبِ فِي بَيْتِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَفِّ مَا عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا (وَعَلَيْهَا الْعَوْدُ) إلَى الْمَنْزِلِ (لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ دُونَ الِاكْتِسَابِ (وَلَوْ مَنَعَته الِاسْتِمْتَاعُ) نَهَارًا (جَازَ لَكِنْ تَسْقُطُ) نَفَقَةُ مُدَّةِ مَنْعِهَا إنْ مَنَعَتْهُ لَيْلًا (عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَمْنَعْهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهَا.

(فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ: لَوْ (أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ بِالْقَاضِي) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ (قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ) كَمَا مَرَّ، وَلَا فَسْخَ لَهَا

(إنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ) بِالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَا يَتَجَدَّدُ، وَكَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ بَدَا لَهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ فَقَدْ حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ وَذَاكَ عَنْ الْقَدِيمِ وَقَدْ اغْتَرَّ فِي الرَّوْضَةِ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عِنْدِهِ لِمَا لَمْ يَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَزَادَ فَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَلَى الْفَسْخِ اقْتَصَرَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْجُمْهُورُ. انْتَهَى، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ

(وَالْخِيَارُ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ) أَيْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي (عَلَى الْفَوْرِ) فَلَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ (وَقَبْلَهُ عَلَى التَّرَاخِي) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَخِّرُ الطَّلَبَ لِتَوَقُّعِ الْيَسَارِ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا دُونَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ

(الطَّرَفُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِالْعَيْبِ وَرِضَاهَا بِهِ يُبْطِلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَالْإِمْهَالِ أَمْرٌ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ لِلتَّثَبُّتِ وَتَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ فَإِذَا لَزِمَهُ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَسْخَ بِالنَّفَقَةِ مَعَ تَضَرُّرِهَا بِالْإِمْهَالِ فَلَأَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَسْخَ بِالْمَهْرِ وَتَضَرُّرُهَا فِيهِ بِالْإِمْهَالِ أَقَلُّ أَوْلَى، وَلَا تُعَدُّ بِالْإِمْهَالِ مُقَصِّرَةً إلَّا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِيَدِهَا كَمَا فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ وَالْفَسْخِ هُنَا بِالْحَاكِمِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ وَمَنْ يَعْجِزُ عَنْ أَقَلِّ إنْفَاقٍ لِحَاضِرِ الزَّمَنِ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ مَهْرٍ قَبْلَ دُخُولِهِ فَبَعْدَ الصَّبْرِ ثَلَاثَةٌ يَفْسَخُهُ الَّذِي قَضَى وَقَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِمْهَالِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ) هُوَ الْأَصَحُّ

[فَرْع نَكَحَتْهُ عَالِمَة بِإِعْسَارِهِ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ]

(قَوْلُهُ: وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ نَهَارًا جَازَ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي زَمَانِ الْإِنْظَارِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الدَّعَةِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الِاكْتِسَابِ. اهـ. وَيُزَادُ عَلَيْهِ قَيْدٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ فِي وَقْتِ مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ عَادَةً فَلَوْ كَانَتْ فِي خِدْمَةِ قَوْمٍ لَا تَنْقَضِي حَوَائِجُهُمْ إلَّا بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَلَا عِنْدَ عِشَاءٍ الْآخِرَةِ، وَلَا بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَشْغُولَةٌ فِيهِ بِالْخِدْمَةِ وَهَذَا كَمَا سَبَقَ فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي إذَا سَقَطَ اسْتِمْتَاعُهُ نَهَارًا أَنْ تَسْقُطَ النَّفَقَةُ كَالْأَمَةِ إذَا سَلَّمَتْ لَيْلًا فَقَطْ قِيلَ الْمَنْعُ فِي الْأَمَةِ مِنْ جِهَتِهَا وَهُنَا الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهِ

[فَصْلٌ الْإِعْسَار بِالْمَهْرِ]

(فَرْعٌ) لَوْ غَابَ الزَّوْجُ فَأَثْبَتَتْ الْمَرْأَةُ إعْسَارَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَفَسَخَتْ وَعَادَ الزَّوْجُ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْبَلَدِ خَفِيَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ الْإِعْسَارِ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الْفَسْخِ إلَّا أَنْ يَدَّعِي أَنَّهَا تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَبْطُلُ الْفَسْخُ إذَا أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ]

(قَوْله وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ لِلْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ) أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَيْسَ لَهَا، وَلَا لِسَيِّدِهَا الْفَسْخُ إلَّا بِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِكَلَامِ الْبَارِزِيِّ إنَّ الْمَرْأَةَ تَفْسَخُ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِ الْمَهْرِ كَمَا تَفْسَخُ بِكُلِّهِ اتَّجَهَ الْفَسْخُ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهَا سَيِّدُهَا.

(تَنْبِيهٌ) الْمُبَعَّضَةُ كَالْقِنَّةِ فِي النَّفَقَةِ وَفِي الْمَهْرِ لَهَا وَلِلسَّيِّدِ مَعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِالْإِعْسَارِ بِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُشْبِهُ أَنْ لَا فَسْخَ بِهِ إلَّا بِالتَّوَافُقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ، وَقَدْ يُقَالُ غَيْرُ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>