للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ: يَرْجِعُ) فِي الْمَوْهُوبِ (بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ غَيْرِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ) كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُتَّهِبِ (لَا) بِالزَّوَائِدِ (الْمُنْفَصِلَةِ غَيْرِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ) كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُتَّهِبِ (لَا) بِالزَّوَائِدِ (الْمُنْفَصِلَةِ غَيْرِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ) كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ، وَالْكَسْبِ بَلْ تَبْقَى لِلْمُتَّهِبِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ يَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْهُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَفِي جَعْلِ وَلَدِ الْحَمْلِ الْقَدِيمِ مِنْ الزَّوَائِدِ تَسَمُّحٌ، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ (وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ قَبْلَ الْوَضْعِ) لِلْحَمْلِ الْحَادِثِ (أَمْ عَلَيْهِ الصَّبْرُ إلَى الْوَضْعِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَلَهُ أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ.

(وَلَوْ زَرَعَ) الْوَلَدُ (الْحَبَّ أَوْ تُفَرِّخُ الْبَيْضُ فَلَا رُجُوعَ) فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ هَذَا إذَا ضَمَّنَّا الْغَاصِبَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَدْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَيَرْجِعُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الرُّجُوعِ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْفَلَسِ (وَإِنْ صَبَغَ الْوَلَدُ الثَّوْبَ شَارَكَهُ) أَيْ شَارَكَ وَالِدَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الثَّوْبِ (بِالصَّبْغِ وَلَوْ قَصَرَهُ) أَوْ كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ (وَزَادَتْ قِيمَتُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيُشَارِكُهُ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ فَلَا شَرِكَةَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا كَالْقِصَارَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْفَلَسِ عَلَى خِلَافِ مَا جَزَمَا بِهِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ كَالسِّمَنِ وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ هُنَا لِذَلِكَ لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا تَعَلُّمٌ، لَا مُعَالَجَةَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ وَمَا هُنَاكَ تَعْلِيمٌ فِيهِ مُعَالَجَةٌ مِنْهُ.

(وَيَتَخَيَّرُ) الْوَالِدُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ وَقَدْ غَرَسَ فِيهَا الْوَلَدُ أَوْ بَنَى (فِي الْغَرْسِ) أَوْ الْبِنَاءِ (بَيْنَ قَلْعِهِ بِأَرْشٍ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَةٍ، أَوْ تَبَعِيَّتِهِ بِأُجْرَةٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَالْعَارِيَّةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِيهَا فِي بَابِهَا التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَلْيُؤَوَّلْ قَوْلُهُ كَالْعَارِيَّةِ عَلَى التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ التَّخْيِيرِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ ثَمَّ مَنْعُ مَا صَحَّحَهُ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ، وَالْقِيَاسَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ.

(فَرْعٌ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ) فِي الْهِبَةِ (بِ رَجَعْتُ فِي الْهِبَةِ وَأَبْطَلْتُهَا وَنَقَضْتُهَا وَنَحْوِهِ) كَ ارْتَجَعْتُ الْمَوْهُوبَ وَاسْتَرْدَدْته وَرَدَدْته إلَى مِلْكِي وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَالْكِنَايَةُ كَ أَخَذْتُهُ وَقَبَضْته (فَلَوْ بَاعَ) الْوَالِدُ (أَوْ أَتْلَفَ) أَوْ وَهَبَ، أَوْ وَقَفَ أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ وَطِئَ، أَوْ اسْتَوْلَدَ الْمَوْهُوبَ (لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا) لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَلَدِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ فَلَا يَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُ الْوَالِدِ وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مِلْكِ الْوَلَدِ لِلْمَوْهُوبِ (فَيَلْزَمُهُ بِالْإِتْلَافِ وَالِاسْتِيلَادِ الْقِيمَةُ وَبِالْوَطْءِ الْمَهْرُ) وَتَلْغُو الْبَقِيَّةُ (وَتَحْرُمُ بِهِ) الْأَمَةُ (عَلَى الْوَلَدِ) لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ وَالِدِهِ (وَ) تَحْرُمُ (مَوْطُوءَتُهُ) أَيْ مَوْطُوءَةُ الْوَلَدِ الَّتِي وَطِئَهَا الْوَالِدُ (عَلَيْهِمَا) مَعًا، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مِنْ بَابِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَ الرُّجُوعِ) فِيهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِرْدَادٍ لَهُ (أَمَانَةٌ) فِي يَدِ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرُّجُوعِ بِشَرْطٍ) كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ رَجَعْت؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُتَوَاهِبَانِ (عَلَى فَسْخِهَا) أَيْ الْهِبَةِ بِأَنْ تَفَاسَخَاهَا (حَيْثُ لَا رُجُوعَ) فِيهَا (فَهَلْ تَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا، أَوْ لَا) تَنْفَسِخُ (كَالْخُلْعِ) فِيهِ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي امْتِنَاعَهَا وَبِهِ وَبِامْتِنَاعِ التَّفَاسُخِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ وَلَوْ تَقَايَلَا فِي الْهِبَةِ، أَوْ تَفَاسَخَا حَيْثُ لَا رُجُوعَ لَمْ تَنْفَسِخْ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الثَّوَابِ) عَلَى الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا (وَهُوَ لَا يَلْزَمُ بِمُطْلَقِ الْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ) إذْ لَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَلَا الْعَادَةُ (وَلَوْ) وَقَعَ ذَلِكَ (مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى) كَمَا فِي إعَارَتِهِ لَهُ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ بِالصَّدَقَةِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَإِنْ أَثَابَهُ) الْمُتَّهِبُ عَلَى ذَلِكَ (فَهِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيهَا) إذَا كَانَ هُوَ الْمُثِيبَ وَعَكَسَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ حَتَّى لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ فَأَعْطَاهُ الِابْنُ ثَوَابًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (وَإِذَا قَيَّدَهَا) الْمُتَعَاقِدَانِ (بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ صَحَّ الْعَقْدُ بَيْعًا) نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ مَعْلُومٍ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ يَرْجِعُ فِي الْمَوْهُوبِ بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ]

قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ هَذَا إذَا ضَمَّنَّا إلَخْ) حَكَاهُ الْأَصْلُ حِكَايَةَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَلِهَذَا جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْفَلَسِ) وَالْأَصَحُّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِهْلَاكَ الْمَوْهُوبِ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَاسْتِهْلَاكُ الْمَبِيعِ مَثَلًا لَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ فَلِذَا رَجَعَ فِي الزَّرْعِ وَالْفَرْخِ؛ لِأَنَّهُمَا حَدَثَا مِنْ عَيْنِ مَالِهِ، أَوْ هُمَا عَيْنُ مَالِهِ اكْتَسَبَا صِفَةً أُخْرَى وَلَوْ نَذَرَ لِوَلَدِهِ شَيْئًا أَفْتَى الْفَقِيهُ جَمَالُ الدِّينِ الْبَصَّالُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَقَالَ الْأَزْرَقُ فِي نَفَائِسِهِ إنَّهُ الصَّوَابُ وَهُوَ مُقْتَضَى تَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَ وَالصَّدَقَةُ الْمَنْذُورَةُ كَالزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَمَا لَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَهُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ غَيْرُ الْبَصَّالِ مِنْ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ بِالرُّجُوعِ.

(فَرْعٌ) مَلَّكَتْ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ مِلْكِهَا لِابْنَتِهَا الصَّغِيرَةِ وَأَقَرَّتْ أَنَّهَا مَلَّكَتْهَا ذَلِكَ بِإِذْنِ أَبِيهَا صَحَّ وَتُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهَا.

[فَرْعٌ أَلْفَاظُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

(قَوْلُهُ: يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِ رَجَعْتُ إلَخْ) ذَكَرَ الْبَنْدَنِيجِيُّ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ رُجُوعًا فِي الْفَلَسِ كَانَ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ: وَبِهِ وَبِامْتِنَاعِ التَّفَاسُخِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْغَزِّيِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِثْلُ عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْإِقَالَةِ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُتَقَايِلَيْنِ وَلَا تَقَايُلَ هَاهُنَا.

[الطَّرَف الثَّانِي فِي الثَّوَاب عَلَى الْهِبَة]

(قَوْلُهُ: وَإِذَا قَيَّدَهَا) أَيْ الْهِبَةَ بِأَنْ قَالَ وَهَبْتُك بِكَذَا وَخَرَجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَأَعْمَرْتُكَ وَأَرْقَبْتُكَ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَبْعُدُ عِنْدِي جَوَازُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>