للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا (عُدْنَا إلَى الصَّبْغِ فَإِذَا صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ) الْمَغْصُوبَ (بِصَبْغِهِ، وَكَانَ) الْحَاصِلُ (تَمْوِيهًا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ بِالِانْصِبَاغِ عَيْنُ مَالٍ فَكَالتَّزْوِيقِ) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ حَصَلَ) مِنْهُ ذَلِكَ (وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ اشْتَرَكَا) فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ انْضَمَّ إلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ السِّمَنِ وَالْقِصَارَةِ وَالطَّحْنِ فَإِنَّهُ أَثَرٌ مَحْضٌ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَشَرَةً، وَصَارَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا يُسَاوِي عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالصَّنْعَةِ لِلْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ ثُمَّ شَرِكَتُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَتْ عَلَى الْإِشَاعَةِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مَا كَانَ لَهُ مَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّائِدِ.

(وَلَوْ حَصَلَ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا (نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا) فِي النَّقْصِ (أَوْ ارْتِفَاعِهِ) فِي الزِّيَادَةِ (عُمِلَ بِهِ) فَيَكُونُ النَّقْصُ أَوْ الزِّيَادَةُ لَاحِقًا لِمَنْ انْخَفَضَ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ (أَوْ) حَصَلَ ذَلِكَ (بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ (فَالنَّقْصُ) فِي صُورَتِهِ (عَلَى الصَّبْغِ) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَمِلَ (وَالزِّيَادَةُ) فِي صُورَتِهَا (بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ إذَا أُسْنِدَتْ إلَى الْأَثَرِ الْمَحْضِ تُحْسَبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (وَإِنْ نَقَصَتْ بِهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ) عَنْ قِيمَتِهِ بِلَا صَبْغٍ (غَرِمَ) مَعَ رَدِّهِ (الْأَرْشَ) لِتَقْصِيرِهِ (وَلِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ) أَيْ الصَّبْغِ عَنْ الثَّوْبِ (إنْ أَمْكَنَ وَلَوْ نَقَصَ) بِهِ (الثَّوْبُ) وَرَضِيَ الْمَالِكُ بِإِبْقَائِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ يَجْبُرُهُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي (وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ) لِلنَّقْصِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (بَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ الْفَصْلِ (لَوْ طَلَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ) كَمَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إبْقَائِهِ) فِي الثَّوْبِ (بَقِيَ مُشْتَرَكًا كَمَا سَبَقَ) فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ.

(فَرْعٌ: لَوْ وَهَبَ) الْغَاصِبُ (لَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الثَّوْبِ (الصَّبْغَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِخِلَافِ نَعْلِ الدَّابَّةِ الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ) لِلْغَاصِبِ (قِيمَتُهُ) أَيْ الصَّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ عَلَيْهِ (لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ) سَوَاءٌ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْعَارِيَّةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ مَجَّانًا بِخِلَافِ الْمُعِيرِ؛ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ عَسِرٌ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّوْبِ (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ) لِثَالِثٍ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا (نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ الْبَيْعُ) لِلصَّبْغِ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ (لَا عَكْسَهُ) بِأَنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الصَّبْغِ فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ الْبَيْعُ مَعَهُ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلَيْ الْحُكْمَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ لَمْ يَكُنْ كَالْغَاصِبِ فِيهِمَا، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ (وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ مَغْصُوبًا مِنْ آخَرِ اشْتَرَكَا) فِيهِ، وَفِي الثَّوْبِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لِلْغَاصِبِ (فَإِنْ حَصَلَ) فِي الْمَصْبُوغِ (نَقْصٌ بِاجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ (اخْتَصَّ) النَّقْصُ (بِالصَّبْغِ كَمَا سَبَقَ) فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لَهُ (وَغَرِمَ الْغَاصِبُ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ) قِيمَةَ صَبْغِهِ (وَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ فَلَهُمَا تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ) الْفَصْلَ (وَكَذَا لِصَاحِبِ الثَّوْبِ) وَحْدَهُ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ وَحْدَهُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِذَا حَصَلَ بِالْفَصْلِ نَقْصٌ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) فَصْلُهُ (بِأَنْ كَانَ) الْحَاصِلُ (تَمْوِيهًا فَكَمَا سَبَقَ فِي التَّزْوِيقِ، وَإِنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ رَجُلٍ) مَثَلًا (فَانْصَبَغَ اشْتَرَكَا) فِي الْمَصْبُوغِ مِثْلُ مَا مَرَّ (وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ، وَ) لَا (الْفَصْلَ، وَ) لَا (الْأَرْشَ) إنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ وَذِكْرُ حُكْمِ بَيْعِ الثَّوْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

[فَرْعٌ حَيْثُ كَانَ الصَّبْغُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ بِهِ لَهُ لَا لِلْغَاصِبِ]

(فَرْعٌ: حَيْثُ كَانَ الصَّبْغُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ) الْحَاصِلَةُ بِهِ (لَهُ) لَا لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهَا أَثَرٌ مَحْضٌ (وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ) فَيَغْرَمُ أَرْشَهُ (وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى فَصْلِهِ إنْ أَمْكَنَ) وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ إذَا رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْإِبْقَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا سَكَتَ الْمَالِكُ.

[فَرْعٌ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ]

(فَرْعٌ) لَوْ (غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَبَلَغَتْ بِاجْتِمَاعِهِمَا) -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَحَدُهَا أَنْ يَهَبَ لَهُ عَيْنًا مُتَمَيِّزَةً عَنْ مَالِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا بِلَا خِلَافٍ الثَّانِي أَنْ يَهَبَ لَهُ مَنْفَعَةً مُتَعَلِّقَةً بِمَالِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا كَأَنْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ رَقِيقًا فَسَمِنَ أَوْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَرَضِيَتْ بِتَسْلِيمِ نِصْفِهِ لَهُ زَائِدًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ. الثَّالِثُ أَنْ يَهَبَ لَهُ عَيْنًا مُتَّصِلَةً بِمَالِهِ مِثْلَ الصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَفِي الْقَبُولِ وَجْهَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مَحِلُّهُ إذَا خَلَا عَنْ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ لِلْمُتَّهِبِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرِكَتُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَتْ عَلَى الْإِشَاعَةِ إلَخْ) نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَأَوْضَحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ حَاصِلُ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ وَارْتَضَاهُ قَالَ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَازَ بِهِ صَاحِبُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ هَلْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ فِيهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ بَقِيَ كُلٌّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لَامْتَنَعَ بَيْعُ الثَّوْبِ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصَّبْغِ الْمَصْبُوغِ بِهِ فَادَّعَاهُ الْغَاصِبُ، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَ يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الصَّبَّاغُ أَجِيرًا مُنْفَرِدًا فَالْمُصَدَّقُ رَبُّ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَالْمُصَدَّقُ الصَّبَّاغُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَ فِي الْأَجِيرِ الْمُنْفَرِدِ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَفِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْأَجِيرِ

[فَرْعٌ وَهَبَ الْغَاصِبُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ الصَّبْغَ]

(قَوْلُهُ: غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ إلَخْ) لَوْ اتَّجَرَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ أَوْ بِمَالُ الْغَيْرِ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ سَوْمًا أَوْ عَارِيَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ بَطَلَ وَلَا يَمْلِكُ الْعِوَضَ، وَإِذَا تَسَلَّمَ وَفَاتَ غَرِمَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ، وَمَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِ كُلِّ عَقْدٍ رَدَّهُ، وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>