للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُقْمَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الشَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْحَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْأَطْعِمَةِ (جَهْرًا فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ رُفْقَتُهُ (لِيُقْتَدَى بِهِ) فِيهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْجَهْرِ فِي الْحَمْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا بِرِفْعَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَنَصْبِهِ بِالِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ أَوْ جَرِّهِ بِالْبَدَلِ مِنْ لِلَّهِ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ (غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ) لَكِنَّ الْمَالِكَ يَبْتَدِئُ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَتَأَخَّرُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَدْعُوَا النَّاسَ إلَى كَرْمِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْأَكْلُ بِالثَّلَاثِ) مِنْ الْأَصَابِعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالدُّعَاءُ لِلْمُضِيفِ بِالْمَأْثُورِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ) كَأَنْ يَقُولَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ وَقُرَيْشٍ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَيَكْرَهُ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا) لِخَبَرِ «أَنَا لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمَدًا عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ وَأَشَارَ غَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبِهِ وَمِثْلُهُ الْمَضْجَعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَ) يُكْرَهُ الْأَكْلُ (مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْوَسَطِ) وَالْأَعْلَى (لَا نَحْوُ الْفَاكِهَةِ) مِمَّا يُتَنَقَّلُ بِهِ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ (وَيُكْرَهُ تَقْرِيبُ فَمِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ (بِحَيْثُ يَقَعُ مِنْ فَمِهِ إلَيْهِ شَيْءٌ وَذَمُّهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ (لَا قَوْلُهُ لَا أَشْتَهِيهِ) أَوْ مَا اعْتَدْت أَكْلَهُ فَلَا يُكْرَهُ لِخَبَرِ الضَّبِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَيُكْرَهُ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ حَالَ أَكْلِهِمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) كَعِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرُّفَقَاءِ (وَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالتَّنَفُّسِ وَالنَّفْخِ فِي الْإِنَاءِ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ (وَالشُّرْبُ قَاعِدًا أَوْلَى) مِنْهُ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَالشُّرْبُ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ وَأَمَّا شُرْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَنْ يَتَقَيَّأَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» .

(وَ) الشُّرْبُ (مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ مَكْرُوهٌ) لِلنَّهْيِ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ الْقِرْبَةِ وَلِأَنَّهُ يَقْذُرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُنْتِنُهُ قِيلَ وَلِئَلَّا يَدْخُلَ فِي جَوْفِهِ مُؤْذٍ يَكُونُ فِي الْقِرْبَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ وَرُدَّ بِالشُّرْبِ مِنْ الْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ بِلَا عُذْرٍ فِي الْيَدِ (وَيُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ عَلَى الطَّعَامِ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (لَعْقُ الْإِنَاءِ وَالْأَصَابِعِ وَأَكْلِ سَاقِطٍ) مِنْ اللُّقَمِ وَنَحْوِهَا إذَا (لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ) تَنَجَّسَ (وَلَمْ يَتَعَذَّرْ تَطْهِيرُهُ) وَطَهُرَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (مُؤَاكَلَةُ عَبِيدٍ وَصِغَارِهِ) وَزَوْجَاتِهِ (وَأَنْ لَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِطَعَامٍ إلَّا لِعُذْرٍ) كَدَوَاءٍ (بَلْ يُؤْثِرُهُمْ) عَلَى نَفْسِهِ بِفَاخِرِ الطَّعَامِ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ لَيِّنٍ أَوْ طَيِّبٍ (وَلَا يَقُومُ) عَنْ الطَّعَامِ (وَغَيْرُهُ يَأْكُلُ) مَا دَامَ يَظُنُّ بِهِ حَاجَةً إلَى الْأَكْلِ (وَأَنْ يُرَحِّبَ بِضَيْفِهِ وَيُكْرِمَهُ) كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ.

وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَتَلَقَّطَ فُتَاتَ الطَّعَامِ وَأَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ كُلْ وَيُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَأَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَا يَبْتَلِعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَسْنَانِهِ بِالْخِلَالِ بَلْ يَرْمِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ بِخِلَافِ مَا يَجْمَعُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ بَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَبْتَلِعُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ أَكْلِهِ اللَّحْمَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الْخُبْزِ حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ وَأَنْ لَا يَشُمَّ الطَّعَامَ وَلَا يَأْكُلَهُ حَارًّا حَتَّى يَبْرُدَ وَأَنْ يُرَاعِيَ أَسْفَلَ الْكُوزِ حَتَّى لَا يَنْقُطَ وَأَنْ يَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ وَلَا يَتَجَشَّأَ فِيهِ بَلْ يُنَحِّيهِ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ وَيَرُدُّهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِهَا وَبِالْحَمْدِ فِي أَوَاخِرِهَا وَيَقُولَ فِي آخِرِ الْأَوَّلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيَزِيدَ فِي الثَّانِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي الثَّالِثِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ آدَابِ الْمُضِيفِ أَنْ يُشَيِّعَ الضَّيْفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَمِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَأَنْ لَا يَجْلِسَ فِي مُقَابَلَةِ حُجْرَةِ النِّسَاءِ وَسُتْرَتِهِنَّ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ.

وَيَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْفَاكِهَةَ ثُمَّ اللَّحْمَ ثُمَّ الْحَلَاوَةَ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْفَاكِهَةُ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَائِدَةِ بَقْلٌ وَقَدْ ذَكَرْت زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالْقِرَانُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَيَحْصُلُ الرِّضَا بِالتَّصْرِيحِ بِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَرِينَةٍ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِهِ وَمَتَى شَكَّ فِي رِضَاهُمْ فَحَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ فَإِنْ قَرَنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَحَرَامٌ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيَحْصُلُ الْجَوَازُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ أَحَدُهُمَا إذَا قَرَنَ الْمَالِكُونَ ثَانِيَهَا إذَا سَامَحُوا بِذَلِكَ ثَالِثُهَا إذَا كَانَ الْقَارِنُ هُوَ الْمَالِكَ (وَقَوْلُهُ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِيهَا لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إذْ خِلَافُ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقُومُ عَنْ الطَّعَامِ إلَخْ) يَعْنِي وَلَا يَتْرُكُ الْأَكْلَ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ) وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ بِهِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ ش

<<  <  ج: ص:  >  >>