للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَعَ بِعَدَدِ اللَّفْظِ إنْ لَمْ تُخَالِفْهُ فِيهِمَا وَإِلَّا وَقَعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

(وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا عَبَثًا) وَنَوَتْ (فَصَادَفَتْ التَّفْوِيضَ) لَهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِ زَيْدٍ لَغَا إنْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ) فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا (لَا) إنْ قَصَدَ (التَّبَرُّكَ) أَوْ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَلَا يَلْغُو قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جَعَلْت كُلَّ أَمْرٍ لِي عَلَيْك بِيَدِك كِنَايَةٌ فِي التَّفْوِيضِ) إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَنْوِهَا هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَ) قَوْلُهُ (طَلِّقِي نَفْسَك فِي غَدٍ لَغْوٌ) وَإِنْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَيَلْغُو فِيهِ قَوْلُهُ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي أَوْ أَبِينِي نَفْسَك فَطَلَّقَتْ) نَفْسَهَا (وَنَوَيَا الثَّلَاثَ وَقَعَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَاهَا بِأَنْ نَوَى أَحَدُهُمَا عَدَدًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ (فَأَقَلُّ النِّيَّتَيْنِ) يَقَعُ لِأَنَّهُ الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى فَأَقَلُّ الْمَنْوِيَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ) هُوَ أَوْ هِيَ (شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَطَلَّقَتْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَهِيَ لَمْ تَنْوِ عَدَدًا (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَقَعْنَ) لِأَنَّ قَوْلَهَا هُنَا جَوَابٌ لِكَلَامِهِ فَهُوَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ هُوَ بِالثَّلَاثِ وَنَوَاهَا لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ عَوْدِهِ فِي الْجَوَابِ إذْ التَّخَاطُبُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ (أَوْ) قَالَتْ (طَلَّقْت وَاحِدَةً وَقَعَتْ) لِأَنَّهَا الْمُوقِعَةُ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ زَادَتْ الثِّنْتَيْنِ) الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا (فَوْرًا وَلَوْ بَعْدَمَا رَاجَعَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُقَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَبَيْنَ قَوْلِهَا طَلَّقْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَلَا يَقْدَحُ تَخَلُّلُ الرَّجْعَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَالتَّصْرِيحُ بِفَوْرِيَّةِ الزِّيَادَةِ وَبِحُكْمِ مَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لِأَنَّهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ (وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يَقَعُ بِطَلَاقِهِ إلَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ) قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً (لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِصَيْرُورَةِ الْمَشِيئَةِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى طَلِّقِي إنْ اخْتَرْت الثَّلَاثَ فَإِذَا اخْتَارَتْ غَيْرَهُنَّ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى تَفْوِيضِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَعْنَى فَوَّضْت إلَيْك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَإِنْ شِئْت فَافْعَلِي مَا فَوَّضْت إلَيْك وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا نُفُوذَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ.

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ) أَيْ مَعَهُ لِيُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِمَعْنَاهُ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِاللَّامِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَاعْتُبِرَ قَصْدُ الْمَعْنَى لِيَخْرُجَ حِكَايَةُ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرُ الْفَقِيهِ وَالنِّدَاءُ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَقَصْدُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ بَلْ لَوْ قَالَ مَا قَصَدْته لَمْ يُدَيَّنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَاكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ وَقَصَدَ إيقَاعَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ (فَحِكَايَةُ الطَّلَاقِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ (وَكَذَا طَلَاقُ النَّائِمِ) وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَغْوٌ وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ (أَجَزْته أَوْ أَوْقَعْته) لِعَدَمِ قَصْدِ مَعْنَاهُ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَذَكَرَ مِنْهَا النَّائِمَ» .

(وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ (لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (ظَاهِرًا إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ كَمَالَ التَّفْوِيضِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَسْمِيَةُ بَعْضِهِ كَتَسْمِيَةِ كُلِّهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا نِصْفًا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُؤَقَّتًا كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ شَهْرًا. اهـ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ فِي فَصْلٍ فِي إيقَاعِ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَبَحْثُ الشَّارِحُ الْآتِي مَرْدُودٌ.

[الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ]

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى طَلَّقْتُك وَمِنْ صُوَرِ سَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَرَاهَا طَالِعَةً فِي سُلَّمٍ أَوْ حَبْلٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِقَةٌ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِعَةٌ أَوْ يَرَاهَا ذَاهِبَةً فِي طَرِيقٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَقَالَ أَرَدْت إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>