(فَصْلٌ) لَوْ (رَدَّ) الْمُشْتَرِي (الْمَبِيعَ) الْمُعَيَّنَ (أَوْ) الْبَائِعُ (الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَأَنْكَرَ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ (كَوْنَهُ مَالِهِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ) فِيمَا ذَكَرَ (فِي الذِّمَّةِ صُدِّقَ الْمُدَّعِي) لِلْعَيْبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ وَهُنَاكَ اعْتَرَفَ بِقَبْضِهِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ يَتَنَاوَلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ وَغَيْرَهُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ
[فَرْعٌ اشْتَرَى طَعَامًا كَيْلًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ وَزْنًا وَقَبَضَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى نَقْصًا]
(فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ لَوْ (قَبَضَ الْمَبِيعَ) مَثَلًا (مَكِيلًا) أَوْ مَوْزُونًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِأَنْ اشْتَرَى طَعَامًا كَيْلًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ وَزْنًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ أَسْلَمَ فِيهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ (وَادَّعَى نَقْصًا) فَإِنْ كَانَ قَدْرًا (يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِهِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ (وَإِلَّا فَلَا) يُصَدَّقُ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي الْخَطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْخَطَأَ فِيهِ تَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ (وَإِذَا بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَوَجَدَهُ خَمْرًا أَوْ وَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً) مَيِّتَةً (وَقَالَ هَكَذَا قَبَضْته فَأَنْكَرَ) الْبَائِعُ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) بِيَمِينِهِ (إنْ أَمْكَنَ) صِدْقُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ (اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (كَاتِبًا) مَثَلًا (تَحَالَفَا) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ) فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ بِيَمِينِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْأَجَلِ فَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي ابْتِدَائِهِ وَسَيَأْتِي مُفَصَّلًا آخِرَ الْبَابِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَحَالَفَا كَمَا مَرَّ أَوَّلَهُ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ قَدْرِهِ فَرُبَّمَا يَبْقَى النِّزَاعُ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ كُلَّمَا ادَّعَى الِانْقِضَاءَ مُدَّعِيهِ أَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَدْ قَرَّرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ لَكِنْ لَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِمْ وَلَك أَنْ تَخْتَارَ الْأَخِيرَ وَتَقُولَ يَزُولُ الْمَحْذُورُ فِيهِ بِأَنْ يَذْكُرَ مُدَّعِي الِانْقِضَاءِ قَدْرَ الْأَجَلِ لِيُوَافِقَهُ الْآخَرُ أَوْ يُخَالِفَهُ وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ انْقِطَاعُ النِّزَاعِ نَعَمْ إنْ قَالَ نَسِيت قَدْرَهُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ مَا قُلْنَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّرَهُ بِمَا يُؤَجِّلُ بِهِ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
(فَصْلٌ فِي) كَيْفِيَّةِ (التَّحَالُفِ إذَا تَبَادَلَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ عَرَضًا بِعَرَضٍ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (عَيْنًا بِعَيْنٍ) يَعْنِي مُعَيَّنًا بِمُعَيَّنٍ (تَسَاوَيَا فِي الْبُدَاءَةِ) بِالْيَمِينِ أَيْ فَيُتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَاذَا وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ قُوَّةُ جَانِبٍ عَلَى جَانِبٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَقْوَالِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْمُدْرِكَ فِي التَّسَاوِي تَعْيِينُ الثَّمَنِ كَالْمَبِيعِ وَلِهَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ أُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ وَقَدْ يُمْنَعُ فَقْدُهُ لِأَنَّ جَانِبَ الْبَائِعِ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِوَضَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَبِمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْجَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَاعَ مُعَيَّنًا بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ صَدَقَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِعَكْسِهِ وَبِبَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ (بُدِئَ) فِي الْحَلِفِ (بِالْبَائِعِ) لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى التَّحَالُفِ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ.
وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا نَظِيرَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَبْدَأُ بِالْبَائِعِ إلَّا فِيمَا مَرَّ (اسْتِحْبَابًا) لَا وُجُوبًا لِحُصُولِ الْغَرَضِ مَعَ تَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا (فَيَحْلِفُ) الْبَائِعُ (يَمِينًا وَاحِدَةً تَجْمَعُ نَفْيًا) لِقَوْلِ غَيْرِهِ (وَإِثْبَاتًا) لِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ (مَا بِعْت بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ (مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْت بِكَذَا) عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِإِنَّمَا الْمُفِيدَةِ لِلْحَصْرِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ النَّفْيِ فَتَعْبِيرُ الْمِنْهَاجِ كَالشَّاشِيِّ وَغَيَّرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَقَدْ أَوْلَى وَتَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ قَوْلِهِ نَفْيُ قَوْلِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعَرُّضِ لَهُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ غَيْرُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْإِثْبَاتِ فَقَطْ اُكْتُفِيَ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى أَيْضًا بِقَوْلِهِ مَا بِعْت
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ أَوْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَأَنْكَرَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ]
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا إلَخْ) فَلَوْ بَاعَ عَصِيرًا أَوْ خَلًّا وَأَقْبَضَهُ وَبَانَ نَجِسًا أَوْ خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ تَنَجَّسَ أَوْ تَخَمَّرَ فِي يَدِك وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ فِي يَدِك صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ
[فَصْلٌ كَيْفِيَّةِ التَّحَالُفِ إذَا تَبَادَلَا]
(قَوْلُهُ وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَأْتِي بِصَدْرِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي ثَانِيهِمَا دُونَ أَوَّلِهِمَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إلَخْ) يَحْلِفُ الْوَارِثُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي مَعْنَى الْوَارِثِ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَكِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي النَّفْيِ وَمُدَّعٍ فِي الْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى إثْبَاتِ قَوْلِهِ عِنْدَ قَرِينَةِ اللَّوْثِ أَوْ نُكُولِ الْخَصْمِ أَوْ إقَامَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute