للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَخَفْ.

فَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَضْرَابُهُ يَزُورُونَ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةَ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهَا فَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ كَسُفْيَانَ وَامْرَأَةٌ كَرَابِعَةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْإِجَابَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ إذْنُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ لِلْمَدْعُوِّ (وَيُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) كَمَا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ (فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ طَعَامَهُ حَرَامٌ حَرُمَتْ) إجَابَتُهُ.

(فَصْلٌ التَّقْرِيبُ) أَيْ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ (لِلضَّيْفِ إذْنٌ) لَهُ فِي الْأَكْلِ (وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ) إلَى مَنْزِلِهِ (فَلْيَأْكُلْ اكْتِفَاءً) بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ لَفْظِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (لَا إنْ انْتَظَرُوا) أَيْ الْمُضِيفُونَ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ انْتَظَرَ أَيْ الْمُضِيفُ (غَيْرَهُ) فَلَا يَأْكُلُ (إلَّا بِإِذْنٍ) لَفْظًا أَوْ بِحُضُورِ الْغَيْرِ لِاقْتِضَاءِ الْقَرِينَةِ عَدَمَ الْأَكْلِ بِدُونِ ذَلِكَ.

(وَيَمْلِكُ مَا الْتَقَمَهُ) بِالْتِقَامِهِ أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحُهُ وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي وَالْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي تَرْجِيحُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِازْدِرَاءِ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَهُ (وَلَا يُطْعِمُ هِرَّةً) وَلَا سَائِلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَاهُ) بِهِ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُبِيحُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فَقَوْلُهُمْ وَيَمْلِكُهُ أَيْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِنَفْسِهِ كَالْعَارِيَّةِ لَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَيْنَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُفَارِقُ مُقَابِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنَّمَا هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ.

(وَلِلضَّيْفِ تَلْقِيمُ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُفَاضِلَ) الْمُضِيفُ (طَعَامَهُمَا) فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ سَوَاءٌ خُصَّ بِالنَّوْعِ الْعَالِي أَمْ بِالسَّافِلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيُكْرَهُ) لِلْمُضِيفِ (تَفَاضُلُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الْخَاطِرِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ وَإِنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَ الضَّيْفُ يَأْكُلُ كَعَشْرَةٍ مَثَلًا وَمُضِيفُهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي الْمِقْدَارِ قَالَ وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَأَكَلَ لُقَمًا كِبَارًا مُسْرِعًا حَتَّى يَأْكُلَ أَكْثَرَ الطَّعَامِ وَيَحْرِمَ أَصْحَابَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ

(وَيَحْرُمُ التَّطَفُّلُ) وَهُوَ حُضُورُ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا عَلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ.

وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ أَمَّا الْعَامَّةُ كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ لِيَدْخُلَ مَنْ شَاءَ فَلَا تَطَفُّلَ وَالطُّفَيْلِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى طُفَيْلٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَأْتِي الْوَلَائِمَ بِلَا دَعْوَةٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ طُفَيْلُ الْأَعْرَاسِ (وَلَهُ) أَيْ لِلضَّيْفِ (حَمْلُ مَا عَلِمَ رِضَاهُ) أَيْ الْمُضِيفِ (بِهِ لَا إنْ شَكَّ) فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَجِنْسِهِ وَبِحَالِ الْمُضِيفِ وَالدَّعْوَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ (وَلَهُ الشُّرْبُ مِنْ السِّقَايَاتِ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الطُّرُقِ لِلْعُرْفِ

(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْأَكْلِ (تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ) وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ (قَبْلَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْأَكْلِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الشُّرْبُ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

(وَهِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) إذَا أَتَى بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ لَا مِنْ الْبَعْضِ فَقَطْ (فَإِنْ تَرَكَهَا) وَلَوْ عَمْدًا (أَوَّلَهُ قَالَ) فِي أَثْنَائِهِ (بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي إجَابَةِ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَوْ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ لِلضَّيْفِ إذْنٌ لَهُ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ]

(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَشَرْحِ ابْن الْمُلَقِّن وَالنُّكَتِ أَنَّهُ رَجَّحَ فِي الصَّغِيرِ الْمِلْكَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَهُوَ سَهْوٌ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ثُمَّ قِيلَ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ بِالْأَخْذِ وَقِيلَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَقِيلَ بِالِازْدِرَاءِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبْلَهُ رَجَّحَ مِنْهَا الْأَوَّلَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا رَأَيْته فِيمَا لَا أُحْصِي مِنْ نُسْخَةٍ مِنْهُ انْتَهَى فس قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ لَا تَجُوزُ إبَاحَتُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ أَمَّا هُوَ فَإِنَّمَا يَأْكُلُهُ إتْلَافٌ بِإِذْنِ مَالِكِهِ.

(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَالْأَضْمَنُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ]

(قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْأَكْلِ) يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ قُرْبَةً مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ لَا مِنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ إذَا كَانَ الْمُؤَاكِلُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَقْذِرُهُ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِيَدِ الْآكِلِ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ قُرُوحٌ أَوْ نَحْوُهَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>