للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ مِنْ آدَابِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ) شَهَادَةً (وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ الضَّبْطِ) وَتَمَامِ الْفَهْمِ (مِنْ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَهَمٍّ وَغَضَبٍ) وَنَحْوِهَا كَمَا لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَبِهِ شَيْءٌ مِنْهَا (وَلَا يَلْتَفِتُ الشَّاهِدُ عَلَى) بِمَعْنَى إلَى قَوْلِ (مَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) فَلَا يَتَحَمَّلُ عَلَيْهِ (وَلَا عَلَى) بِمَعْنَى إلَى (كِتَابٍ مُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ) فَلَا يُثْبِتُ شَهَادَتَهُ فِيهِ (وَيُبَيِّنُ فَسَادَهُ) أَيْ يُظْهِرُهُ وَيُسْتَثْنَى الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا فَتَجُوزُ إذَا قَصَدَ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ حِفْظَ الْأَمْوَالِ عَلَى أَرْبَابِهَا بِأَنْ يَشْهَدَ لَهُمْ لِيَرْجِعُوا بِهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ عِنْدَ إمْكَانِهِ بِتَوْلِيَةِ عَادِلٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَيُثْبِتُ شَهَادَتَهُ عَلَى كِتَابٍ) أُنْشِئَ عَلَى مُخْتَلَفٍ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ (يُخَالِفُ مُعْتَقِدَهُ) لِيُؤَدِّيَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ وَقِيلَ يَعْرِضُ عَنْهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَى الْكَلِمَةِ الْمَكْرُوهَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ) لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِالشَّهَادَةِ أَحَدٌ (وَ) أَنْ (يُلْحِقَ) بِالْكِتَابِ (مَا تَرَكَ) وَيُبَيِّنَ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ إلْحَاقَهُ (وَيُتَمِّمَ السَّطْرَ) النَّاقِصَ (بِخَطَّيْنِ) أَوْ بِخَطٍّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِذَا قَرَأَ) الشَّاهِدُ (الْكِتَابَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرَأَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ.

(وَقَالَ) لَهُ (أَشْهَدُ عَلَيْك بِذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ وَنَحْوَهُ) كَأَجَلْ وَجَيْرَ وَبَلَى (كَفَى) فِي التَّحَمُّلِ (لَا إنْ) قَالَ لَهُ فِي الْجَوَابِ إنْ (شِئْت وَنَحْوَهُ) كَالْأَمْرِ إلَيْك أَوْ كَمَا تَرَى أَوْ اسْتَخِرْ اللَّهَ (وَإِذَا شَهِدَ عَلَى كِتَابِ عَقْدٍ) بِدَيْنٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهَا (أَقَرَّ بِهِ) مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ (فَلَا يَقُلْ أَشْهَدُ بِذَلِكَ بَلْ) يَقُولُ أَشْهَدُ (بِإِقْرَارِهِ) بِذَلِكَ (وَلْيَكْتُبْ) نَدْبًا فِي الْكِتَابِ الَّذِي تَحَمَّلَ فِيهِ (اسْمَهُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ) اسْمِ (أَبٍ وَجَدٍّ يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ تَخَطَّى إلَيْهِ) أَيْ إلَى جَدٍّ أَعْلَى يُعْرَفُ هُوَ بِهِ لِشُهْرَتِهِ (فَإِنْ شُورِكَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ (ذَكَرَ الْكُنْيَةَ) لِيَتَمَيَّزَ بِهَا (وَيَأْتِي) نَدْبًا (بِمَا يُفِيدُ التَّذَكُّرَ) كَمَا مَرَّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ (وَ) يَكْتُبُ (فِي السِّجِلِّ أَشْهَدُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي) بِمَا فِيهِ (أَوْ) عَلَى (إنْفَاذِ مَا فِيهِ لَا) عَلَى (إقْرَارِهِ إنْ حَكَمَ) وَهُوَ (عِنْدَهُ) فَإِنْ حَكَمَ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ (وَيَسْأَلُ) الشَّاهِدَ نَدْبًا فِي كِتَابَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (صَاحِبَ الدَّيْنِ كَمْ هُوَ) وَ (أَمُؤَجَّلًا) هُوَ (أَمْ لَا ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يُجِيبَهُ (يَسْأَلُ الْآخَرَ) أَيْ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَ الْمَدِينَ أَوَّلًا وَأَقَرَّ فَقَدْ يُنْكِرُ صَاحِبَهُ الْأَجَلَ فَيَقَعُ فِي النِّزَاعِ (وَفِي) كِتَابِهِ (السَّلَمِ يَسْأَلُ) نَدْبًا (الْمُسَلِّمَ أَوَّلًا) عَمَّا ذَكَرَ (خَوْفًا) مِنْ (أَنْ يُنْكِرَ السَّلَمَ) وَيُطَالِبُ بِمَا دَفَعَهُ لَوْ سَأَلَ صَاحِبَهُ أَوَّلًا وَأَقَرَّ (وَيُقْعِدُ الْقَاضِي الشَّاهِدَ) الَّذِي أَتَى إلَيْهِ لِيُؤَدِّيَ عِنْدَهُ (عَنْ يَمِينِهِ وَيَنْظُرُ) الشَّاهِدُ (اسْمَهُ الْمَكْتُوبَ) وَيَتَأَمَّلُهُ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ.

(فَإِنْ اُسْتُشْهِدَ) بِأَنْ اسْتَشْهَدَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ (اسْتَأْذَنَ الْقَاضِيَ) نَدْبًا (لِيُصْغِيَ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَسْمَعُهُ فَتَلْغُو) شَهَادَتُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَدْعِيَهُمْ لِلشَّهَادَةِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَبْدَءُوا بِهَا قَالَ وَصِيغَةُ إذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ بِمَ تَشْهَدُونَ وَلَا يَقُولُ اشْهَدُوا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيُسْتَحَبُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يُبَجِّلَ الْقَاضِيَ فِي الْأَدَاءِ فَيَقُولُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَيِّدِنَا الْحَاكِمِ وَيَزِيدُ مِنْ أَلْقَابِهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ وَقَدْرُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ)

يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَمْوَالِ وَقَدْ قَالُوا (مَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ غَيْرَ عُيُوبِ النِّسَاءِ) الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ (وَنَحْوِهَا)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ مِنْ آدَابِ الشَّاهِدِ]

قَوْلُهُ مِنْ آدَابِهِ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا احْتَمَلَ الْحَالُ التَّأْخِيرَ أَوْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَإِلَّا تَحَمَّلَ وَاحْتَاطَ فِي الضَّبْطِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا) (تَنْبِيهٌ) إنْشَاءُ الشَّهَادَةِ لَا يَصِحُّ بِالْمَاضِي وَيَصِحُّ بِالْمُضَارِعِ وَالْبَيْعُ بِالْعَكْسِ فَمَا الْفَرْقُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُضَارِعَ قَدْ صَارَ صَرِيحًا فِي الْعُرْفِ فِي إنْشَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْمَاضِي فِي الْبَيْعِ صَارَ صَرِيحًا فِيهِ دُونَ الْمُضَارِعِ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْهُ بِأَصْلِ الْوَضْعِ إذْ ذَاكَ لَا يُفِيدُ إلَّا الْإِخْبَارَ وَلَا بِالْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ (مَسْأَلَةٌ) أَقَرَّ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ بِمَالٍ لِرَجُلٍ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الْعِوَضِ وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ عِوَضًا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا عَلِمَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَقْبِضْ عِوَضًا بَعْدَ أَنْ كَتَبَ خَطَّهُ عَلَى الْمُقَرِّ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالشَّاهِدُ الْآخَرُ يَشْهَدُ عَلَى الْقَرَارِ فَقَطْ فَهَلْ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ الدَّيْنِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا وَحَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ فَقَطْ وَيَسْتَحِقُّ وَهَلْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِعَدَمِ الْإِقْبَاضِ كَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرُّ عِوَضًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ وَتَنْفَصِلُ الْقَضِيَّةُ بِذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا فَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَإِقْرَارُ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا هِيَ مِنْ بَعْضِ صُوَرِ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ إنَّمَا أَقْرَرْت بِقَبْضِهِ عَلَى أَنْ تَقْبِضَ الْعِوَضَ فَلَمْ تُقْبِضْنِي شَيْئًا وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تَبْعُدُ حِينَئِذٍ عَنْ صُورَةِ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ وَتَصِيرُ قَرِيبًا مِمَّا إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ مَعَ سَبْقِ دَعْوَى الْمُقِرِّ ذَلِكَ

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ) أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَالِ فَتَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا التَّرْجَمَةَ فِي الدَّعْوَى بِالْمَالِ أَوْ الشَّهَادَةِ بِهِ فَإِنَّهَا لَا مَدْخَلَ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِيهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَالًا وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ مَعْنَى لَفْظِ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>