وَالْيُسْرَى خُرُوجًا) لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ فِي الدُّخُولِ شَرَفًا وَفِي الْخُرُوجِ خِسَّةً (وَيَأْتِي) فِيهِمَا (بِالدَّعَوَاتِ الْمَشْهُورَةِ) ، وَهِيَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك، ثُمَّ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَيَدْخُلُ، وَكَذَا يَقُولُ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ أَبْوَابَ فَضْلِك قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ طَالَ عَلَيْهِ هَذَا فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك» (وَلِحَائِطِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مِنْ خَارِجِهِ (مِثْلُ حُرْمَتِهِ) فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بُصَاقٍ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُكْرَهُ الْخُصُومَةُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَنَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْطِي السَّائِلُ فِيهِ شَيْئًا وَلَا بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِيهِ إذَا كَانَ مَدْحًا لِلنُّبُوَّةِ، أَوْ لِلْإِسْلَامِ، أَوْ كَانَ حِكْمَةً أَوْ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، أَوْ الزُّهْدِ وَنَحْوِهَا
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي السَّجَدَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ وَهِيَ ثَلَاث]
[الْأُولَى سَجْدَة السَّهْو]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي السَّجَدَاتِ) الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ (وَهِيَ ثَلَاثٌ الْأُولَى سُجُودُ السَّهْوِ) قَدَّمَهُ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِكَوْنِهِ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ وَقَدَّمَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ عَلَى سُجُودِ الشُّكْرِ لِكَوْنِهِ يُفْعَلُ فِيهَا وَخَارِجَهَا وَسُجُودُ الشُّكْرِ لَا يُفْعَلُ إلَّا خَارِجَهَا (وَهُوَ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ لَيْسَ وَاجِبًا كَمُبْدَلِهِ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بَلْ (سُنَّةٌ) فِي الْفَرْضِ، وَالنَّفَلِ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ، وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِلصَّلَاةِ، وَالسَّجْدَتَانِ يُرْغِمَانِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ فَثَبَتَ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ سُنَّةٌ (يَقْتَضِيهِ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ تَرْكُ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَكَ أَحَدَهَا (وَلَوْ عَمْدًا جَبَرَهُ بِالسُّجُودِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ثَمَّ (وَلَا يَسْجُدُ لِبَاقِي السُّنَنِ) أَيْ لِتَرْكِهِ كَتَرْكِ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا نُقِلَ إذْ الْقُنُوتُ مَثَلًا ذِكْرٌ مَقْصُودٌ إذْ شُرِعَ لَهُ مَحَلٌّ خَاصٌّ بِخِلَافِ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا كَالْمُقَدِّمَةِ لِبَعْضِ الْأَرْكَانِ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ، أَوْ التَّابِعِ كَالسُّورَةِ، فَإِنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْهَا ظَانًّا جَوَازَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (أَمَّا الْأَرْكَانُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهَا) ، وَقَدْ يُشْرَعُ مَعَ تَدَارُكِهَا السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ، وَقَدْ لَا يُشْرَعُ بِأَنْ لَا تَحْصُلَ زِيَادَةٌ كَمَا لَوْ تَرَكَ السَّلَامَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (الثَّانِي فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (فَكُلُّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ إنْ لَمْ يُبْطِلْهَا) سَهْوُهُ (فَيَسْجُدُ السَّاهِي بِزِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَكَلَامٍ قَلِيلٍ وَنَحْوِهِ) كَأَكْلٍ قَلِيلٍ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا يُبْطِلُ سَهْوُهُ أَيْضًا كَكَلَامٍ كَثِيرٍ وَحَدَثٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَبِخِلَافِ سَهْوِ مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ كَالِالْتِفَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (إلَّا بِخُطْوَةٍ وَخُطْوَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ فِي الصَّلَاةِ وَرَخَّصَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَكَمَا لَا يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ لَا يُسْجَدُ لِعَمْدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ (فَرْعٌ الِاعْتِدَالُ رُكْنٌ قَصِيرٌ، وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ فِي أَنْفُسِهِمَا بَلْ لِلْفَصْلِ وَإِلَّا لَشُرِعَ فِيهِمَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ لِيَتَمَيَّزَا بِهِ عَنْ الْعَادَةِ كَالْقِيَامِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا، لَكِنَّهُمَا قَالَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ وَمَالَ الْإِمَامُ إلَى الْجَزْمِ بِهِ وَصَحَّحَهُ، ثَمَّ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ إنَّهُ مَقْصُودٌ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ وَوُجُودِ صُورَتِهِ وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُطَوَّلُ (وَتَطْوِيلُهُمَا عَمْدًا) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِمَا (يُبْطِلُ الصَّلَاةَ) كَمَا لَوْ قَصَّرَ الطَّوِيلَ فَلَمْ يُتِمَّ الْوَاجِبَ قَالَ الْإِمَامُ؛ وَلِأَنَّ تَطْوِيلَهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ (لَا تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ بِقُنُوتٍ فِي مَوْضِعِهِ وَتَسْبِيحٍ) أَيْ وَلَا بِتَسْبِيحٍ (فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ) الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْبَابِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي السَّجَدَاتِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ سُنَّةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ دُونَ الْمَفْرُوضِ، وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ، أَوْ أَخَفَّ، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَيُعَضِّدُهُ جُبْرَانُ الْحَجِّ قِيلَ: صَرَفَنَا عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْخَبَرِ وَإِنَّمَا وَجَبَ جُبْرَانُ الْحَجِّ لِكَوْنِهِ بَدَلًا عَنْ وَاجِبٍ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) مِثْلُهُ النَّاسِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِفُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ السَّهْوِ وَلَا يَعْرِفُ مُقْتَضِيَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالشَّكِّ إلَخْ) فَإِنَّ سَبَبَ سُجُودِهِ تَرَدُّدُهُ فِي أَنَّ الرَّكْعَةَ الْمَفْعُولَةَ زَائِدَةٌ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى ارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ جَوَابُ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ سُجُودُ السَّهْوِ سُنَّةٌ عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ بِقَوْلِهِ أَهْمَلَا سَبَبًا ثَالِثًا وَهُوَ إيقَاعُ بَعْضِ الْفُرُوضِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ: فَكَانَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ) كَأَنْ زَادَ الْقَاصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَظُنُّ أَنَّهُ الثَّانِي فَقَالَ نَاسِيًا السَّلَامُ فَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمْ تَنَبَّهَ فَقَامَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَنَوَى بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ خِطَابٌ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَظْهَرُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِذَلِكَ حَالَ السَّهْوِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ ش (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أُرِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ فِيهِ بِصَارِفٍ يَصْرِفُهُ عَمَّا أَتَى بِهِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute