للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَنَّهَا هِيَ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَنَّهَا هِيَ وَإِلَّا تَلَفَّفَتْ) بِمِلْحَفَةٍ (وَخَرَجَتْ) مِنْ السِّتْرِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْدِيرِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ نِسَائِهِمْ التَّخْدِيرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهَا وَاسْتَثْنَى مَعَ الْمُخَدَّرَةِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ حُضُورُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ أَخْذًا مِنْ فَتْوَى الْغَزَالِيِّ بِعَدَمِ حَبْسِهِ وَتُكَلَّفُ الْمُخَدَّرَةُ حُضُورَ الْجَامِعِ لِلتَّحْلِيفِ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا (وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ وَكَّلَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ)

(فَصْلُ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ، وَإِنْ حَضَرَ الْخَاطِبُ وَرَضِيَتْ) ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ لِحَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حَاضِرٌ وَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ مَالٌ غَائِبٌ) عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ قَاضِي بَلَدِهِ (تَوَلَّى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ حِفْظَهُ) وَتَعَهُّدَهُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِلتِّجَارَةِ) وَالِاسْتِمْنَاءِ وَلَا يُنَصِّبُ قَيِّمًا لَهُمَا (بَلْ ذَلِكَ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فِي النِّكَاحِ فَكَذَا فِي الْمَالِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَغَيْرُهُمَا وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ الْأَمِينِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ ثَمَّ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ عَقَارًا وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافَهُ بِذَلِكَ وَكَالْيَتِيمِ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ

(وَلِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْغَائِبِ مِنْ ثِقَةٍ لِيَحْفَظَهُ بِالذِّمَّةِ) أَيْ فِيهَا (وَ) لَهُ (بَيْعُ حَيَوَانِهِ لِخَوْفِ هَلَاكِهِ وَنَحْوِهِ) كَغَصْبِهِ سَوَاءٌ فِيهِ مَالُ الْيَتِيمِ الْغَائِبِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَهُ (تَأْجِيرُهُ) أَيْ إجَارَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُؤَجِّرُهُ (إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى أَقَلِّ زَمَنٍ يُسْتَأْجَرُ فِيهِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي

[فَصْلُ تَزْوِيج الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّ الْوِلَايَةِ نَفْسُ الْبَلَدِ الْمُحِيطِ بِهَا السُّوَرُ أَوْ الْبِنَاءُ الْمُتَّصِلُ دُونَ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ فَعَلَى هَذَا لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي الْبَلَدِ وَهُوَ بِالْمَزَارِعِ أَوْ الْبَسَاتِينِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْحُكَّامِ يَتَسَاهَلُ فِي ذَلِكَ وَالْأَحْوَطُ تَرْكُهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْبَلْدَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا لَا يَبِيعُ فِي غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَزَارِعَ أَوْ لَا وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّنَاوُلِ وَلَوْ اسْتَنَابَ شَخْصًا فِي بَلَدِهِ وَاسْتَنَابَهُ قَاضٍ آخَرُ فِي أُخْرَى فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا أَوْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً فِي إحْدَى الْبَلْدَتَيْنِ، وَهُوَ فِي الْأُخْرَى يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ تَصَرُّفِهِ وَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ عَلَى تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مُلَفَّقَةٌ ثُمَّ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْجَدِّ زَوَّجَ أَوْ بِالْعَمِّ فَلَا؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَنَابَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْعُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقْدَمَ الْقَاضِي عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ يَعْتَقِدُهَا فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقْدَامِ يَفْسُقُ وَيَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ ر لَا يَفْسُقُ بِهِ وَيَصِحُّ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّنَاوُلِ قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّ وِلَايَةِ الْقَاضِي يَشْمَلُ بِلَادَهَا وَقُرَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ وَالْبَادِيَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتَيْهِمَا أَمْضَاهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَا بِخَاطِبٍ وَرَضِيَتْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لِلْحَاكِمِ فِي تَزْوِيجِهَا، وَهِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَى غَيْرِهَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْعَقْدُ فَلَوْ عَادَتْ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَكْفِي إذْنُهَا السَّابِقُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ آخَرَ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ) سَأَلْت عَنْ وَقْفٍ فِي بَلَدٍ عَلَى قِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلِكُلِّ بَلَدٍ قَاضٍ وَاقْتَضَى الْأَمْرُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي فَهَلْ يَكُونُ قَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ أَوْ قَاضِي بَلَدِ الْمَيِّتِ فَأَجَبْت بِأَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمَيِّتِ هُوَ النَّاظِرُ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلْت الْمَيِّتَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ الْحَاكِمُ ظُهُورًا كُلِّيًّا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا

(قَوْلُهُ كَغَصْبِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ مُؤْنَةٌ تَلْحَقُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَنَحْوِهِمَا عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ أَوْ التَّلَفِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتَاوَى فَقَالَ إذَا غَابَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ غَائِبٌ وَمَالُهُ ضَائِعٌ كَانَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا فِيمَا لَهُ يَتَعَهَّدُهُ وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ بَيْعُهُ وَلَا الِاتِّجَارُ فِيهِ وَلَا الْأَخْذُ لِلْغَائِبِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِمَّا يَضِيعُ كَالْبِطِّيخِ وَالْبَقْلِ فَلِلْقَيِّمِ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ أَيْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَفَّالُ إنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى رَجُلٌ عَلَى عَقَارِ الْغَائِبِ أَوْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَأَخْبَرَ مُحْتَسِبَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا يَدَّعِي لِيُخْرِجَ الْحَاكِمُ الشَّيْءَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَجَحَدَهُ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا لِيَدَّعِيَ عَلَى الْمَدِينِ وَيَنْتَزِعَ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيَّ وُفِّيَ إلَّا أَنَّهُ خِيفَ عَلَيْهِ الْفَلْسُ فَلِلْحَاكِمِ نَصْبُ قَيِّمٍ لِاسْتِيفَائِهِ كَيْ لَا يَتْلَفَ بِفَلَسِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَيَّ وُفِّيَ فَغَابَ أَيْ وَلَمْ يَخْشَ فَلْسَ الْمَدْيُونِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا لِيَسْتَوْفِيَهُ اهـ وَقَدْ سَأَلْت عَمَّنْ غَابَ وَتَرَكَ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ وَجَاوَزَتْ غَيْبَتُهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَكَانٌ وَقَدْ خَافَتْ وَرَثَتُهُ عَلَى دُيُونِهِ الْفَوَاتَ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْحَاكِمَ يُنَصِّبُ عَدْلًا يَسْتَوْفِيهَا وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْهَا وَاسْتَنْبَطْت ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ عَثَرْت عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ هَذَا فَحَمِدْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غ وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْإِجَارَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ر كَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>