للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّسَاوِي كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ ثَمَّ مِنْ نَفْسِهِ وَهُنَا مِنْ غَيْرِهِ (وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ) وَلَا لِغَيْرِهِ مَا عَدَا الْأَبَ، وَالْجَدَّ كَالْوَصِيِّ (ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ وَفَرَاغٍ وَشَفَقَةٍ تَامَّيْنِ وَكَمَا أَنَّ لِلْأَبِ، وَالْجَدِّ تَزْوِيجَ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً جَازَ لَهَا ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(وَلِلسُّلْطَانِ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (لَا الْأَجْنَبِيِّ مُعَالَجَةُ الصَّبِيِّ) ، وَالْمَجْنُونِ (بِمَا لَا خَطَرَ فِيهِ) كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَقَطْعِ غُدَّةٍ لَا خَطَرَ فِي قَطْعِهَا لِلْمَصْلَحَةِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَبَ الرَّقِيقَ، وَالسَّفِيهَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ عَالَجَهُ الْأَجْنَبِيُّ فَسَرَى) أَثَرُ الْعِلَاجِ (إلَى النَّفْسِ فَالْقِصَاصُ) يَلْزَمُهُ لِعَمْدِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ وِلَايَتِهِ (أَوْ) عَالَجَهُ (الْإِمَامُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (بِمَا لَا خَطَرَ فِيهِ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَضَرَّرَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ (أَوْ بِمَا فِيهِ خَطَرٌ فَلَا قِصَاصَ) لِشُبْهَةِ الْإِصْلَاحِ وَلِلْبَعْضِيَّةِ فِي الْأَبِ، وَالْجَدِّ (بَلْ) تَلْزَمُهُ (الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ) لِعَمْدِيَّتِهِ

(وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ) وَإِنْ عَظُمَتْ آلَامُهُ وَلَمْ يُطِقْهَا؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ مَرْجُوٌّ (فَلَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ مُحْرِقٍ) عَلِمَ أَنَّهُ (لَا يَنْجُو مِنْهُ إلَى) مَائِعٍ (مُغْرِقٍ) وَرَآهُ (أَهْوَنَ) عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى لَفَحَاتِ الْمُحْرِقِ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إغْرَاقٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

(فَصْلٌ) (لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ فِي الْخِتَانِ) لِلرَّجُلِ بِقَطْعِ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّيهَا فَلَا يَكْفِي قَطْعُ بَعْضِهَا وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْجِلْدَةِ الْقُلْفَةُ (وَ) مَنْ (قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ بَظْرِ الْمَرْأَةِ) (الْخِفَاض) أَيْ اللَّحْمَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ، وَتَقْلِيلُهُ أَفْضَلُ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْخَاتِنَةِ: لَا تُنْهِكِي، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ لِلْبَعْلِ» ، وَالْخِتَانُ وَاجِبٌ (وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْبُلُوغِ) ، وَالْعَقْلِ وَاحْتِمَالِ الْخِتَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] وَكَانَ مِنْ مِلَّتِهِ الْخِتَانُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ اخْتَتَنَ وَعُمْرُهُ ثَمَانُونَ سَنَةً» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ «مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ سَنَةً» وَلِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْخِتَانِ رَجُلًا أَسْلَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالُوا وَلِأَنَّهُ قَطْعُ عُضْوٍ لَا يُخْلَفُ فَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَقَطْعِ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ وَلِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ خِتَانِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَمَنْ لَا يَحْتَمِلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، وَالثَّالِثَ يَتَضَرَّرُ بِهِ وَكَمَا يَجِبُ الْخِتَانُ يَجِبُ قَطْعُ السُّرَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى ثُبُوتُ الطَّعَامِ إلَّا بِهِ إلَّا أَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصِّغَرِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ

(وَيُسْتَحَبُّ) أَنْ يُخْتَنَ (لِسَبْعٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (غَيْرِ يَوْمِ الْوِلَادَةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَتَنَ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا حُسِبَ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنْ السَّبْعَةِ فِي الْعَقِيقَةِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَتَسْمِيَةِ الْوَلَدِ لِمَا فِي الْخَتْنِ مِنْ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ بِهِ الْمُنَاسِبُ لَهُ التَّأْخِيرُ الْمُفِيدُ لِلْقُوَّةِ عَلَى تَحَمُّلِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى السَّابِعِ قَالَ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْتَنَ فِي الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهَا فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يُؤْمَرُ فِيهِ بِالطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ (وَلَا يَجُوزُ خِتَانُ ضَعِيفٍ) خِلْقَةً (يُخَافُ عَلَيْهِ) مِنْهُ بَلْ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَصِيرَ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ مِنْهُ اُسْتُحِبَّ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَحْتَمِلَهُ

(وَيَحْرُمُ خِتَانُ) الْخُنْثَى (الْمُشْكِلِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَبَ الرَّقِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا فِيهِ خَطَرٌ فَلَا قِصَاصَ) مَحَلُّ عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي الْإِمَامِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ كَيْفِيَّة الْخِتَانِ]

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ فِي الْخِتَانِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا بِلَا قُلْفَةٍ لَا خِتَانَ عَلَيْهِ إيجَابًا وَلَا نَدْبًا كَمَا رَأَيْته فِي التَّبْصِرَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَ ثَمَّ شَيْءٌ يُغَطِّي بَعْضَ الْحَشَفَةِ وَجَبَ قَطْعُهُ كَمَا لَوْ خُتِنَ خِتَانًا غَيْرَ كَامِلٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ تَكْمِيلُهُ ثَانِيًا حَتَّى تَذْهَبَ جَمِيعُ الْقُلْفَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِزَالَتِهَا فِي الْخِتَانِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ صَبِيٍّ شَمَّرَ غُرْلَتَهُ وَرَبَطَهَا بِخَيْطٍ وَتَرَكَهَا مُدَّةً فَتَشَمَّرَتْ وَانْقَطَعَ الْخَيْطُ وَصَارَ كَالْمَخْتُونِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ خِتَانُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ صَارَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُ غُرْلَتِهِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِقَطْعِ غَيْرِهَا سَقَطَ وُجُوبُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَشَفَةُ قَدْ انْكَشَفَتْ كُلُّهَا سَقَطَ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَلُّصُ الْغُرْلَةِ وَاجْتِمَاعُهَا بِحَيْثُ يَنْقُصُ عَنْ الْمَقْطُوعِ فِي طَهَارَتِهِ وَجِمَاعِهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ قَطْعِ مَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ مِنْهَا حَتَّى يَلْتَحِقَ بِالْمَخْتُونِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَنْكَشِفْ كُلُّهَا فَيَجِبُ مِنْ الْخِتَانِ مَا يَكْشِفُ جَمِيعَهَا (تَنْبِيهٌ)

لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا أَجْزَأَهُ وَأَوَّلُ مَنْ اُخْتُتِنَ مِنْ النِّسَاءِ هَاجَرُ وَوُلِدَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مَخْتُونًا أَرْبَعَةَ عَشَرَ آدَم وَشِيثٌ وَنُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَلُوطٌ وَشُعَيْبٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَسُلَيْمَانُ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَحَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ نَبِيُّ أَصْحَابِ الرَّسِّ وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَوْقُوفًا أَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ وَرَوَى أَبُو عَمْرٍو فِي الِاسْتِيعَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ سَابِعِهِ وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْبُلُوغِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ يُحْسِنُ خِتَانَ نَفْسِهِ بِيَدِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِلْخَاتِنِ غ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْعَوْرَةَ تُكْشَفُ لَهُ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَهُ كَفَّانِ فِي يَدِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ مِنْ الزَّائِدَةِ ثُمَّ سَرَقَ نِصَابًا حَيْثُ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْآدَمِيِّ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْمُضَايَقَةِ وَالْحَقُّ فِي الْخِتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>