بِالْفَلَسِ لِإِمْكَانِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِخِلَافِهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُوَافِقُهُ لِصِدْقِ الْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ، وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ بَلْ هُوَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ لَا نَقُولُ نِصْفُ الْأَلْفِ مُقَابِلٌ لِنِصْفِ الطَّلْقَةِ فَكَذَا لَا يُقَالُ: إنَّ بَعْضَ الْمَهْرِ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ الْبُضْعِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ فَيَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ الْفَسْخِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ لَا يَتَقَسَّطُ عَلَى الْبُضْعِ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِ فِي الْفَسْخِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ هَذَا هُوَ مَأْخَذُ ابْنِ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ التَّبْعِيضَ، وَقَدْ أَدَّى بَعْضَ الْمَهْرِ فَقَدْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ أَوْ حُكْمُ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَوْلَى، وَالْعِنِّينُ الْوَطْءَ قُبِلَ قَوْلُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ مَا ادَّعَيَاهُ.
(وَلَا) فَسْخَ لِلزَّوْجَةِ (بِنَفَقَةٍ) عَنْ مُدَّةٍ (مَاضِيَةٍ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهَا لِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ دَيْنٍ آخَرَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَفْسَخْ فِي يَوْمِ جَوَازِ الْفَسْخِ فَوَجَدَ نَفَقَةً بَعْدَهُ فَلَا فَسْخَ لَهَا بِنَفَقَةِ الْأَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ (بَلْ تَثْبُتُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ) عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ (وَالْأُدْمِ، وَالْكِسْوَةِ) ، وَالْأَنِيَّةِ.
(وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ دَيْنًا) فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَإِنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَقَدْ حَصَلَ، وَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مُوَاسَاةً صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ تَجِبُ عِوَضًا كَمَا مَرَّ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعْسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إذَا كَانَ الْخَادِمُ مَوْجُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ خَادِمٌ فَلَا تَصِيرُ نَفَقَتُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ (لَا السُّكْنَى) فَلَا تَثْبُتُ دَيْنًا؛ لِأَنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حَقِيقَةِ هَذِهِ الْفُرْقَةِ وَهِيَ فَسْخٌ لَا طَلَاقَ) فَلَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَمَّا ذُكِرَ عَيْبٌ كَالْعُنَّةِ، وَالْجَبِّ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا عَيْبَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا فَمَنَعَ وَأَمَرَ بِأَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلَّقَ (وَيُشْتَرَطُ لِلْفَسْخِ) الرَّفْعُ إلَى (الْقَاضِي) كَمَا فِي الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا تَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجَةُ بَلْ يَفْسَخُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا) فِيهِ، وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِعَدَمِ حَاكِمٍ وَمُحَكِّمٍ) ثَمَّ أَوْ لِعَجْزٍ عَنْ الرَّفْعِ (نَفَذَ) ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِلضَّرُورَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَتْ عَلَى حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ (فَلَا) يَنْفُذُ فَسْخُهَا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا وَقِيلَ يَنْفُذُ بَاطِنًا، وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ نَقْلِ الْإِمَامُ لَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ.
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخ الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخِ يُمْهَلُ) الزَّوْجُ (بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْ الْقَاضِي لِيَتَحَقَّقَ إعْسَارُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْسُرُ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَزُولُ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مَرْدُودٌ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَلَوْ سَلَّطْنَاهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ بِتَسْلِيمِ الْبَعْضِ لَأَدَّى إلَى إضْرَارِ الْمَرْأَةِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِتَسْلِيمِ بَعْضِ الْعِوَضِ إذَا لَمْ يَخْشَ تَلَفَ الْبَاقِي وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِهَا إلَّا بِاسْتِيفَاءِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الثَّالِثِ إنَّا لَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ لَاتَّخَذَهُ الْأَزْوَاجُ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ حَقِّ حَبْسِ بُضْعِهَا بِتَسْلِيمِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ صَدَاقٍ هُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
الرَّابِعُ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا سَلَّمَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُلْزَمُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَاقِي. الْخَامِسُ أَنَّ قَوْلَهُ لَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخَ لَعَادَ إلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ وَهُوَ أَنَّا لَوْ أَجْبَرْنَاهَا عَلَى التَّسْلِيمِ لَفَاتَ عَلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي رُجُوعِ الْبُضْعِ إلَيْهَا بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسْخِ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْهُ. السَّادِسُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ بِالْإِفْلَاسِ لَيْسَ وِزَانَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ بَلْ وِزَانُهَا مَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ حِصَّةِ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ أَمْ لَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْفَلَسِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْمَبِيعَ فِيهَا دَخَلَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا، وَلَا تَنْظِيرُهَا بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِخِلَافِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ التَّصْرِيحَ بِالْخِيَارِ عَنْ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ نَقْلًا وَمَعْنًى. اهـ. وَعِبَارَةُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُرْشِدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ تَأْخُذْ الْمُعَجَّلَ فَإِذَا أَخَذَتْهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا مَا لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِذَا حَلَّ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَصَرَّحَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ عِنْدَ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ قَبْضِهَا لَا الْمُعَجَّلِ مِنْهُ، وَهُوَ نَصٌّ فِي خِلَافِ فَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ حَالًّا وَقَبَضَتْ بَعْضَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ بِالْإِعْسَارِ بِالْبَاقِي مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَهُوَ الْوَجْهُ نَقْلًا وَمَعْنًى. اهـ. وَبِهِ أَفْتَيْت
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إذَا كَانَ الْخَادِمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[الطَّرَف الثَّانِي فِي حَقِيقَة الْفُرْقَة بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْفَسْخِ) (قَوْلُهُ: يُمْهَلُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِمْهَالَ ثَلَاثًا مُخْتَصٌّ بِالنَّفَقَةِ أَمَّا الْمَهْرُ فَلَا إمْهَالَ فِيهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ سُكُوتُ الْجُمْهُورِ عَنْهُ.
وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ حَيْثُ جَعَلَا الْفَسْخَ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْوَاضِحِ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَرَأَيْت شَارِحًا قَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِمْهَالِ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ حَيْثُ فَسَخَتْ بِالْإِعْسَارِ بِهِ. اهـ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ: مَا ذَكَرَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْجُمْهُورِ حَيْثُ جَعَلُوا الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ لَا يُنَافِي الْإِمْهَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي وَقْتَ إعْسَارِهِ بَادَرَتْ بِطَلَبِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا