أَطْعِمْنِي) فَأَطْعَمَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ اسْتَحَقَّهَا إذْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِمْ الْمُقَابَلَةِ بِالْأَعْوَاضِ وَاسْتُثْنِيَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَعَامِلُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ مُسَمَّاةٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا الْإِمَامُ حِينَ بَعَثَهُ (بِخِلَافِ دَاخِلٍ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْحَمَّامِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ (لِأَنَّ الْقَصَّارَ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ (صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ) لِغَيْرِهِ (وَالدَّاخِلَ) لِلْحَمَّامِ (اسْتَوْفَاهَا) يَعْنِي مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ (بِسُكُوتِهِ) وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا إذْنٍ الدَّاخِلُ بِإِذْنٍ فَإِنَّ الْحَمَّامِيَّ فِيهِ كَالْأَجِيرِ كَمَا قَالُوا بِهِ فِيمَنْ دَخَلَ سَفِينَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهَا حَتَّى أَتَى السَّاحِلَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ وَصَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا بِلَا إذْنٍ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَالِكُهَا حِينَ سَيَّرَهَا وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ فَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى مَالِكِهِ وَلَا ضَمَانَ (وَلَوْ قَالَ) لِغَسَّالٍ مَثَلًا وَقَدْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا (اغْسِلْهُ وَأَنَا أُرْضِيكَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ وَلَا تَرَى مِنِّي إلَّا مَا يَسُرُّك، أَوْ حَتَّى أُحَاسِبَك، أَوْ وَلَا يَضِيعُ حَقُّك أَوْ نَحْوَهَا (فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) مُسْتَحَقَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِالْعَمَلِ.
(فَرْعٌ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْآلَةِ) مِنْ سَطْلٍ وَإِزَارٍ وَنَحْوِهِمَا (وَحِفْظِ الْمَتَاعِ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَعَ الدَّاخِلِ الْآلَةُ وَمَنْ يَحْفَظُ الْمَتَاعَ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَقَطْ (لَا ثَمَنُ الْمَاءِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ (فَهُوَ) أَيْ الْحَمَّامِيُّ (مُؤَجِّرٌ) لِلْآلَةِ (وَأَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ) فِي الْأَمْتِعَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا كَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ، وَالْآلَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الدَّاخِلِ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لَهَا.
[فَصْلٌ اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ أَوْ فِي صَبْغِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ]
(فَصْلٌ) .
لَوْ (اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ أَوْ فِي صَبْغِهِ بِصِبْغٍ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَقَصَرَهُ أَوْ صَبَغَهُ وَانْفَرَدَ) بِالْيَدِ (فَتَلِفَ فِي يَدِهِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِهِ (بَعْدَ الْقِصَارَةِ وَالصَّبْغِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ) كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ فِي مَسْأَلَتِهَا عَيْنٌ (لَا إنْ) لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ (عَمِلَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ حَتَّى تَلِفَ) فَلَا تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ فِيهِ مُسَلَّمًا أَوَّلًا فَأَوَّلًا (فَإِنْ أَتْلَفَهُ) وَانْفَرَدَ بِالْيَدِ (ضَمِنَهُ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ مَصْبُوغٍ مَعَ الصِّبْغِ) وَسَقَطَتْ أُجْرَتُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ ضَمِنَهُ مَقْصُورًا أَوْ مَصْبُوغًا وَلَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ (وَمَتَى أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) وَانْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ (فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) لِلْإِجَارَةِ كَمَا فِي إتْلَافِهِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لَهُ (قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ (مَقْصُورًا أَوْ مَصْبُوغًا وَإِنْ فَسَخَ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَطَالَبَ) هُوَ (الْأَجْنَبِيَّ بِقِيمَتِهِ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ مَصْبُوغٍ مَعَ بَدَلِ الصِّبْغِ) وَلِلْأَجِيرِ تَغْرِيمُ الْأَجْنَبِيِّ أُجْرَةَ الْقِصَارَةِ أَوْ الصِّبْغِ فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِصِبْغِ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَصْبُغَ بِصِبْغِ نَفْسِهِ فَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ تَسْقُطُ قِيمَةُ الصِّبْغِ.
(فَرْعٌ لَوْ قَصَرَ الثَّوْبَ ثُمَّ جَحَدَهُ) ثُمَّ أَتَى بِهِ (اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ أَوْ جَحَدَهُ ثُمَّ قَصَرَهُ لَا لِنَفْسِهِ) بَلْ لِجِهَةِ الْإِجَارَةِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ أَتَى بِهِ (اسْتَقَرَّتْ) أَيْضًا وَمَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ سَقَطَتْ) لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَرَفَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ لِنَفْسِهِ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْمَنَافِعِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَعْيَانِ وَهُوَ لَوْ قَالَ أَطْعِمْنِي هَذَا فَأَطْعَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا فَأَسْكَنَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ عَبْدًا إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ الْعَرَّافِ لَا يَسْتَحِقُّونَهَا وَقَدْ فَاتَتْ مَنَافِعُهُمْ بِتَفْوِيتِهِمْ إيَّاهَا وَلِلْأَئِمَّةِ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً وَلَمْ يَقُولُوا: وَلَا سُمِّيَتْ لَهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ وَلَا الضَّمَانَ فَإِنَّ السُّكُوتَ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَهُوَ عِلْمٌ وَزِيَادَةٌ وَمَالِكُ الدَّابَّةِ بِسَبِيلٍ مِنْ إلْقَاءِ الْمَتَاعِ قَبْلَ تَسْيِيرِهَا بِخِلَافِهِ فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ غَاصِبٌ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِحَيْثُ إنَّهُ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يُسَيِّرْهَا بِخِلَافِ وَاضِعِ مَتَاعِهِ عَلَى الدَّابَّةِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لَهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ مَتَاعِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) كَأَعْرِفُ حَقَّكَ أَوْ أُجْرَتُهُ مَعْلُومَةٌ، أَوْ مُقَدَّرَةٌ أَوْ قَدِّرْ أُجْرَتَهُ.
[فَرْعٌ مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْآلَةِ لَا ثَمَن الْمَاء]
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي إتْلَافِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فَإِيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَجِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ لِلْمَنْفَعَةِ، وَصَاحِبَ الثَّوْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي لِلْمَنْفَعَةِ وَإِذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الثَّوْبَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ الْقِصَارَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ كَمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ وَإِذَا سَقَطَتْ رَجَعَ الْأَجِيرُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَالْمَبِيعُ هُنَا هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الْقِصَارَةُ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَجِيرِ تَغْرِيمُ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَصَرَ الْأَجِيرُ الثَّوْبَ ثُمَّ جَحَدَهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ]
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ سَقَطَتْ) وَهَذَا قِيَاسُ الْمَنْقُولِ فِي الْجَعَالَةِ فِيمَا إذَا عَاوَنَ الْعَامِلَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْمَالِكِ أَوْ لِلْعَامِلِ فَإِنْ قَصَدَ مُعَاوَنَةَ الْعَامِلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ كُلَّ الْجُعْلِ وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ، وَالْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ قَدْ اشْتَرَكَا فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ.
(تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَاهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْحَائِطَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ بِلَا خِلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَارَةِ حَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا.