للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي حَالِ الْبَيِّنَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ الْعَدَالَةُ (لَا قَبْلَهَا) فَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ اعْتَادَ الْقَضَاءُ خِلَافَهُ (فَإِنْ لَمْ يَكْفُلْ) أَيْ يُقِمْ كَفِيلًا (حُبِسَ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إقَامَةِ كَفِيلٍ لَا لِثُبُوتِ الْحَقِّ وَامْتِنَاعِهِ مِنْهُ

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ) (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نَفْسِ الْحَلِفِ وَالْمَقْصُودُ) الْآنَ (بَيَانُ قَاعِدَتَيْنِ الْأُولَى التَّغْلِيظُ) فِي الْأَيْمَانِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الدَّعَاوَى مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ وَتَأْكِيدًا لِأَمْرِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ) نَدْبًا (وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ) تَغْلِيظَهَا (فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ) وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ وَقَوَدٍ وَعِتْقٍ (وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ أَوْ) لَمْ يَبْلُغْهُ لَكِنْ (رَآهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ (قَاضٍ) لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ نِصَابِ الزَّكَاةِ مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تُغَلَّظَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ قِيمَةً وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ اُعْتُبِرَ بِالذَّهَبِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا وَحُقُوقُ الْأَمْوَالِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالٍ هُوَ نِصَابٌ غُلِّظَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا.

وَاحْتُجَّ لِلتَّغْلِيظِ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ أَعَلَى دَمٍ فَقَالُوا لَا قَالَ فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْمَالِ قَالُوا لَا قَالَ خَشِيت أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ التَّغْلِيظَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرُهُ بِقَوْلِهِ (فَيُغَلَّظُ فِيهَا) أَيْ فِي الْيَمِينِ (عَلَى عَبْدٍ خَسِيسٍ) لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابَ الزَّكَاةِ (ادَّعَى) عَلَى سَيِّدِهِ (عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً) فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ لَيْسَ بِمَالٍ (لَا عَلَى سَيِّدِهِ) إذَا حَلَفَ لِأَنَّ قَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ مَالٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَفِيسًا (وَ) يُغَلَّظُ (فِي الْوَقْفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا عَلَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا (وَ) أَمَّا (الْخُلْعُ بِالْقَلِيلِ) مِنْ الْمَالِ (إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ وَحَلَفَتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ (فَلَا تَغْلِيظَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ هِيَ (غُلِّظَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ قَصْدَهَا الْفِرَاقُ وَقَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ أَمَّا الْخُلْعُ بِالْكَثِيرِ فَتُغَلَّظُ فِيهِ مُطْلَقًا.

(وَالْمَرِيضُ وَالزَّمِنُ وَالْحَائِضِ) وَالنُّفَسَاءُ (لَا تُغَلَّظُ) الْيَمِينُ (عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ) لِعُذْرِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ كَالْمُخَدَّرَةِ وَكَالْجُنُبِ لِإِمْكَانِ اغْتِسَالِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ ذَكَرُوا فِي اللِّعَانِ أَنَّ الْحَائِضَ يُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مِثْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ (وَلَا) يُغَلَّظُ (عَلَى حَالِفٍ بِالطَّلَاقِ مِنْ التَّغْلِيظِ) أَيْ حَالِفٌ بِهِ أَنْ لَا يَحْلِفَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ مُسْتَحَبٌّ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ بِالطَّلَاقِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ وَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَالتَّغْلِيظُ) هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (كَمَا فِي اللَّعَّانِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَبِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِك إلَى تَعْدِيلِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْبِسُكَ فَإِنَّ أَجَابَ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَنَعَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَإِنْ عَانَدَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ مِنْ التَّوْكِيلِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْهُ غ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ) أَوْ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْحُقُوقَ كَالسِّرْجِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَتْ مَالًا وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا الْمَالُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا وَلِوَكَالَةٍ فِي الْمَالِ يُغَلَّظُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَالُ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِفَهْمِهِ مِنْ الْمَالِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَ زَكَاةٍ بِالْأُولَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَكَالَةِ الْوِلَايَةُ (قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ) فِي الْوَسِيطِ كَالنِّهَايَةِ التَّغْلِيظُ يَجْرِي فِي كُلِّ مَا لَهُ خَطَرٌ مِمَّا لَا يَثْبُت بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَجَرَى فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ لَا لِنُقْصَانِ الْخَطَرِ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ تَقْيِيدُ التَّغْلِيظِ فِي غَيْرِ الْمَالِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي إنَّ الضَّابِطَ لِذَلِكَ إنَّ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ تُغَلَّظُ فِيهِ وَمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ) الْمُرَادُ بِالنِّصَابِ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ فَلَا تَغْلِيظَ هُنَا لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّفْوِيتُ أَوْ الْإِثْبَاتُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّغْلِيظَ بِذِكْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ جَرَاءَةُ الْحَالِفِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّ التَّغْلِيظَ بِاللَّفْظِ مَوْكُولٌ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَهُوَ تَحْدِيدٌ وَعِبَارَةُ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ وَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ وَنَحْوِهَا عِبَارَةُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ غُلِّظَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ مِنْ التَّغْلِيظِ) مِنْ تَعْلِيلِهِ أَوْ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ عَنْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّغْلِيظُ هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَاللِّعَانِ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالزَّمَانُ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَرَجَبِ وَرَمَضَانَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَبْدًا غُلِّظَتْ يَمِينُهُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَالْحُرِّ فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حِفْظِ مَالِ سَيِّدِهِ فَخَافَ ضَيَاعَهُ إنْ فَارَقَهُ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا تَوَلَّى حِفْظَ مَالِهِ وَحُمِلَ الْعَبْدُ إلَى مَكَانِ التَّغْلِيظِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى حِفْظِهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحْلِفِ أَنْتَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ تَنْظُرَهُ بِالْيَمِينِ إلَى وَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ حُضُورِ الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ تَعْجِيلِ إحْلَافِهِ فِي مَكَانِهِ قُلْت وَلِيَنْظُرْ فِي الْحُرِّ إذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>