للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُفَارِقُ الْأَخْذَ مِنْ الْبَعِيدِ إذَا لَمْ يَفِ الْأَقْرَبُ بِالْوَاجِبِ الْإِرْثِ حَيْثُ يَحُوزُهُ الْأَقْرَبُ بِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ لِمِيرَاثِ الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ هُنَا فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ رُبْعِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ لَا يَتَحَمَّلُونَ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ فَيَتَحَمَّلُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ كَمَا يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِهِمْ. انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا غَيْرَ أَصْلٍ، وَلَا فَرْعٍ.

(، وَلَا يَدْخُلُ) فِي الْعَاقِلَةِ (فَرْعُ الْمُعْتِقِ، وَ) لَا (أَصْلُهُ) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ قَضَى عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِأَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيهَا دُونَ ابْنِهَا الزُّبَيْرِ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، وَقِيسَ بِالِابْنِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ يَتَحَمَّلُ فَهُمَا كَالْمُعْتِقِ لَا كَالْجَانِي، وَلَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ الْجَانِي بِأَصْلِيَّةٍ، وَلَا فَرْعِيَّةٍ (، وَيَعْقِلُ عَتِيقُ الْمَرْأَةِ) الْجَانِي (عَاقِلَتَهَا) الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ الدِّيَةَ عَنْهَا لَوْ وَجَبَتْ كَمَا أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ يُزَوِّجُ عَتِيقَتُهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا.

(وَمَنْ اعْتَرَفَ بِنَسَبِ لَقِيطٍ لَزِمَ عَصَبَتَهُ) دِيَةُ جِنَايَتِهِ (إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ الْبَيِّنَةُ) ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لَهَا، وَإِذَا لَزِمَتْ الدِّيَةُ عَصَبَتَهُ لَزِمَتْهُ هُوَ بِالْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّقِيطُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ.

(فَإِنْ أَعْتَقَهُ جَمَاعَةٌ ضَرَبَ عَلَيْهِمْ حِصَّةً وَاحِدَةً رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ نِصْفَهُ) بِحَسَبِ الْحَالِ فَالْمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ فِيمَا عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَعَلَى الْكُلِّ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ مُتَوَسِّطِينَ فَرُبْعُ دِينَارٍ أَوْ بَعْضًا، وَبَعْضًا فَعَلَى كُلِّ غَنِيٍّ حِصَّتُهُ مِنْ النِّصْفِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ حِصَّتُهُ مِنْ الرُّبْعِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَوَسِّطِينَ (فَإِنْ مَاتَ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ جَمِيعُهُمْ (فَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْ عَصَبَتِهِ مِثْلُ مَا) كَانَ (عَلَيْهِ) مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ بِحَسَبِ حَالِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ بَلْ يُورَثُ بِهِ (فَإِنْ مَاتَ مُعْتِقٌ) لَهُ، وَكَانَ وَاحِدًا (عَنْ عَصَبَتِهِ حَمَلَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (حِصَّةً تَامَّةً مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ أَوْ رُبْعِهِ) فَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ يَتَحَمَّلُهُ الْمُعْتِقُ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ آنِفًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَتَوَزَّعُ عَلَى الْمُعْتِقِينَ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ الْقَدْرُ الْمُتَحَمَّلُ بِخِلَافِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ لَا يُوَزَّعُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ إذْ لَا يَرِثُونَهُ بَلْ يَرِثُونَ بِهِ كَمَا مَرَّ فَالْوَلَاءُ فِي حَقِّهِمْ كَالنَّسَبِ (، وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ، وَلَا عَصَبَتُهُ) عَنْ مُعْتِقِهِ إذْ لَا إرْثَ.

[فَصْلٌ جَرَحَ ابْنُ عَتِيقَةٍ أَبُوهُ رَقِيقٌ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ فَمَاتَ الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ]

(فَصْلٌ:) لَوْ (جَرَحَ ابْنُ عَتِيقَةٍ) أَبَاهُ رَقِيقٌ (رَجُلًا) خَطَأً (ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ بِعِتْقِ أَبِيهِ) إلَى مَوَالِي أَبِيهِ (فَمَاتَ الْجَرِيحُ) بِالسِّرَايَةِ (فَعَلَى مَوَالِي الْأُمِّ بَدَلُ أَرْشِ الْجُرْحِ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ حِينَ الْجُرْحِ لَهُمْ وَزَادَ لَفْظَ بَدَلَ بِلَا فَائِدَةٍ (وَالْبَاقِي) مِنْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ (عَلَى الْجَانِي) لِحُصُولِ السِّرَايَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِجِنَايَةٍ قَبْلَهُ لَا عَلَى مَوَالِي أُمِّهِ لِانْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَلَا عَلَى مَوَالِي أَبِيهِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ عَلَى الِانْجِرَارِ، وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِوُجُودِ جِهَةِ الْوَلَاءِ بِكُلِّ حَالٍ؛ وَلِأَنَّ تَحَمُّلَ الْعَاقِلَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَالْقِصَاصِ نَعَمْ يَتَحَمَّلُ مِنْهُ مَوَالِي الْأُمِّ مَا زَادَ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْجِرَارِ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ قَطْعَ أُصْبُعٍ فَسَرَى إلَى الْكَفِّ ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ لَزِمَ مَوَالِيَ الْأُمِّ مَعَ أَرْشِ الْأُصْبُعِ، وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ مَا زَادَ قَبْلَ الِانْجِرَارِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ إلَى الْكَفِّ حَصَلَتْ حِينَ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَكَانَتْ كَأَصْلِ الْجِرَاحَةِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَاقٍ بِأَنْ سَاوَى أَرْشُ الْجُرْحِ الدِّيَةَ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا كَأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ فَعَلَى مَوَالِي الْأُمِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ حِينَ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ يُوجِبُ هَذَا الْقَدْرَ، وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَزِيدَ قَدْرُ الْوَاجِبِ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِالسِّرَايَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الِانْجِرَارِ (فَإِنْ مَاتَ) الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ (وَقَدْ جَرَحَهُ) جَارِحُهُ (ثَانِيًا) خَطَأً (بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ فَعَلَى مَوَالِي الْأَبِ نِصْفُهَا) الْأَوْلَى بَاقِيهَا (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ أَرْشُ الْجُرْحِ (، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا خَطَأً، وَمَاتَ) الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ (بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ مَا يَخُصُّ الْجُرْحَ) ؛ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَتُهُ حِينَ الْجُرْحِ (وَبَاقِي الدِّيَةِ) إنْ كَانَ (عَلَيْهِ) لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ، وَقَوْلُهُ مُسْلِمًا مِثَالٌ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ رَجُلًا (فَإِنْ مَاتَ) الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ (وَقَدْ جَرَحَهُ) جَارِحُهُ (ثَانِيًا) خَطَأً (وَبَعْدَ الْإِسْلَامِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى) عَاقِلَتِهِ (الذِّمِّيِّينَ النِّصْفُ) الْآخَرُ (إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ أَقَلَّ) مِنْهُ.

(فَإِنْ كَانَ) أَقَلَّ مِنْهُ كَأَرْشِ مُوضِحَةٍ (فَعَلَيْهِمْ الْأَرْشُ) فَقَطْ (وَالْبَاقِي) مِنْ النِّصْفِ (عَلَى الْجَانِي فَإِنْ كَانَ) جُرْحُهُ (الثَّانِي مُذَفِّفًا فَكُلُّ الدِّيَةِ) عَلَى عَاقِلَتِهِ (الْمُسْلِمِينَ) بِنَاءً عَلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَّا إذَا قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ فَيَتَحَمَّلُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَيَتَحَمَّلُونَ فِي زَمَانِنَا لِمَا سَبَقَ فِي الْفَرَائِضِ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِتَحَمُّلِهِمْ بَعْدَ الْعَصَبَاتِ، وَقَالَ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ كَذِي الرَّحِمِ لَا يَتَحَمَّلُ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْعَصَبَةِ

(قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالِابْنِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ) ؛ وَلِأَنَّ تَحَمُّلَ الْمُعْتِقِ عَنْ عَتِيقِهِ سَبَبُهُ إعْتَاقُهُ إيَّاهُ فَنُزِّلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ مَنْزِلَةَ جِنَايَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>