للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا فَسْخَ لَهَا إذْ يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَرَّعَ بِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَيَكُونُ الْوَلِيُّ كَأَنَّهُ وَهَبَ، وَقِيلَ لَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ لَوْ تَطَوَّعَ عَنْ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا وَاجِدَةٌ لِلنَّفَقَةِ

(وَلَا) تَفْسَخُ (بِضَمَانٍ) مِنْ غَيْرِهِ لَهُ (بِإِذْنِهِ نَفَقَةَ يَوْمٍ فَيَوْمٍ) بِأَنْ يُجَدِّدَ ضَمَانَ كُلِّ يَوْمٍ، وَإِلَّا فَضَمَانُهَا جُمْلَةً لَا يَصِحُّ فَتَفْسَخُ بِهِ (فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُوسِرُ) أَوْ الْمُتَوَسِّطُ (مُدًّا لَمْ تَفْسَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي قِوَامًا (وَبَقِيَ الْبَاقِي دَيْنًا) عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ: لَا تَفْسَخُ امْرَأَةُ) رَجُلٍ (مُكْتَسِبٍ مَا يُنْفِقُ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ (وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ فِي يَوْمٍ مِنْهُ) ، وَكَانَتْ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ فَإِنَّهَا لَا تَفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْسِرٍ (بَلْ تَسْتَدِينُ) لِمَا يَقَعُ مِنْ التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُصَبِّرُهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ بَلْ الْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِنَفَقَتِهَا وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ (فَلَوْ بَطَلَ) مَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي بَعْضِ الْأُسْبُوعِ نَفَقَةَ جَمِيعِهِ الْكَسْبَ (أُسْبُوعًا لِعَارِضٍ فَسَخَتْ) لِتَضَرُّرِهَا وَتَكُونُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا مَرَّ فِيهِ (لَا لِامْتِنَاعِ) لَهُ مِنْ الْكَسْبِ فَلَا تَفْسَخُ (كَالْمُوسِرِ) الْمُمْتَنِعِ.

(وَلَا) تَفْسَخُ (بِالْعَجْزِ عَنْ الْأُدْمِ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَغْ الْقُوتُ بِدُونِهِ لِبَعْضِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَالنَّفْسُ تَقُومُ بِدُونِهِ (وَ) لَا عَنْ (نَفَقَةِ الْخَادِمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا.

(وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا) يَعْجِزُ بِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَكَانَ (يَبْرَأُ لِثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ (لَمْ تَفْسَخْ) إذْ لَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ (أَوْ) كَانَ (يَطُولُ) زَمَنُهُ بِأَنْ لَا يَبْرَأَ لِثَلَاثٍ (فَسَخَتْ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ) .

(وَلَوْ عَجَزَ عَنْ السُّكْنَى أَوْ الْكِسْوَةِ فَسَخَتْ) أَيْضًا لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِهِمَا بَلْ لَا تَبْقَى النَّفْسُ بِدُونِ الْكِسْوَةِ غَالِبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْكِسْوَةِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْفَارِقِيُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْقَمِيصِ، وَالْخِمَارِ وَجُبَّةِ الشِّتَاءِ فَلَهَا الْفَسْخُ أَوْ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ كَالسَّرَاوِيلِ، وَالنَّعْلِ فَلَا، قَالَ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَوَانِي، وَالْفُرُشِ وَنَحْوِهَا فَالْمُتَّجَهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِلْإِصْلَاحِ وَالزِّينَةِ لَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إمْتَاعٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ عَدَمَ الْفَسْخِ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا كَالسُّكْنَى (وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ الْبَطَالَةُ عَلَى الْعَلَاءِ) أَيْ الْعُمْلَةُ بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَسْتَعْمِلُهُمْ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ لِذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ يَقَعُ (غَالِبًا لَا نَادِرًا أَجَازَ) لَهَا (الْفَسْخَ) لِتَضَرُّرِهَا.

(وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ نِصْفِ الْمُدِّ غَدَاءً، وَ) نِصْفِهِ (عَشَاءً كَذَلِكَ) أَيْ وَقْتُهُ (لَمْ تَفْسَخْ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا (أَوْ كَانَ يُحَصِّلُ يَوْمًا مُدًّا وَيَوْمًا نِصْفًا فَسَخَتْ) لِتَضَرُّرِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ مُدٍّ وَدُونَهُ أَوْ يَوْمًا مَدًّا وَيَوْمًا لَا يُحَصِّلُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى، وَلَا يَتَعَشَّى فَأَكَلَ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِالْمُعْجِزِ عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ وَاجِبُ الْمُعْسِرِ.

(وَلَا فَسْخَ بِالْمَهْرِ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ (لِلْمُفَوِّضَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ لَهَا قَبْلَ فَرْضِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ (وَلَا بِمَهْرٍ وَجَبَ) بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِدُونِهَا أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ (بَعْدَ الدُّخُولِ) لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ؛ وَلِأَنَّ تَمْكِينَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْمَهْرِ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِذِمَّتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَأَنْ لَا يَكُونُ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى، وَفَارَقَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ حَيْثُ تَفْسَخُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ الْمُعَوَّضُ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَ الْمَهْرِ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ فَلَا فَسْخَ بِعَجْزِهِ عَنْ بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ بِقِسْطِهِ فَلَوْ فَسَخَتْ لَعَادَ لَهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ فِيمَا اسْتَقَرَّ لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْفَسْخِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

إعْفَافُهُ فَلَا شَكَّ فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْقَبُولِ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ كَذَلِكَ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ لِلْوَارِثِ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ، وَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ الْقَبُولُ بَسَطَ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَسْبًا حَلَالًا

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَيْ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا بِمَهْرٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) لَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا مَعَ وَطْئِهِ أَنْ تَمْتَنِعَ حَتَّى تَتَسَلَّمَ الْمَهْرَ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ وُجُودِ هَذَا الْوَطْءِ عِ قو

<<  <  ج: ص:  >  >>