للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلِيَاءِ الْقَتْلَى صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ غَائِبًا (وَ) التَّقَدُّمُ (بِالتَّرَاضِي) بِلَا قُرْعَةٍ (جَائِزٌ فَإِنْ بَدَا لَهُمْ) الْإِقْرَاعُ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْقَاتِلِ (لِأَحَدِهِمْ بِالسَّبْقِ) لِقَتْلِ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَقٍّ (وَلِلْبَاقِينَ تَحْلِيفُهُ) إنْ كَذَّبُوهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ فَالنُّكُولُ مَعَ يَمِينِ الْخَصْمِ إنْ قُلْنَا كَالْإِقْرَارِ لَمْ يُسْمَعْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا بِمَا يُخَالِفُ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا، وَإِنْ قُلْنَا كَالْبَيِّنَةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُعَدِّيهَا لِثَالِثٍ عَلَى الصَّحِيحِ (وَلَوْ قَتَلَهُمْ كُلُّهُمْ أَسَاءُوا وَوَقَعَ) الْقَتْلُ (مُوَزَّعًا) عَلَيْهِمْ (وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْبَاقِي) لَهُ (مِنْ الدِّيَةِ) وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِسَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ جَمَاعَةً قُتِلُوا بِالْأَوَّلِ) مِنْ الْقَتْلَى إنْ قَتَلُوهُمْ مُرَتَّبًا، وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قُتِلُوا بِهِ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ فِي تَرِكَاتِ الْقَاتِلِينَ (كَالْوَاحِدِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا (وَالْعَبْدُ) فِيمَا ذُكِرَ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ (فَإِنْ قُتِلَ بِالْأَوَّلِ) مِنْ الْقَتْلَى (فَدِيَاتُ الْبَاقِينَ فِي ذِمَّتِهِ) يَلْقَى اللَّهَ بِهَا (وَإِنْ عَفَا) وَلِيُّ الْأَوَّلِ (بِمَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَلِلثَّانِي قَتْلُهُ، وَإِنْ بَطَلَ حَقُّ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْمَالِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَجِنَايَةِ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ عَفَا) الثَّانِي أَيْضًا بِمَالٍ (شَارَكَهُ) فَيَتَعَلَّقُ الْمَالَانِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا يُرَجَّحُ بِالتَّقْدِيمِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ أَمْوَالًا لِجَمَاعَةٍ فِي أَزْمِنَةٍ (وَهَكَذَا) إنْ عَفَا الثَّالِثُ، وَمَنْ بَعْدَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَمَنْ لَزِمَهُ قَتْلٌ، وَقَطْعٌ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ) سَوَاءٌ أَتَقَدَّم قَتْلُهُ أَمْ قَطْعُهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَمَنْ قَطَعَ يَمِينًا) مِنْ شَخْصٍ (ثُمَّ أُصْبُعَهَا مِنْ آخَرَ قُطِعَ) مِنْهُ يَمِينُهُ (وَوَدَى الْأُصْبُعَ) أَيْ أَعْطَى دِيَتَهُ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ الْيَمِينِ مِنْ شَخْصٍ ثُمَّ الْيَمِينَ مِنْ آخَرَ (قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ) لِلْأَوَّلِ (وَ) يَجُوزُ (لِلْآخَرِ الْقَطْعُ) لِبَاقِي الْيَمِينِ (مَعَ) أَخْذِ (الْأَرْشِ) لِلْأُصْبُعِ (، أَوْ الدِّيَةِ) لِلْيَمِينِ (وَإِنْ قَطَعَهُمَا مَعًا) ، أَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ (أَقْرَعَ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ) الْقُرْعَةُ (فَكَأَنَّهُ السَّابِقُ) بِالْقَطْعِ.

[فَصْلٌ اقْتَصَّ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ]

(فَصْلٌ: مَنْ اقْتَصَّ) فِي نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ وَتَعَدِّيهِ إذْ أَمْرُ الدِّمَاءِ خَطَرٌ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يَسْتَوْفِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا السَّيِّدَ فَيُقِيمُهُ عَلَى رَقِيقِهِ، وَالْمُسْتَحِقُّ الْمُضْطَرُّ فَيُقِيمُهُ عَلَى الْجَانِي لِيَأْكُلَهُ وَالْقَاتِلُ فِي الْحِرَابَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُنْفَرِدُ بِحَيْثُ لَا يُرَى فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ حَدُّ قَذْفٍ، أَوْ تَعْزِيرٌ، وَكَانَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ (وَأَجْزَأَهُ) فِي وُقُوعِهِ قِصَاصًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ (وَيُؤْمَرُ الْعَاجِزُ) عَنْ الِاسْتِيفَاءِ كَشَيْخٍ وَزَمِنٍ وَامْرَأَةٍ (بِالتَّوْكِيلِ فِي الْقَتْلِ) لِمَا فِي اسْتِيفَائِهِ لَهُ مِنْ التَّعْذِيبِ (وَكَذَا) يُؤْمَرُ (الْقَوِيُّ) عَلَى الِاسْتِيفَاءِ كَالْعَاجِزِ بِالتَّوْكِيلِ (فِي) قَطْعِ (الطَّرَفِ) فَلَا يَسْتَوْفِي بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِي بِخِلَافِهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا مَضْبُوطَةٌ (وَلَوْ حُدَّ الْمَقْذُوفُ، أَوْ عُزِّرَ) مَنْ لَزِمَهُ لَهُ الْحَدُّ، أَوْ التَّعْزِيرُ (لِنَفْسِهِ) بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَسَاءَ) لِتَعَدِّيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِسَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَلَمْ يُجِزْهُ) لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَا يَنْضَبِطُ وَلِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ فَيُتْرَكُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُحَدُّ، وَقِيلَ بِجُزْئِهِ كَالْقِصَاصِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ مَاتَ مَعَهُ فَالْقَوَدُ) ، أَوْ بَدَلُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْتَوْفِي (لَا إنْ أَذِنَ) لَهُ فِي ذَلِكَ (وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْآلَةَ) لِئَلَّا تَكُونَ كَالَّةً

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ إلَخْ) فَائِدَتُهُ أَنَّهُ إنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَصَدَّقَهُ وَارِثُ الْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَارَضَ إقْرَارُهُ الثَّانِي إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ فَيَعْدِلُ إلَى الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا بِمَا يُخَالِفُ إقْرَارَهُ أَوَّلًا، وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُثْبِتُ لِلْحَقِّ هُوَ الْإِقْرَارَ، وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ هُنَا إلَّا تَقْدِيمُ وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالسَّبْقِ بِالِاسْتِيفَاءِ إذْ اسْتِحْقَاقُ وَرَثَةِ كُلِّ قَتِيلٍ دَمَ قَاتِلِهِ ثَابِتٌ مَعَ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْحَقِّ أَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ انْتَفَى مَا يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: مَنْ اقْتَصَّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عُزِّرَ) إذْ نَائِبُهُ كَإِذْنِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِإِلْحَاقِ الْقَاضِي بِالْإِمَامِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَوْفِي فِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِ) ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حُكِمَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْقِصَاصِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي خَوْفَ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّيِّدَ فَيُقِيمُهُ عَلَى رَقِيقِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْفِي مُجْتَهِدًا فَرَآهُ أَوْ كَانَ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَاهُ، وَهَلْ يُعَذَّرُ الْجَاهِلُ بِالْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فَلَا يُعَذَّرُ، فِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا كَانَ فِي مَكَان لَا إمَامَ لَهُ (قَوْلُهُ: إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةَ أب (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَهُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَوْفِيهِ رَجُلًا، وَأَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ عِنْدَ مُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ، وَأَنْ يَعْرِفَ الْقَوَدَ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ مُنِعَ، وَأَنْ يَكُونَ قَوِيَّ الْيَدِ نَافِذَ الضَّرْبَةِ فَإِنْ ضَعُفَتْ بِشَلَلٍ أَوْ مَرَضٍ مُنِعَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَوْفِي بِنَفْسِهِ) شَمِلَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَوَارِثَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ إلَخْ) وَالْقَطْعُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ قَطْعِهِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا مَضْبُوطَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِتَمْكِينِهِ مِنْ إيضَاحِ مَنْ أَوْضَحَهُ مَعَ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ هُنَا، وَهِيَ خَوْفُ أَنْ يَحْمِلَهُ الْحَيْفُ عَلَى الْمُجَاوَزَةِ وَالتَّعَدِّي مَوْجُودَةٌ هُنَا فَمَا الْفَرْقُ؟ . وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْمَنَافِعِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الطَّرَفِ فَإِذَا قَلَعَ عَيْنَهُ لَمْ يُمْكِنْ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ بِالْقَلْعِ بَلْ يُؤْمَرْ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ، وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّصْحِيحِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا قُلِعَتْ عَيْنَاهُ أَمَّا إذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَ يُبْصِرُ بِالْأُخْرَى بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ حَيْفٌ إذَا قُلِعَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْآلَةَ) قَالَ فِي الْحَاوِي إنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي اسْتِيفَائِهِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَحْضُرَهُ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ لَهُ بِهِ أَوْ نَائِبُهُ لِيَكُونَ حُضُورُهُ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ، وَأَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ لِيَكُونَا بَيِّنَةً فِي الِاسْتِيفَاءِ أَوْ التَّعَدِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>