عَلَى الْبَائِعِ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ زَرَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ قَبْلَ أَوَانِهِ (وَعَلَيْهِ) بَعْدَ الْقَلْعِ (تَسْوِيَةُ) حُفَرِ (الْأَرْضِ) الْحَاصِلَةِ بِهِ (وَقَلْعُ عُرُوقٍ مُضِرَّةٍ) بِهَا (كَالذُّرَةِ) وَالْقُطْنِ تَشْبِيهًا بِمَا إذَا كَانَ فِي الدَّار أَمْتِعَةٌ لَا يَتَّسِعُ لَهَا بَابُ الدَّارِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَعَلَى الْبَائِعِ ضَمَانُهُ (تَنْبِيهٌ) عَدَّ الشَّيْخَانِ مِمَّا يُؤْخَذُ دَفْعَةً السِّلْقَ بِكَسْرِ السِّينِ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَهُوَ مَا أَرَادَهُ الشَّيْخَانِ وَنَوْعٌ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ وَأَكْثَرِ بِلَادِ الشَّامِ
(فَصْلٌ وَمَا يَتَكَرَّرُ ثَمَرُهُ) بِأَنْ يُؤْخَذَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (فِي سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ) بَلْ أَوْ أَقَلَّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (كَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ وَالنِّرْجِسِ) وَالْبَنَفْسَجِ (أَوْ يُجَزُّ مِرَارًا كَالْكُرَّاثِ) وَالنَّعْنَاعِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ (وَالْقَتِّ) بِالْقَافِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَهُوَ مَا يُقْطَعُ لِلدَّوَابِّ يُسَمَّى الْقُرْطَ وَالرَّطْبَةَ وَالْقَضْبَ بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ (فَالْأُصُولُ مِنْهُ كَالشَّجَرِ) فَتَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْبَائِعِ) فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَامِنَةِ لِكَوْنِهَا كَجُزْءٍ مِنْ الشَّجَرِ فَدَخَلَتْ مَعَهَا فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (وَكَذَا الْجِزَّةُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (الْمَوْجُودَةُ) عِنْدَ بَيْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُجَزُّ مِرَارًا لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ (وَيُشْتَرَطُ) وُجُوبًا (عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ) لِئَلَّا تَزِيدَ فَيَشْتَبِهَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ وَزَادَ هُنَا قَوْلَهُ (بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ) أَيْ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُهَا فَكَالْجِزَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتِبَارُ كَثِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطِهِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِمْ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ (قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ) أَيْ الْفَارِسِيَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ (فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ حَتَّى يَنْفَعَ) أَيْ يَكُونَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ (وَشَجَرُ الْخِلَافِ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ (كَالْقَصَبِ) فِي ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا ظَهَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا يَصِيرُ كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ اهـ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا مُتَأَتٍّ بِالتَّخْلِيَةِ وَهُنَاكَ مُتَعَذِّرٌ شَرْعًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالنَّقْلِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَطْعِ الْمُفْضِي إلَى النَّقْصِ نَعَمْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اسْتَثْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَا بُعْدَ فِي تَأْخِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ حَالًّا لِمَعْنًى بَلْ قَدْ عُهِدَ تَخَلُّفُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ
(فَرْعٌ لِلْبَذْرِ) الْكَامِنِ (فِي الْأَرْضِ حُكْمُ نَابِتِهِ) فِيمَا مَرَّ (فَيَدْخُلُ) فِي بَيْعِهَا (بَذْرُ النَّخْلِ وَالْقَضْبِ) بِمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ أَوْ بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَدُومُ كَنَوَى الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَبِزْرِ الْكُرَّاثِ وَالنَّعْنَاعِ (لَا بَذْرَ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ (بَلْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (إنْ جَهِلَ) الْبَذْرَ وَيُتْرَكُ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ إلَى الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ مِثْلَ مَا مَرَّ (إلَّا أَنْ تَرَكَهُ لَهُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا خَطَأٌ فَإِنَّ السِّلْقَ لَا يُحْصَدُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَلَا يَبْقَى سِنِينَ بَلْ وَلَا سَنَةً وَإِنَّمَا تُحْصَدُ أَوْرَاقُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكُلُّ مَا حُصِدَ لَا يَخْلُفُ
[فَصْلٌ وَمَا يَتَكَرَّرُ ثَمَرُهُ فِي سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْأُصُولُ مِنْهُ كَالشَّجَرِ]
(قَوْلُهُ بَلْ أَوْ أَقَلَّ) سَوَاءٌ أَبَقِيَ سَنَةً فَقَطْ أَمْ أَقَلَّ كَالْهِنْدَبَا (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ) خَرَجَ بِالْحِجَازِيِّ قُطْنُ خُرَاسَانَ وَبَغْدَادَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الْمَبِيعِ بِأَنَّ الطَّلْعَ لَهُ أَمَدٌ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَا أَمَدَ لِلرَّطْبَةِ وَبِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَطْعِ الثَّمَرَةِ وَلِلْبَائِعِ مَنْفَعَةٌ فِي تَرْكِ قَطْعِهَا فَائِدَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَفِي تَرْكِ قَطْعِهَا فَائِدَةٌ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ لَا مِنْ شَرْطٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَحْوِيلُهُ إلَى وَقْتِ قَطْعِهِ فِي الْعَادَةِ وَهُوَ زَمَنُ الشِّتَاءِ فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَلِفَ فَلَمْ يَصْلُحْ لِشَيْءٍ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ اقْتَضَضْتُكِ (قَوْلُهُ وَشَجَرُ الْخِلَافِ كَالْقَصَبِ) قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ الْخِلَافُ نَوْعَانِ مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ كُلَّ سَنَةٍ فَكَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَكَالثِّمَارِ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ تَنْزِيلُ اخْتِلَافِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ
(قَوْلُهُ لِلْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ حُكْمُ نَبَاتِهِ إلَخْ) لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ اعْلَمْ أَنَّ الزَّرْعَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ هُوَ الْمَسْتُورُ إمَّا بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهَا كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ كَالْقَصِيلِ الَّذِي لَمْ يُسَنْبِلْ أَوْ سَنْبَلَ وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَالْبَذْرِ الَّذِي رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ الْمُصَنِّفُ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ رَاجِعٌ إلَى الزَّرْعِ وَالْبَذْرِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَلَمْ يَقُلْ يُفْرَدَانِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ إفْرَادُ الضَّمِيرِ. اهـ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ لَا يُفْرَدُ قَيْدٌ فِي الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَيُتْرَكُ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ إلَى الْحَصَادِ هَذَا فِيمَا الْعَادَةُ فِيهِ الْإِبْقَاءُ (قَوْلُهُ بِلَا أُجْرَةِ مِثْلِ مَا مَرَّ) لَمْ يَفْصِلْ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحِجَارَةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يُتَخَيَّلُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا تَضَرَّرَ أَمْ لَا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَيَزُولُ ضَرَرُهُ بِالْخِيَارِ وَفِي الْحِجَارَةِ لَا خِيَارَ لَهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَزُولُ ضَرَرُهُ إلَّا بِطَلَبِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ) وَهُوَ إعْرَاضٌ لِتَرْكِ الْخُصُومَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْأَحْجَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute