للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوَلِّيَتَهُ (مُعْسِرًا) بِغَيْرِ رِضَاهَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ بَخَسَ حَقَّهَا كَتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ

(فَرْعٌ لَا اعْتِبَارَ) فِي الْكَفَاءَةِ (بِالطُّولِ وَالشَّبَابِ وَالْبَلَدِ) وَالْجَمَالِ وَنَحْوِهَا فَالْقَصِيرُ وَالشَّيْخُ وَالْمِصْرِيُّ وَالذَّمِيمُ كُفُؤٌ لِلطَّوِيلَةِ وَالشَّابَّةِ وَالْمَكِّيَّةِ وَالْجَمِيلَةِ.

(فَرْعٌ لَا يُقَابِلُ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ بَعْضًا) أَيْ لَا يُجْبَرُ بَعْضُهُ بِفَضِيلَةٍ (فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ وَنَحْوِهِ) وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ

(فَصْلٌ وَالْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً مُسْتَوِينَ فِي دَرَجَةٍ (فَلَا بُدَّ مَعَ رِضَاهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ مِنْ رِضَا سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ) بِهِ (لَا) رِضَا (أَحَدِهِمْ) يَعْنِي لَا يَكْفِي عَنْ رِضَا الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِتَرْكِهَا كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِكُفْءٍ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمَهْرِ وَلَا عَارَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا كُفْءَ لَهُنَّ» وَلِأَنَّهُ «أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ فَنَكَحَتْهُ وَهُوَ مَوْلَى وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ» وَإِنَّمَا هِيَ حَقُّ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَدْ رَضِيَا بِتَرْكِهَا (إلَّا فِي إعَادَتِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (لِمُخْتَلِعٍ رَضَوْا بِهِ أَوَّلًا) بِأَنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ ثُمَّ اخْتَلَعَهَا زَوْجُهَا فَأَعَادَهَا لَهُ أَحَدُهُمْ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُ دُونَ رِضَى الْبَاقِينَ فَإِنَّهُ يَكْفِي لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا، وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخِ وَالْمُطَلِّقِ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ.

(وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْأَبْعَدِ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ (وَإِنْ زُوِّجَتْ الْبِكْرُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ الثَّيِّبُ بِإِذْنٍ) مِنْهَا (مُطْلَقٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكُفْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِعَدَمِ رِضَاهَا بِهِ (وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَالْوَلِيُّ السُّلْطَانُ لَمْ يُزَوِّجْهَا) بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَلَا يَتْرُكُ الْحَظَّ وَخَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ السَّابِقُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَدْرِي مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَاتٍ اخْتَارُوا الصِّحَّةَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ لِجَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ

(فَرْعٌ) لَوْ (أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ لِغَيْرِ كُفْءٍ فَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِ الْوَلِيِّ الرِّضَا) مِنْهُ (بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ (وَإِنْ زَوَّجَتْ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا الْوَلِيُّ وَأَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ قُبِلَ قَوْلُهَا) كَمَا لَوْ أَنْكَرَ تَزْوِيجَهَا (وَإِنْ سَكَتَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِهَا

[فَرْعٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ بِذَاتِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ]

(فَرْعٌ مَتَى زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ بِذَاتِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ (لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِانْتِفَاءِ الْغِبْطَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي) وَيَظْهَرُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ إثْبَاتَ خِيَارِ الْفَسْخِ لَهَا بِالْإِعْسَارِ يُنَافِي الْإِجْبَارَ عَلَى نِكَاحِ الْمُعْسِرِ فَمَا زَعَمَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ فِي الْكَفَاءَةِ مَمْنُوعٌ اش؛ لِأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ (قَوْلُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَنَاهُ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ صُوَرِ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ لَا أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ

[فَرْعٌ لَا اعْتِبَارَ فِي الْكَفَاءَةِ بِالطُّولِ وَالشَّبَابِ وَالْبَلَدِ وَالْجَمَالِ وَنَحْوِهَا]

(قَوْلُهُ فَالْقَصِيرُ وَالشَّيْخُ إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالشَّيْخُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلشَّابَّةِ وَالْجَاهِلُ لِلْعَالِمَةِ قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهَذَا التَّضْعِيفُ فِي الْجَاهِلِ وَالْعَالِمَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْآبَاءِ إذَا كَانَ شَرَفًا لِلْأَوْلَادِ فَكَيْفَ بِعِلْمِهِمْ وَلِأَنَّ الْحِرْفَةَ تُرْعَى فِي الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُوَازِي الْعِلْمَ وَقَدْ قَطَعَ بِمُوَافَقَةِ الرُّويَانِيِّ شَارِحُ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَنْوَارِ

[فَصْلٌ الْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَالْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْكُفْءِ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا) وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت وَكَتَبَ أَيْضًا حَكَى فِيهَا طَرِيقَيْنِ أَحَدَهُمَا الْقَطْعَ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ أَوَّلًا وَالثَّانِيَ عَلَى الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْغَالِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتِ الطَّرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَحَّحُ مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ.

(قَوْلُهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْأَبْعَدِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجِبُ رِضَا الْأَبْعَدِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْآنَ حَقٌّ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَارِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَنْتَشِرُ كَثِيرًا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُهَا وَلَا ضَابِطَ نَقِفُ عِنْدَهُ فَقُصِرَ عَلَى الْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ أَقْرَبُ إلَّا أَنَّهُ صَغِيرٌ فَزَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا فَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الصِّغَرَ وَإِنْ نَقَلَ الْوِلَايَةَ فَلَا يَنْقُلُ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَا حَقٌّ يُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ وَهَذَا نَظَرٌ دَقِيقٌ وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَأَقَرَّ الْبَالِغُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْأَصَحِّ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الصَّغِيرِ وَهَذَا نَظِيرُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ وَقَدْ سَبَقَ وَالْجَامِعُ عَدَمُ الرِّضَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى فس وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ كَتَبَ عَلَيْهِ الرَّاجِحُ الصِّحَّةَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَالْوَلِيُّ السُّلْطَانُ لَمْ يُزَوِّجْهَا بِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِمَنْ صَدَّقَتْهُ عَلَى كَفَاءَتِهِ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>