للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَهِيَ حَالَّةٌ) كَمَا فِي السَّلَمِ (فَلَوْ أَجَّرَ مِنْ زَيْدٍ دَارًا سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا فِي أَثْنَائِهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ جَازَ) لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُمَا دَفْعَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ (فَإِنْ فُسِخَتْ الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ) فَسْخُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعُرُوضِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " فِي أَثْنَائِهَا " مَا لَوْ قَالَ أَجَرَتْكهَا سَنَةً فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ أَجَرَتْكهَا سَنَةً أُخْرَى لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ (وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ) أَيْ الدَّارُ (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) سَنَةً (فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا) السَّنَةَ الْأُخْرَى (مِنْ الثَّانِي) لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِلْمَنْفَعَةِ.

(وَفِي) جَوَازِ (إيجَارِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَنْفَعَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّ الْمُعَاقَدَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ كَلَامَ الْبَغَوِيّ، وَحَاصِلُهُ الْجَوَازُ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ: وَعَكَسَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَغْوَصُ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ أَقْوَى

(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي) لِمَا أَجَّرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ (إيجَارُ مَا أَجَّرَهُ الْبَائِعُ) مِنْ الْغَيْرِ إذْ لَا مُعَاقَدَةَ بَيْنَهُمَا كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَهُوَ جَارٍ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِيمَا مَرَّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْجَوَازُ.

(وَفِي) جَوَازِ (إيجَارِ الْوَارِثِ مَا أَجَّرَهُ الْمَيِّتُ) مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (تَرَدُّدٌ) لِلْقَفَّالِ أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ " فَلِلْمَالِكِ إلَى آخِرِهِ ": فَهَلْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِمَّنْ عَاقَدَهُ أَوْ مِنْ الثَّانِي وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي يُؤَجِّرَانِ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْبَائِعِ (وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الطَّلْقَ وَالْوَقْفَ نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا فِي عَقْدٍ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ.

(فَرْعٌ) أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِانْقِطَاعِ عَلَقِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ.

(فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ الْحَانُوتَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَسْتَمِرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ)

عَادَةً (أَيَّامَ شَهْرٍ لَا لَيَالِيَهُ) أَوْ عَكْسَهُ (لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ زَمَانَ الِانْتِفَاعِ لَا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَيَكُونَ إجَارَةَ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ (بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) لِلْإِجَارَةِ (يُرَفَّهَانِ) فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ (كَالْعَادَةِ) لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا.

(وَلَوْ أَجَّرَهُ) دَابَّةً (مُعَاقَبَةً) بَيْنَهُمَا (لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا صَحَّ) سَوَاءٌ أُورِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ الذِّمَّةِ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ حَالًّا، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ وَالتَّسْلِيمِ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَجَّرَهُ مُعَاقَبَةً لِيَرْكَبَ هُوَ أَوَّلًا فَلَا يَصِحُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِتَأَخُّرِ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَقَوْلُهُ - مِنْ زِيَادَتِهِ - " لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا " قَاصِرٌ بَلْ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ قَالَ لِيَرْكَبَ أَحَدُنَا أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ.

(وَلَوْ أَجَّرَ اثْنَيْنِ) دَابَّةً (لِيَتَعَاقَبَا) عَلَيْهَا بِالرُّكُوبِ بِأَنْ يَرْكَبَ هَذَا زَمَنًا وَالْآخَرُ مِثْلَهُ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَيُسْتَحَقُّ الرُّكُوبُ) لَهُمَا (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْتَسِمَانِهِ بِالْمُهَايَأَةِ (وَ) يَكُونُ (التَّأْخِيرُ) الْوَاقِعُ (مِنْ ضَرُورَةِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ جَرَتْ لِلْعَقِبِ عَادَةٌ) مَضْبُوطَةٌ بِزَمَانٍ أَوْ مَسَافَةٍ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا وَجَبَ بَيَانُهَا كَهَذَا) يَرْكَبُ (يَوْمًا أَوْ فَرْسَخًا، وَهَذَا مِثْلَهُ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: ثُمَّ أَجَّرَهَا فِي أَثْنَائِهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْهُ إلَخْ) الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا سَنَةً لَوْ أَجَّرَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ لَهُ سَنَةً تَلِي السَّنَةَ الْمُوصَى لَهُ بِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَفْقَهُ الْمَنْعُ، وَإِنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِمْ فِي إجَارَتَيْنِ وَلَوْ أَجَّرَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَقِيَّةَ مُدَّتِهِ، ثُمَّ أَجَّرَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةً تَلِيهَا جَازَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ لِمُسْتَحِقِّ الْمَنْفَعَةِ الْأُولَى لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ الدَّارِ شَهْرًا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ إكْرَاءُ الشَّهْرِ الثَّانِي مِنْهُ الثَّانِيَةُ الْمُعْتَدَّةُ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلسُّكْنَى بِالْأَشْهُرِ يَجُوزُ إكْرَاؤُهَا مِنْهَا الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ ذَكَرَهُمَا الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، مَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَفْقَهُ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَ (قَوْلِهِ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ) هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْفَتَى هَذَا الِاخْتِصَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُهَا لِلثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَكْسُهُ وَهُوَ تَجْوِيزُهُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَيْسَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاحِدًا مِنْ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ بَلْ جَزَمَ بِتَجْوِيزِهِ مِنْ الثَّانِي وَاقْتَضَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْحَقُّ. اهـ. بِهِ أَفْتَى الْعِرَاقِيُّ وَرَجَّحَهُ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ.

(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ إلَخْ) وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ زَائِدًا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ) الْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَ مِنْ شَخْصٍ عَشْرَ سِنِينَ مَثَلًا فِي عَشَرَةِ عُقُودٍ كُلِّ عَقْدٍ سَنَةً بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ السَّنَةِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كُلُّهَا.

[فَرْعٌ أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ]

(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَتَقَدَّمَ عَلَى هَامِشِ الشَّرْحِ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، أَوْ إيجَارِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>