للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَوْ رَأَتْ الدَّمَ فِي خِلَالِ الْأَشْهُرِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ إنَّهُ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعِدَّةِ أَوْلَى مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلْعَقْدِ أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَثَانِيهِمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ الْأَمَةِ (وَكَذَا) تُتِمُّ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَلَا تَسْتَأْنِفُهَا (إنْ عَتَقَتْ) ، وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ (فِي عِدَّةِ عَبْدٍ فَفَسَخَتْ) نِكَاحَهُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ طَلْقَةً أُخْرَى (وَمَتَى أَخَّرَتْ الْفَسْخَ فَرَاجَعَهَا ثُمَّ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَأْنَفَتْ) الْأَقْرَاءَ (الثَّلَاثَةَ) ؛ لِأَنَّهَا فَسَخَتْ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَالْفَسْخُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ.

(فَرْعٌ) لَوْ (وَطِئَ أَمَةً) لِغَيْرِهِ (يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَمْلُوكَةٌ وَالشُّبْهَةُ شُبْهَةُ مِلْكِ الْيَمِينِ (وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَبِقُرْأَيْنِ) اعْتَدَّتْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ يُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ الْعِدَّةِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ خُصُوصُهُ فِي خُصُوصِهَا (أَوْ) ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ (فَبِثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَقْرَاءِ اعْتَدَّتْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ (وَمَتَى وَطِئَ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْقَطْعُ بِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَطْعِ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ اعْتِبَارُ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحَقِّهِ فَيَعْتَدُّ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ وَلَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِيهَا وَجْهَيْنِ هَلْ يَجِبُ قُرْآنِ لِظَنِّهِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَجَعَلَ الْأَشْبَهَ فِيهَا أَيْضًا اعْتِبَارَ ظَنِّهِ فَيَجِبُ قُرْآنِ. وَقَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ ثَلَاثَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَتَهُ أَمَةً فَيَشْمَلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا.

(فَصْلٌ الْمُسْتَحَاضَةُ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا مِنْ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ) وَالْأَقَلِّ (وَعِدَّةُ الْمُتَحَيِّرَةِ) وَلَوْ مُنْقَطِعَةَ الدَّمِ (تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) فِي الْحَالِ (لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ) غَالِبًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَيُخَالِفُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهَا لَا تَعْظُمُ عِظَمَ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ (مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا) نَعَمْ إنْ حَفِظَتْ الْأَدْوَارَ وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِ أَدْوَارِهَا وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سَنَةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السَّنَةَ دَوْرَهَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ.

(فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا) لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ (وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ، وَإِلَّا) بِأَنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ (فَلَا اعْتِبَارَ بِتِلْكَ الْبَقِيَّةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَيْضٌ فَتَبْتَدِئُ بِالْعِدَّةِ مِنْ الْهِلَالِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ وَلَكِنْ يُحْسَبُ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا قُرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا كَمَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ حَيْثُ يُكْمِلَانِ الْمُنْكَسِرَ كَمَا سَيَأْتِي. وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ، أَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ الْبَارِزِيُّ تَعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا وَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ فَبِبَاقِيهِ وَالثَّانِي أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ.

(فَصْلٌ: وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ) لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ وَلَدَتْ) وَرَأَتْ نِفَاسًا (وَالْآيِسَةُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَوْله تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ تُمِّمَ ثَلَاثِينَ وَمِنْ) الشَّهْرِ (الرَّابِعِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُنْكَسِرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا كَنَظَائِرِهِ (وَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَمُنْكَسِرٌ وَيُبْدَأُ الْحِسَابُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حِينِ طَلَاقِهَا، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (وَ) تَعْتَدُّ (الْأَمَةُ) الَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةُ (لِشَهْرٍ وَنِصْفٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَنْقُصُ بِالرِّقِّ مِنْ الْأَعْدَادِ النِّصْفُ وَالْمُبَعَّضَةُ كَالْأَمَةِ (فَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ) أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ (فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ) بِالْأَشْهُرِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَمَتَى أَخَّرَتْ الْفَسْخَ فَرَاجَعَهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا كَمَا مَرَّ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْفَسْخِ فِي الْحَالِ وَالصَّبْرِ إلَى مُرَاجَعَتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَطَأَ أَمَةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ أَمَّا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الظَّنِّ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ) ، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ (قَوْلُهُ: لِعَظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ) وَلِأَنَّهَا مُرْتَابَةٌ فَدَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] (قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ عدة الْمُسْتَحَاضَةُ]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا) يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْأَكْثَرِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ قَالَ شَيْخُنَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا فَأَكْثَرَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَحِيضَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَوْ اعْتَبَرْنَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لَكَانَ الْبَاقِي لِلطُّهْرِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

[فَصْلٌ عدة الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي تَرَى الدَّمَ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بَلْ بِالْأَقْرَاءِ كَالْعَاقِلَةِ، وَقَدْ أَطْلَقُوا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَالصَّغِيرَةِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرٍ كَصَفَرٍ، وَأَجَلَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى أَوْ جُمَادَى فَقَطْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمُضِيِّهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى تَكْمِيلِ الْعَدَدِ بِشَيْءٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَمِثْلُهُ يَجِيءُ هُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>