للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ جَوَّزَ بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَشَبَّهَهُ بِبَيْعِ التَّمْرِ الطَّيِّبِ بِغَيْرِ الطَّيِّبِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مُتَمَاثِلًا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَا جِنْسَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ التَّمْرِ بِعَصِيرِ الرَّطْبِ وَكَذَا بِخَلِّهِ وَمِمَّا أَجْزِمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا امْتِنَاعُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَإِنْ كَانَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ.

قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَعِيدٌ وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مِنْ امْتِنَاعِ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ وَقَدْ سَوَّى هُوَ بَيْنَهُمَا (وَالسُّكَّرُ وَالْفَانِيدُ جِنْسَانِ) لِاخْتِلَافِ قَصَبِهِمَا لِأَنَّ الْفَانِيدَ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ قَلِيلِ الْحَلَاوَةِ كَأَعَالِي الْعِيدَانِ وَالسُّكَّرَ يُطْبَخُ مِنْ أَسَافِلِهَا وَأَوْسَاطِهَا لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهَا وَعَسَلُ الْقَصَبِ وَالْقَطَّارَةِ جِنْسٌ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (ثُمَّ السُّكَّرُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ) مِنْ سُكَّرٍ أَحْمَرَ وَنَبَاتٍ وَطَبَرْزَدْ وَهُوَ السُّكَّرُ الْأَبْيَضُ (جِنْسٌ) لِاتِّحَادِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْقَصَبُ وَاخْتِلَافُ أَسْمَائِهَا لِاخْتِلَافِ نَوْعِهَا لَا جِنْسِهَا إذْ الْكُلُّ سُكَّرٌ

(فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ) وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا (بِلَحْمٍ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ) أَوْ جَرَادٍ (فَيَسْتَوِي فِيهِ الْجِنْسُ) كَغَنَمٍ بِلَحْمِ غَنَمٍ (وَغَيْرِهِ) كَبَقَرٍ بِلَحْمِ غَنَمٍ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا) كَمَا مَثَّلْنَا (أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ) كَحِمَارٍ وَعَبْدٍ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُبَاعَ الشَّاةُ بِاللَّحْمِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «وَنَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَالتِّرْمِذِيُّ مُسْنَدًا (وَلَا) يُبَاعُ الْحَيَوَانُ (بِشَحْمٍ وَكَبِدٍ وَنَحْوِهِمَا) كَ أَلْيَةٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ (وَلَا بِجِلْدٍ لَمْ يُدْبَغْ) وَكَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا كَجِلْدِ سَمِيطٍ وَدِيبَاجٍ بِخِلَافِ مَا إذَا دُبِغَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَمَّا بَيْعُ السَّمَكِ الْحَيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ

(فَرْعٌ لَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (فَبَيْعُ اللَّبَنِ بِالسَّمْنِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَبِالْكَسْبِ بَاطِلٌ) كَبَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ فَإِنْ قِيلَ السِّمْسِمُ مَثَلًا جِنْسٌ بِرَأْسِهِ لَا أَنَّهُ دُهْنٌ وَكَسْبٌ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ فَهَلَّا جَازَ بَيْعُهُ بِدُهْنِهِ أَيْضًا قُلْنَا مُجَانَسَةُ الْعِوَضَيْنِ فِي بَيْعِ السِّمْسِمِ بِمِثْلِهِ نَاجِزَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ وَالنَّظَرِ إلَى مَا يَحْدُثُ فَعُدَّ جِنْسًا وَاحِدًا بِرَأْسِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ السِّمْسِمِ بِدُهْنِهِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ الدُّهْنِ سِمْسِمًا وَلَا السِّمْسِمِ مُخَالِفًا لِلدُّهْنِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَيْنَهُمَا مُجَانَسَةٌ وَهِيَ فِي الدُّهْنِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِهَا فَلَا يُعَدُّ جِنْسًا وَاحِدًا فَأَحْوَجُ إلَى التَّفْرِيقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ (وَكَذَا لُبُّ الْجَوْزِ) أَيْ بَيْعُهُ (بِدُهْنِهِ) بَاطِلٌ (وَيُبَاعُ الْجَوْزُ بِالْجَوْزِ وَزْنًا) لِأَنَّهُ أَكْبَرُ جَرْمًا مِنْ التَّمْرِ (وَاللَّوْزُ بِاللَّوْزِ كَيْلًا) لِأَنَّهُ كَالتَّمْرِ لِمَا مَرَّ (بِقِشْرِهِمَا) أَيْ مَعَ قِشْرِهِمَا لِأَنَّ صَلَاحَهُمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ فِيهِمَا وَزْنًا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِشْرُهُمَا غَالِبًا فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ هُنَا وَقَدْ قَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِمَا قَالَ وَحَكَى الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ.

(وَكَذَا) يُبَاعُ (لُبُّهُمَا بِلُبِّهِمَا) أَيْ لُبَّيْ الْجَوْزِ بِلُبِّ الْجَوْزِ وَلُبُّ اللَّوْزِ بِلُبِّ اللَّوْزِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ يَمْنَعُ بَيْعَ مَنْزُوعِ النَّوَى بِمِثْلِهِ لِبُطْلَانِ كَمَالِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَالَةِ الِادِّخَارِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فَالْقِيَاسُ فِيهِمَا الْمَنْعُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَنْزُوعَ النَّوَى أَسْرَعُ فَسَادًا مِنْ لُبِّ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ مَعَ قِشْرِهِ بِالْبَيْضِ) كَذَلِكَ (وَزْنًا) إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ كَبَيْضِ دَجَاجٍ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ وَلَوْ جُزَافًا (وَ) يَجُوزُ بَيْعُ (لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ حُلِبَ لَبَنُهَا فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ) يُقْصَدُ حَلْبُهُ لِكَثْرَتِهِ (أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ) مَأْكُولَةٍ (بِذَاتِ لَبَنٍ) كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ الثَّمَنُ فِي مُقَابَلَتِهِ فِي الْمُصَرَّاةِ أَمَّا الْآدَمِيَّاتُ ذَوَاتُ اللَّبَنِ فَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّاشِيِّ الْجَوَازُ فِيهَا وَفُرِّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ (وَلَوْ بَاعَ لَبَنَ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ صَحَّ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ أَمَّا بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ فَصَحِيحٌ (وَبَيْعُ بَيْضٍ بِدَجَاجَةٍ كَبَيْعِ لَبَنٍ بِشَاةٍ) فَإِنْ كَانَ فِي الدَّجَاجَةِ بَيْضٌ وَالْبَيْضُ الْمَبِيعُ بَيْضُ دَجَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ بِدَجَاجَةٍ كَذَلِكَ بَاطِلٌ كَبَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا وَهُوَ مَا فِي التَّحْرِيرِ لِلْجُرْجَانِيِّ عَنْ الْبَحْرِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ صِحَّتُهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ بِلَحْمٍ]

(قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا إلَخْ) أَنْكَرَ الْمُزَنِيّ عَلَى الشَّافِعِيِّ اسْتِدْلَالَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْمُرْسَلِ وَرَدَّ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدِي حَسَنٌ فَقِيلَ لِأَنَّ مَرَاسِيلَهُ تُتُبِّعَتْ فَوُجِدَتْ مَسَانِيدَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَرَدَّهُ الْخَطِيبُ بِأَنَّ فِيهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ ثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا رَجَّحَ بِهِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بَلْ إرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا إذَا اُعْتُضِدَ بِأَحَدِ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ قِيَاسٍ أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ أَوْ يَنْتَشِرُ مِنْ غَيْرِ دَافِعٍ لَهُ أَوْ يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْعَصْرِ أَوْ لَا يُوجَدُ دَلَالَةٌ سِوَاهُ أَيْ أَوْ مُرْسَلٍ آخَرُ أَوْ مُسْنَدٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

[فَرْعٌ لَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ]

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ لَمْ يَصِحَّ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْمَنْعِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لَهُ بِأَنْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِلَبَنِ شَاةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُوصَى لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ر (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ لَبَنَ آدَمِيَّةٍ بِلَبَنِ آدَمِيَّةٍ مُنْفَصِلٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُمَا صَارَا عَيْنَيْنِ ر

<<  <  ج: ص:  >  >>