للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ) أَنَّهُ (يُبَاعُ، وَيَبْقَى ثَمَنُهُ لَا رَقَبَتُهُ مَرْهُونًا) لِمَا مَرَّ (وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) إذَا كَانَا بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ سَاوَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَصَرَّحَ أَيْضًا كَالرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ، وَعَدَمِهِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَوَّضَ مَا يُتَوَقَّعُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ أَوْ صَدَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ (وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يُنْقَلُ) الْقَاتِلُ (فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِيعُوهُ) وَضَعُوا ثَمَنَهُ مَكَانَهُ (فَإِنِّي لَا آمَنُ جِنَايَتَهُ) مَرَّةً أُخْرَى فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فِيهَا، وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ (فَهَلْ يُجَابُ وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ كَسَائِرِ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ.

(فَصْلٌ) (وَ) كَمَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ، وَبِتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ كَمَا مَرَّ (يَنْفَكُّ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ) مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ اعْتَاضَ عَنْ الدَّيْنِ عَيْنًا انْفَكَّ) الرَّهْنُ لِتَحَوُّلِ الْحَقِّ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا (عَادَ) الْمَرْهُونُ (رَهْنًا) كَمَا عَادَ الدَّيْنُ لِبُطْلَانِ الِاعْتِيَاضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ لَا مِنْ حِينِهِ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي إنَّ الْغَاصِبَ لَوْ بَاعَ بِالْوَكَالَةِ مَا غَصَبَهُ صَحَّ، وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ إنْ قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ حِينِهِ فَلَا لِأَنَّ الضَّمَانَ فَرْعُ الْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ تَجَدُّدٌ انْتَهَى، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرَّهْنِ عَادَ فَعَادَ مُسَبَّبُهُ، وَالْغَصْبُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لَمْ يَعُدْ فَلَمْ يَعُدْ مُسَبَّبُهُ (وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ (مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ) لِلْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَكَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ، وَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ، وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِلْكُلِّ، وَلِجُزْئِهِ كَالشَّهَادَةِ فَلَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ (إلَّا إنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ) كَأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ، وَبَاقِيَهُ فِي أُخْرَى.

(أَوْ) تَعَدَّدَ (مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ) كَأَنْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنَيْهِمَا عَلَيْهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا كَبَيْعٍ، وَإِتْلَافٍ ثُمَّ بَرِئَ عَنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحِلُّهُ إذَا لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا أَوْ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ (أَوْ) تَعَدَّدَ (الْمَدْيُونُ) كَأَنْ رَهَنَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ بَرِئَ أَحَدُهُمَا عَمَّا عَلَيْهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْهُ (وَلَوْ اتَّحَدَ الْوَكِيلُ) أَيْ وَكِيلُهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَتَعَدُّدِهِ وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ تَعَدَّدَ الدَّيْنُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ، وَاتِّحَادِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ ضَمَانٍ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْمُبَاشِرِ لَهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ (فَإِذَا اسْتَعَارَ) الْمَدْيُونُ وَإِنْ تَعَدَّدَ (عَبْدًا أَوْ عَبْدَيْنِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا مِنْ مَالِكَيْنِ لِيَرْهَنَهُ أَوْ لِيَرْهَنَهُمَا) مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ (فَفَعَلَ ثُمَّ قَضَى النِّصْفَ) مِنْ الدَّيْنِ (قَاصِدًا فَكَاكَ نِصْفِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (أَوْ) فَكَاكَ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْ ذَلِكَ (انْفَكَّ) الرَّهْنُ عَنْهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الشُّيُوعَ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَّهُ.

وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَسْأَلَةَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ بِأَنْ يَأْذَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ فَيَرْهَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَلَوْ قَالَا أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك فَلَا يَنْفَكُّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَضِيَ بِرَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَمَا قَالَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرِهِ لَوْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدَهُمَا بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا تَنْفَكُّ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ رَهْنِ الْمَالِكِ، وَرَهْنِ الْمُسْتَعِيرِ لَائِحٌ، وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ، وَاسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ (، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ) أَنَّ ذَلِكَ لِمَالِكَيْنِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الرَّهْنِ الْمُطْلَقِ أَنْ لَا يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْجَمِيعِ (وَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ، وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا) لَهُ (كَانَ مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا، وَتَلِفَ) أَحَدُهُمَا

(فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (وَإِنْ فَدَى أَحَدُ الْوَارِثِينَ حِصَّتَهُ مِمَّا رَهَنَ) أَيْ مِمَّا رَهَنَهُ مُوَرِّثُهُ (مِنْ زَيْدٍ) بِقَضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ (لَمْ يَنْفَكَّ) نَصِيبُهُ مِنْ الْمَرْهُونِ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ]

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهَا كَإِرْثِهِ) بِأَنْ كَانَ الرَّاهِنُ وَارِثَ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ) لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا لَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي الْبَعْضِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا الِانْفِكَاكُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِ كَمَا لَهُ إسْقَاطُ كُلِّهِ الثَّانِيَةُ لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ الرَّهْنُ فِيهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَرَطَ أَنَّهُ كُلَّمَا قُضِيَ مِنْ الْحَقِّ شَيْءٌ انْفَكَّ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ الرَّهْنُ لِاشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ كَأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ وَبَاقِيَهُ فِي أُخْرَى) ثُمَّ بَرِئَ الرَّاهِنُ عَنْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ بِالْأَدَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ إذَا كَانَ الْأَدَاءُ أَوْ الْإِبْرَاءُ بِقَصْدِ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ أَمَّا إذَا قَصَدَ الْأَدَاءَ عَلَى الشُّيُوعِ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا شَاءَ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اخْتَصَّ الْقَابِضُ بِمَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُّهُ) وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْوَارِثُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ مِنْ انْفِكَاكِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا قَالَا أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك أَوْ رَهَنَّاهُ بِهِ إذْ الْعَقْدُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الرَّاهِنِ وَبِتَعَدُّدِ مَالِكِ الْعَارِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>