للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ يَجُوزُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَالدَّنَانِيرِ) وَنَحْوِهِمَا كَلَوْزٍ وَجَوْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَدَرَاهِمَ (فِي إمْلَاكٍ أَوْ خِتَانٍ) وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ سَبَبٌ إلَى مَا يُشْبِهُ النَّهْيَ (وَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) لِذَلِكَ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّهْيَ (إلَّا إذَا لَمْ يُؤْثِرُ النَّاثِرُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) بِأَنْ عَرَفَ مِنْهُ الْمُلْتَقِطُ ذَلِكَ (وَلَمْ يُزْرِ) الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَتِهِ فَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَلَا يُخَالِفُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ.

وَالْجُمْهُورُ عَلَى كَرَاهَةِ النَّثْرِ وَالِالْتِقَاطِ إنْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى (وَلَوْ أَخَذَهُ اللَّاقِطُ أَوْ بَسَطَ لَهُ) حِجْرَهُ مَثَلًا (فَوَقَعَ بِحِجْرِهِ مَلَكَهُ) بِالْأَخْذِ وَالْوُقُوعِ فِيمَا ذُكِرَ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ (وَلَوْ سَقَطَ) مِنْهُ (بَعْدَ أَخْذِهِ) كَمَا لَوْ أَفْلَتَ الصَّيْدُ عَقِيبَ وُقُوعِهِ فِي الشَّبَكَةِ (فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّيْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَقَعَ فِي ثَوْبِهِ بِلَا قَصْدٍ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ نَعَمْ إنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِيهِ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ لَهُ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلُ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَةَ غَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ حَوْضَهُ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمَحْيِيَّ يَمْلِكُ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ انْتَهَى (لَا إنْ سَقَطَ) مِنْ ثَوْبِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْقُضْهُ فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْفِعْلِ.

(وَالْأَخْذُ) لَهُ (مِنْ الْهَوَاءِ) بِإِزَارٍ وَغَيْرِهِ (مَكْرُوهٌ مُمَلَّكٌ وَالصَّبِيُّ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ) وَالسَّيِّدُ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ رَقِيقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ

(كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ وَفِيهِ بَابَانِ) (الْأَوَّلُ فِي الْعِشْرَةِ وَالْقَسْمِ) النِّكَاحُ مَنَاطُ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ كَالطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَحُقُوقُهَا عَلَيْهِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] وَالْمُرَادُ تَمَاثُلُهُمَا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَقَالَ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] (فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ) وَتَحْصُلُ (بِكَفِّ الْأَذَى وَالتَّخَرُّجِ) بِمَعْنَى الْخُرُوجِ (عَنْ الْحَقِّ بِالرِّضَا) بِأَنْ يُؤَدِّيَهُ رَاضِيًا طَلْقَ الْوَجْهِ (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَسْمِ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (فَلَا حَقَّ) فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ (لِلْوَاحِدَةِ وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحْصِنَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ. (وَأَقَلُّهُ) أَيْ مَا يَحْصُلُ بِهِ عَدَمُ التَّعْطِيلِ (لَيْلَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ) اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ كَسُكْنَى الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِأَنَّ فِي دَاعِيَةِ الطَّبْعِ مَا يُغْنِي عَنْ إيجَابِهِ (وَلَا) حَقَّ فِيهِ عَلَيْهِ (لِلْأَكْثَرِ) مِنْ وَاحِدَةٍ (إلَّا إنْ بَاتَ مَعَ زَوْجَتِهِ) مِنْهُنَّ (لَا أَمَةٍ فَتَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَاتُ مِثْلُهَا) {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] وَخَبَرِ «إذَا كَانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَبَاتَ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ أَمَّا لَوْ بَاتَ مَعَ أَمَةٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَاتُ الْقَسْمُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْجِمَاعِ وَ) بَقِيَّةِ (الِاسْتِمْتَاعِ مُسْتَحَبَّةٌ) لَا وَاجِبَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالنَّشَاطِ وَالشَّهْوَةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا (وَلَا يُؤَاخِذُ بِمَيْلِ الْقَلْبِ) إلَى بَعْضِهِنَّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ

وَلَوْ قَسَمَ بَيْنَهُنَّ مُدَّةً وَسَوَّى ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ جَازَ كَالِابْتِدَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ نَثْرُ السُّكَّرِ وَالدَّنَانِيرِ وَنَحْوِهِمَا إمْلَاكٍ أَوْ خِتَانٍ]

قَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى) قَدْ قَدَّمْت أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا كَانَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ الْوُقُوعِ فِيهِ إلَخْ) شَمَلَ الصَّبِيَّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ) فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ) الْأَصَحُّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّثَارِ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا.

[كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ]

[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْعِشْرَةِ وَالْقَسْمِ]

[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَسْمِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا]

(كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ) (قَوْلُهُ فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ لَوْ ظَهَرَ زِنَاهَا حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا وَحُقُوقِهَا لِتَفْتَدِي مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا حَقَّ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ) اسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الزَّوْجَةِ الْمَظْلُومَةِ فِي الْقَسْمِ فَلَوْ بَانَ مِنْهُ اللَّوَاتِي ظَلَمَ لَهُنَّ فَفِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا قَالَ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الْمَظْلُومَ لَهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ مُسْتَنِدًا إلَى الْبَسِيطِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ الْمُتَّجَهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِسَبَبِهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ نَوْبَةَ الْمَظْلُومَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَلِهَذَا يَقُولُ الْأَصْحَابُ إنَّهَا الْمَظْلُومُ لَهَا وَحَصَلَ لِلْمَظْلُومَةِ الْغَيْرَةُ وَالْوَحْشَةُ وَالْمَرْعِيُّ فِي رَدِّ الظُّلَامَاتِ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذِهِ الظُّلَامَةُ لَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُمَاثَلَةُ أَنْ تُؤْخَذَ نَوْبَةُ الْمَظْلُومِ لَهَا فَتُعْطَى لِلْمَظْلُومَةِ.

وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُعَارِضُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا بَاتَ عِنْدَ الْمَظْلُومِ بِهَا فَقَدْ حَصَلَ الظُّلْمُ مِنْ الزَّوْجِ وَحَصَلَ الظُّلْمُ مِنْ الضَّرَّةِ أَيْضًا وَبَرَاءُ ذِمَّةِ الضَّرَّةِ لَا تُمْكِنُ إلَّا بِالْقَضَاءِ مِنْ نَوْبَتِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ تُمْكِنُ بِالْمَبِيتِ فِي حَالِ بَيْنُونَةِ الضَّرَّةِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ إذَا بَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ عَادَتْ الضَّرَّةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَبِيتُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَكَيْفَ كَانَ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نِكَاحُ الضَّرَّةِ لِيُوَفِّيَ مِنْ نَوْبَتِهَا حَقَّ الْمَظْلُومَةِ وَإِذَا خَطَبَ الضَّرَّةَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا إجَابَةُ خِطْبَتِهِ لِتَوْفِيَةِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ وَلَيْسَ لَنَا نِكَاحٌ تَجِبُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>