للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ مُتَكَرِّرٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرْتِيبُ كَمَا فِي السَّعْيِ فَلَا يَعْتَدَّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّالِثَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلَيْنِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَرْمِيَ كُلًّا) مِنْهَا (بِسَبْعٍ) مِنْ الْحَصَيَاتِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ تَرَكَ حَصَاةً وَشَكَّ) فِي مَحَلِّهَا مِنْ الثَّلَاثِ (جَعَلَهَا مِنْ الْأُولَى) احْتِيَاطًا (فَيَرْمِي بِهَا) إلَيْهَا (وَبَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَتَيْنِ) الْأُخْرَيَيْنِ (إذْ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الرَّمْيِ فِي الْجَمَرَاتِ (لَا تَجِبُ) وَإِنَّمَا تُسَنُّ كَمَا فِي الطَّوَافِ (وَصَرْفُ النِّيَّةِ فِي الرَّمْيِ كَصَرْفِهَا فِي الطَّوَافِ) يَعْنِي صَرْفَ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ النُّسُكِ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ كَصَرْفِ الطَّوَافِ بِهَا إلَى غَيْرِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ وَبَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقَ الرَّمْيِ بِالْوُقُوفِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْته مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ فِي الْعَادَة وَفِي الْعِبَادَةِ إلَى رَمْيِ الْعَدُوِّ فَهُوَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَحْدَهُ كَالطَّوَافِ، وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ.

(فَرْعٌ السُّنَّةُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ بِالرَّمْيِ) حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَالسُّنَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ يَدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ يَوْمَ النَّحْرِ) فِي رَمْيِهِ (الْجَمْرَةَ وَالْقِبْلَةُ عَلَى يَسَارِهِ) وَعَرَفَةُ عَلَى يَمِينِهِ (وَ) أَنْ (يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَأَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا فِي الْيَوْمَيْنِ) الْأَوَّلَيْنِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ مَشَى إلَيْهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا» (وَرَاكِبًا يَوْمَ نَفْرِهِ لِيَنْفِرَ عَقِبَهُ) كَمَا أَنَّهُ يَوْمَ النَّحْرِ يَرْمِي رَاكِبًا كَمَا مَرَّ (وَأَنْ يَدْنُوَ) مِنْ الْجَمْرَةِ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ حَصَى الرَّامِينَ فَيَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (وَيَدْعُوَ وَيَذْكُرَ) اللَّهَ تَعَالَى وَيُهَلِّلَ وَيُسَبِّحَ (بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ) سُورَةِ (الْبَقَرَةِ وَكَذَا) بَعْدَ رَمْيِ (الثَّانِيَةِ لَا الثَّالِثَةِ) بَلْ يَمْضِي بَعْدَ رَمْيِهَا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «إلَّا بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ.

(فَرْعٌ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ وَ) رَمْيَ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَلَوْ سَهْوًا (لَزِمَهُ دَمٌ وَكَذَا) يَلْزَمُهُ دَمٌ (بِتَرْكِ) رَمْيِ (ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) مِنْ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الرَّمْيِ فِي الْأُولَى كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَلِمُسَمَّى الْجَمْعِ فِي الثَّانِيَةِ كَحَلْقِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (أَوْ) تَرَكَ (حَصَاةً مِنْ غَيْرِ آخِرِ رَمْيٍ) لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَلْزَمُهُ بِهِ دَمٌ (لِبُطْلَانِ مَا بَعْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ) لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ كَمَا مَرَّ، وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذَا أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي تَرْكِ الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَانِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ آخِرِ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (مُدٌّ) فِي الْأُولَى (وَمُدَّانِ) فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الطَّعَامِ كَالشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ وَالشَّرْعُ قَدْ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِالطَّعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ.

(فَرْعٌ وَإِنْ أَضَلَّ حَصَاتَيْنِ) بِأَنْ تَرَكَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ مَحَلَّهَا (جَعَلَهَا وَاحِدًا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ ثَالِثَةٍ) ، وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَمِنْ أَيْ جَمْرَةٍ كَانَتْ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ (وَحَصَلَ رَمْيُ) يَوْمِ (النَّحْرِ وَاحِدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَعَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ تَصْوِيرِ الْأَصْلِ لَهُ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي بِتَرْكِ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ يَجْعَلُ وَاحِدَةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَوَاحِدَةً مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى مِنْ ثَانِيَةٍ وَوَاحِدَةً مِنْ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ ثَالِثَهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا قَالَهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ تَكَلُّفٌ مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ.

(، وَلَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ إلَّا بِالْحَجَرِ، وَلَوْ يَاقُوتًا وَحَجَرَ حَدِيدٍ) وَبِلَّوْرٍ وَعَقِيقٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ» «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى بِالْحَصَى وَقَالَ بِمِثْلِ هَذَا فَارْمُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَخَرَجَ بِالْحَصَى الْمَذْكُورِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا اللُّؤْلُؤُ) أَيْ لَا الرَّمْيُ بِاللُّؤْلُؤِ (وَالتِّبْرَيْنِ) أَيْ تِبْرِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَالْإِثْمِدِ وَنَحْوِهِ) وَمِمَّا لَا يُسَمَّى حَجَرًا كَنُورَةٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَدَرٍ وَجِصٍّ وَآجُرَّ وَخَزَفٍ وَمِلْحٍ وَجَوَاهِرَ مُنْطَبِعَةٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ (وَيُجْزِئُ حَجَرُ نَوْرَةٍ لَمْ يُطْبَخْ) بِخِلَافِ مَا طُبِخَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى حَجَرًا بَلْ نُورَةً، وَقَدْ مَرَّ آنِفًا.

(وَالسُّنَّةُ الرَّمْيُ بِطَاهِرٍ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ) بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَيْنِ وَهُوَ قَدْرُ الْبَاقِلَّا وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ (وَدُونَهُ وَفَوْقَهُ مَكْرُوهٌ) وَلِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ وَلِلنَّهْيِ عَنْ الرَّمْيِ بِمَا فَوْقَهُ فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ (وَ) لَكِنَّهُ (يُجْزِئُ) لِوُجُودِ الرَّمْيِ بِحَجَرٍ

(فَرْعٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ السُّنَّةُ فِي رَمْيِ الْجِمَار]

(قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ يَدَهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا الرَّفْعُ التَّامُّ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ أَوْ كَانَ زَوْجٌ أَوْ مَحَارِمُ فَقَطْ أَوْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إذَا اتَّفَقَ الرَّمْيُ لَيْلًا (قَوْلُهُ وَرَاكِبًا يَوْمَ نَفْرِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَمَى الْجِمَارَ مَشَى إلَيْهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَجَبُ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ اهـ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي مَشَى إلَيْهَا يُحْتَمَلُ مَشْيُهُ بِدَابَّتِهِ وَعَدَمُ الْإِسْرَاعِ فِي السَّيْرِ وَمَشْيُ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَى صَاحِبِهَا وَلِهَذَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمَشْيِ دَابَّتِهِ، وَلَا تَبْطُلُ بِمَشْيِ السَّفِينَةِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَلَوْ يَاقُوتًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ يَكْسِرُهَا وَيُذْهِبُ مُعْظَمَ مَالِيَّتِهَا، وَلَا سِيَّمَا النَّفِيسُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالسَّرَفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حَجَرًا أَوْ سَرَقَهُ وَرَمَى بِهِ كَفَى ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ ابْنَ كَجٍّ جَزَمَ بِهِ قَالَ كَالصَّلَاةِ فِي الثَّوَابِ الْمَغْصُوبِ قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>