للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَامِلَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ رِبْحٍ وَعَدَمِ حُصُولِهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي هُنَا مَوْجُودٌ ثَمَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِيهِ صُورَةُ الْقِرَاضِ، وَمَا هُنَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا صُورَةُ شِرْكَةٍ، وَلَا إجَارَةٍ بَلْ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ بِهِ الْجَعَالَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْعَامِلُ فِيهَا إنَّمَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا وُجِدَ فِيهَا الْغَرَضُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ

(فَصْلٌ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فَلَا يُسَافِرُ) بِالْمَالِ (وَلَا يُبْضِعُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (بِلَا إذْنٍ) فِي الْجَمِيعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الشِّرْكَةَ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْكِيلٌ، وَتَوَكُّلٌ وَمَعَ الْإِذْنِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ نَعَمْ لَا يَسْتَفِيدُ رُكُوبَ الْبَحْرِ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ) الْمُشْتَرَكِ (أَوْ بَاعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) فِيهِمَا (صَحَّ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَانْفَسَخَتْ الشِّرْكَةُ فِي نَصِيبِهِ (وَصَارَ الْمُشْتَرِي) فِي الثَّانِيَةِ، وَالْبَائِعُ فِي الْأُولَى (شَرِيكَ شَرِيكِهِ) سُمِّيَ الثَّانِي شَرِيكَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (وَإِنْ اشْتَرَى بِالْغَبْنِ) الْمَذْكُورِ (فِي الذِّمَّةِ اخْتَصَّ) الشِّرَاءُ (بِهِ) فَيَزِنُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْغَبْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ، وَمِثْلُهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ نَسِيئَةً، وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ بِهِ أَوْ أَبْضَعَهُ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَعَمْ إنْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ بِمَفَازَةٍ فَلَا ضَمَانَ بِالسَّفَرِ بِهِ إلَى مَقْصِدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِقَحْطٍ أَوْ عَدُوٍّ، وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الشَّرِيكِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِالْمَالِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْوَدِيعَةِ

(فَصْلٌ لِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فَسْخُهَا) أَيْ الشِّرْكَةِ مَتَى شَاءَ (فَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ) كَالْوَكَالَةِ فِيهِمَا (وَانْعَزَلَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْآخَر لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ (وَإِنْ عَزَلَ) أَحَدُهُمَا (صَاحِبَهُ) كَأَنْ قَالَ: عَزَلْتُك عَنْ التَّصَرُّفِ أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِي نَصِيبِي (لَمْ يَنْعَزِلْ الْعَازِلُ) بَلْ مُخَاطَبُهُ فَقَطْ؛ إذْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي عَزْلَهُ بِخِلَافِ مُخَاطَبِهِ

[فَصْلٌ تَنْفَسِخُ الشِّرْكَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ]

(فَصْلٌ تَنْفَسِخُ) الشِّرْكَةُ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ فَإِذَا أَفَاقَ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشِّرْكَةِ، وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ، أَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا (وَعَلَى وَلِيِّ الْوَارِثِ) غَيْرِ الرَّشِيدِ فِي الْأُولَى (وَالْمَجْنُونِ) فِي الثَّانِيَةِ (اسْتِئْنَافُهَا لَهُمَا) وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ (عِنْدَ الْغِبْطَةِ) فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَتْ الْغِبْطَةُ فِيهَا فَعَلَيْهِ الْقِسْمَةُ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْوَلِيِّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشِّرْكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَلِيِّ غَيْرِ الرَّشِيدِ اسْتِئْنَافُهَا إلَّا (بَعْدَ قَضَاءِ) مَا هُنَاكَ مِنْ (دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَالْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ كَالْمَرْهُونِ، وَالشِّرْكَةُ فِي الْمَرْهُونِ بَاطِلَةٌ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَارِثِ الرَّشِيدِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي وَلِيِّ الْوَارِثِ غَيْرِ الرَّشِيدِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ كَمَا تَقَرَّرَ (وَلِلْمُعَيَّنِ) اسْتِئْنَافُهَا مَعَ الْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ وَشَرِيكِهِ (إنْ عُرِفَتْ مُشَارَكَتُهُمْ) أَيْ الثَّلَاثَةِ (فِيهَا) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ أَيْ مَحَلِّهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنٍ فَهُوَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَيْ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ رَشِيدًا وَكَوْنِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَهَذِهِ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْإِجْحَافِ وَيَنْفَسِخُ أَيْضًا بِطُرُقِ الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ وَالْفَلَسِ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ أَيْضًا بِطُرُقِ الِاسْتِرْقَاقِ وَالرَّهْنِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُجِيبُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ) هَذَا الْجَوَابُ حَسَنٌ

[فَصْلٌ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ) أَيْ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَبْنٌ مَا كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَعَدْلُ الرَّهْنِ وَنَحْوُهُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ هُوَ مَا كَانَ شَرْعًا عَامًّا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ يُبَاعُ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَلَا تَلْزَمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مَا وَصَفَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ بُنِيَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْجَمِيعِ) لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: بِعْ بِمَا تَرَى وَجَبَ مُرَاعَاةُ النَّظَرِ، أَوْ بِمَا شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْمُحَابَاةِ قَالَهُ فِي التَّجْرِيَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَا تَرَى تَفْوِيضٌ إلَى الرَّأْيِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِمَا شِئْت سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِرَاضِ أَنَّهُ يَبِيعُ بِالْعَرَضِ وَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرِيكَ كَذَلِكَ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ إنْ رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْبَابَيْنِ الرِّبْحُ، وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ اعْتِبَارَهُمْ النَّقْدَ قَالَ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّبْحُ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ بَلْ يَكُونُ فِي الْعُرُوضِ كَالْقِرَاضِ

(فَرْعٌ) وَإِنْ اشْتَرَى بِلَا غَبْنٍ وَقَعَ لِلشَّرِكَةِ، وَطُولِبَ بِكُلِّ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ فَإِنْ سَلَّمَهُ مِنْ مَالِهِ لِعَدَمِ نَضُوضِ مَالِهَا طَالَبَهُ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ، أَوْ وَقَدْ نَضَّ فَهَلْ يُطَالِبُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ بِمَفَازَةٍ) كَانَا مِنْ أَهْلِ النُّجْعَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُهَا أَيْ الشِّرْكَةِ مَتَى شَاءَ]

(قَوْلُهُ وَإِغْمَائِهِ) مَحَلُّ الْفَسْخِ بِالْإِغْمَاءِ إذَا طَالَ زَمَنُهُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ عَنْهُ صَلَاةً وَاحِدَةً لِمُرُورِ وَقْتِهَا، فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ كَالْمَاوَرْدِيِّ قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَإِذَا أَذِنَ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ لَلشَّرِيكِ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا أَوْ نَقْدًا؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ إنَّمَا لَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْعُرُوضِ، وَهَذَا اسْتِدَامَةُ شِرْكَةٍ، وَلَيْسَ بِابْتِدَاءِ عَقْدٍ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَلَكِنْ فِي عِبَارَتِهِمَا إيهَامٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>